أظهرت تطورات الأيام الأخيرة، على صعيد عمل حكومة بنيامين نتنياهو، أن الأخير استطاع تجاوز عقبتي قانون تجنيد شبان الحريديم، بشكل يرضي كتلتي شاس ويهدوت هتوراه، وميزانية العام المقبل، حتى وإن هذه الميزانية ستكون متأخرة، ولكن في إطار ما يسمح به القانون، لمنع حل الكنيست مبكرا، وهذا ما يجعل نتنياهو قادرا على إتمام ولايته البرلمانية كاملة، لأول مرة منذ العام 1988، وليكسر كل الرهانات على انتخابات مبكرة، التي انطلقت بعد أشهر قليلة من تشكيل حكومته، في نهاية العام 2022، ما يعني أن الانتخابات البرلمانية ستجري في موعدها القانوني، نهاية تشرين الأول 2026، إلا إذا قرر نتنياهو تقديم موعدها، لحسابات الربح والخسارة، لتجري بين حزيران ومطلع تموز المقبلين، لكن كما يتضح من الوضع القائم، فإن القرار والخيوط ما تزال بيد نتنياهو.
في السنة التي أعقبت الحرب الإسرائيلية على لبنان، شهد لبنان تحوّلات سياسية وأمنية لافتة، وتحولت إلى مادة للبحث والرصد إسرائيلياً، خاصة مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان على المستويات المختلفة، وقد استعرضنا في مساهمات سابقة ضمن ملحق "المشهد الإسرائيلي" جزءاً كبيراً من أبرز الدراسات والتقارير التي تناولت الوضع اللبناني الداخلي وموازين القوى، وقدرات حزب الله واستراتيجياته المتوقعة في ظل مرحلة انتقالية يمرّ بها لبنان منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وبروز قيادة لبنانية جديدة تسعى لنزع سلاح حزب الله وتعزيز نفوذ الدولة. هذه المساهمة تستعرض تقريراً موسّعاً بعنوان "عام على وقف إطلاق النار: هل تغير لبنان حقاً؟" من إعداد أورنا مزراحي وموران لفنوني لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب.
في مؤتمر "أسبوع السايبر" في جامعة تل أبيب بتاريخ 11 كانون الأول 2025، أدلى رئيس جهاز الشاباك الأسبق رونين بار بتصريح نادر، إذ قدّم فيه سرديته الخاصة لأحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأوضح بار أنّه في ذلك الصباح المروّع، وعلى المستويات الشخصية والتنظيمية، "رفع الشاباك رأسه وانطلق إلى الحرب على جميع الجبهات"، مشيراً إلى أنّ عناصر الجهاز "قاتلوا وخاطروا بحياتهم، وأخلوا المدنيين تحت النار، وقادوا عمليات إنقاذ غير مسبوقة، وقضوا على المهاجمين، ووفوا بالعهد الذي قطعوه".
على ما يبدو، هناك توتر سياسي– مائي جديد بين الأردن وإسرائيل بعد إبلاغ عمّان رسمياً بأن إسرائيل لن تلتزم بضخ الحصة السنوية المتفق عليها من المياه، والمقدّرة بنحو 50 مليون متر مكعب سنوياً، والمنصوص عليها في اتفاقية السلام وملحقات المياه منذ العام 1994. حسب صحيفة "معاريف"، وهي الوحيدة التي أوردت الخبر، تبرّر إسرائيل موقفها بعدم القدرة التقنية على تحلية المياه وضخّها بالكلفة المتفق عليها سابقاً، فيما يرفض الأردن هذا التفسير، ويُبدي استعداداً لإعادة التفاوض حول التسعير. بيد أن القضية ليست تفاوضية تقنية، وإنما تعبر على اختلال في موازين القوى بين البلدين، وتنطوي على هيمنة إسرائيلية شرق- أوسطية لا بد من توضيحها.
كتب الصحافي المهتم في شؤون البيئة وعلاقتها بالسياسات والنظام العالمي، نير حسون، في جريدة "هآرتس" الشهر الفائت، أن سنة 2025 قد تسجّل تحديداً كسنةٍ "أعفت فيها حكومة إسرائيل نفسها كلياً من سياسة المناخ، بالرغم من كل إشارات التحذير الواضحة". وعدّد أمثلة على أحداث الطقس المتطرّف في الأشهر السابقة: مطر استثنائي جداً بالقرب من نهاريا بلغ 100 ملم خلال ساعتين؛ وهذا بعد موجة حرّ شديدة حطّمت أرقاماً قياسية تاريخية؛ سيول غير مسبوقة في أيار وهذا بعد أن اندلعت في نيسان حرائق هائلة؛ وهذا أيضاً بعدما انتهى في آذار أحد أكثر مواسم الأمطار جفافاً التي سُجّلت على الإطلاق.
منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشهد الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية تدهوراً حاداً في نوعية وكمية الطعام المقدم لهم، إلى درجة وصفتها المنظمات الحقوقية الإسرائيلية بأنها "تجويع ممنهج". أحد المعتقلين الإداريين في سجن النقب، على سبيل المثال، هبط وزنه من 130 كغم إلى نحو 60 كغم في شهور قليلة، فيما أفاد محامون بأنهم التقوا أسرى انخفض وزنهم إلى أقل من 49 كغم. لا تشير سياسات التجويع بحق الأسرى الفلسطينيين إلى مجرد ردة فعل انتقامية على هجوم 7 أكتوبر، وانما ترتقي إلى أداة لتفكيك الحركة الأسيرة تنظيمياً، إذ أن خفض كميات الطعام إلى ما دون الحاجات الفيزيولوجية يساهم في تفكك الجماعة، وينتج أفراداً منهكين، يغلبون "صراع البقاء" الفردي على النضال الجمعي، وبالتالي يسهل إخضاعهم سياسياً.
الصفحة 1 من 361