يبدو أن هناك شبه تسليم في إسرائيل بأن هناك اتفاقاً آخذاً بالتبلور بين الولايات المتحدة وإيران، بحسب ما يرد تباعاً في أغلب التحليلات الإسرائيلية بشأن جولات المفاوضات التي جرت بين مندوبي الدولتين حتى الآن في كل من سلطنة عُمان وإيطاليا. ووفقاً لما يكتبه محللون إسرائيليون مقربون من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فعلى الرغم من أن المحادثات لا تزال في بدايتها إلا إن "حماسة الطرفين غير محدودة، ويبدو أنهما مصممان على التوصل إلى اتفاق. وعندما يندفع كلاهما نحو الاتفاق بهذه السرعة، قد ينتهي بهما الأمر إلى التوصل إليه فعلاً" ("يسرائيل هيوم"، 27/4/2025).
وفي سبيل أن نضع القراء في سياق الموقف الإسرائيلي بمختلف جوانبه، يتعيّن أن ننوّه بما يلي:
تراكمت في الأيام الأخيرة تقديرات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي، فإن كان منها انعكاس للتأثيرات العالمية، وخاصة الحرب الجمركية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيبقى الأساس هو انعكاس استمرار الحرب على الاقتصاد، إذ قالت تقديرات أولية في بنك إسرائيل المركزي إن كلفة استئناف الحرب على قطاع غزة ستصل إلى 40 مليار شيكل (قرابة 11 مليار دولار) وهذا من شأنه أن يرتفع إذا امتدت الحرب حتى نهاية العام. وبموازاة ذلك فإن المحللين الاقتصاديين يتوقعون أن تستأنف كلفة المعيشة ارتفاعها، وأن يتجاوز الغلاء (التضخم المالي) حدود التوقعات لهذا العام.
تعكس الهجمة التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والرامية لإقالة رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، وقبل ذلك تعيين إيال زامير رئيساً جديداً لهيئة أركان الجيش وسط اتهامات للأخير بقربه من نتنياهو، إلى جانب الصدام العنيف مع المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف- ميارا، نية واضحة لتطويع أجهزة الدولة لخدمة مصالح شخصية وسياسية ضيّقة تخدم أجندة اليمين ونتنياهو بحسب معارضيه. في ضوء ذلك، يبرز السؤال في إسرائيل حول قدرة اللجان المختلفة والأجهزة القضائية على الحفاظ على "مهنية" و"نزاهة" عمليات التعيين لا سيّما في المناصب الأمنية والعسكرية والتي تحوّلت مؤخراً لساحة مركزية للصراع على مستقبل النظام السياسي ومؤسسات الدولة المختلفة.
تبذل الحكومة الإسرائيلية، بالتنسيق مع مجالس المستوطنات والمنظمات الاستيطانية، جهوداً حثيثة لتكثيف الوجود الاستيطاني في الضفة الغربية، وذلك من خلال توسيع المستوطنات القائمة، وإنشاء بؤر جديدة، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية داعمة. وتندرج هذه التحركات ضمن إطار هدف استراتيجي معلن يتمثل في رفع عدد المستوطنين في الضفة إلى مليون مستوطن، بما يعزز من السيطرة الديمغرافية، والسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
الصفحة 1 من 885