مع تواتر الحديث عن الانتخابات الإسرائيلية العامة المقبلة وما يمكن أن تؤول إليه من نتائج تؤثر في المشهد السياسي العام، نرى من الواجب أن نشير إلى مسألتين تكمن فيهما دلائل قوية على أن اليمين في إسرائيل حاز على موطئ قدم ثابت، بحيث أنه من غير المبالغة القول إنه من المرجّح أن يستمر في احتلال موقع قوي خلال الأعوام القليلة المقبلة.
ثمة أمران يستحقان المتابعة من الآن فصاعداً في إثر وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتنفيذ صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، بناء على الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفيها ما ينطوي على احتمال إنهاء الحرب، كما لا يني يردّد، صباحاً مساءً.
هذان الأمران هما: الأول، أن واشنطن هي من حسمت في نهاية المطاف وقف إطلاق النار؛ الثاني، أن وضع إسرائيل الدولي بات يوحي أكثر فأكثر بأنها دولة معزولة وربما منبوذة، وفيما يخص المستجد المتعلق بالقضية الفلسطينية الذي من شأنه أن يترتب على تصاعد هذا الوضع الدولي، فإنه قد يشي بالدفع قدماً بسيرورة تدويل الصراع.
لوحظ على هامش ردّات الفعل على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخراً والتي قال فيها إن "إسرائيل ستكون إسبارطة، سوبر- إسبارطة" ومنفصلة عن العالم، أن ثمة من أعاد التذكير بأنها هي "سوبر- إسبارطة" فعلاً من نواح عدة، حتى قبل آخر المستجدات المرتبطة بتطوّرات حرب الإبادة والتدمير الشامل التي تشنها على قطاع غزة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
مع استمرار ما يوصف في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه توغّل الجيش الإسرائيلي البرّي في قلب مدينة غزة، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق ترمي إلى احتلال المدينة، وهو التوغّل الذي تشارك فيه فرقتان نظاميتان، ومن المتوقع أن تنضم إليهما فرقة أُخرى لاحقاً بينما تنتشر فرقتان إضافيتان في وضعية دفاعية، يُلاحظ أن تركيز معظم وسائل الإعلام هذه، ولا سيما محلليها العسكريين، هو على ما يلي:
تزداد في الآونة الأخيرة التقديرات في إسرائيل التي تتوقع أن تنحو العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة في اتجاه اتساع الشرخ وأزمة آخذة في التفاقم على خلفية آخر المستجدات ولا سيما الحرب على غزة والتي اتسمت بأنها حرب متعددة الجبهات آلت، من ضمن أمور أخرى، إلى اندلاع أول مواجهة عسكرية مع إيران.
ترجّح آخر التقارير والتحليلات الإسرائيلية، وخصوصاً من جانب المحللين والمراسلين العسكريين، أن يشهد شهر أيلول الحالي تطوريْن دراماتيكييْن فيما يتعلّق بسيرورة الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023:
التطوّر الأول، مضاعفة إسرائيل حدّة القتال في مدينة غزة، تمهيداً لقيام الجيش الإسرائيلي باحتلال المدينة، بناءً على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت).
الصفحة 1 من 51