منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية- الأميركية على إيران، لم تتوقف النقاشات الإسرائيلية حول ما حقّقته هذه الحرب في ما يتعلّق ببرنامجي إيران النووي والصاروخي، حيث شكلت الحرب نقطة تحوّل استراتيجية في مواجهة التهديد النووي الإيراني، من وجهة النظر الإسرائيلية، وحيث لم تقتصر الحرب على إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية فحسب، بل كشفت أيضاً عن قدرات إيران الحقيقية (خاصة الصاروخية) في مقابل حدود منظومة الردع التي راهنت عليها إيران سابقاً في مواجهة إسرائيل.
على الرغم من "اختفاء" أثر الحرب، سياسةً وممارسةً، عن مركز الجدل في إسرائيل، على تضرّر العمّال والموظّفين بشكل مباشر منها، والمساس بالحقوق الاجتماعية الاقتصادية لشرائح واسعة من المواطنين، فغالباً ما تُكشف المعطيات في أوقات لاحقة عن حجم الضرر، وهو كبير كما يتّضح.
فبحسب معطيات أخيرة نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، تم إخراج 294 ألف عامل وموظّف عموماً من أصل 465 ألف معطّل عن العمل إلى إجازة غير مدفوعة الأجر (إجازة قسرية) على خلفية الحرب ولا سيما مع إيران. هؤلاء شكّلوا 63.2% من معدل البطالة الواسع في شهر حزيران، مقابل 7.8% في الشهر الذي سبقه.
جزم الصحافي الإسرائيلي جدعون ليفي ("هآرتس"، 20/7/2025) بأنه للمرة الأولى منذ شنّ الحرب العدوانية على قطاع غزة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بات من الواضح أن لإسرائيل خطة تطهير عرقي بعيدة المدى، وأن رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع زار، الأسبوع الماضي، واشنطن لمناقشة "إجلاء" سكان غزة، فيما كشف الصحافي باراك رافيد عن أن برنياع قال لمحدّثيه إن إسرائيل بدأت فعلاً محادثات مع ثلاث دول في هذا الشأن. وبوسع هذا الجزم أن يكشف النقاب عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إقامة ما توصف بأنها "مدينة إنسانية" في جنوب القطاع، وجرى اعتبارها بحق أنها معسكر اعتقال يتم في المرحلة الأولى نقل عدد كبير من سكان القطاع إليه لتمكين تنفيذ عملية الترحيل بفاعلية في وقت لاحق.
تتوالى الهزّات على حكومة بنيامين نتنياهو، بمصدرها الوحيد، كتلتا اليهود الحريديم، وبقضية واحدة وحيدة: قانون فرض الخدمة العسكرية على الشبان الحريديم. فرغم إعلان كتلة يهدوت هتوراة الانسحاب من الحكومة والائتلاف، وإعلان شاس لاحقا، الانسحاب من الحكومة، وليس الائتلاف، إلا أن الكتلتين، وبالذات يهدوت هتوراة، لم تعلنا نيتهما التوجه لانتخابات مبكرة، إلا أن أعمال الائتلاف، من باب سن القوانين التي يسعى لها، معطّلة، تقريباً، منذ بدء الدورة الصيفية. وحالة الضبابية تتكثف في الحلبة البرلمانية، ونتنياهو آخر من يريد انتخابات مبكرة، نظراً لسلسلة مخاطرها عليه، إلا أنه في ذات الوقت أمامه معارضة ليست منتظمة، حتى الآن، فهل يستغل الوضع القائم، ويبادر بنفسه لحل الحكومة والكنيست؟ رغم ضُعف هذه الفرضية حاليا، لكنها تبقى عامل مفاجأة وارداً.
الصفحة 2 من 901