تحاول أبواق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ربط استمرار الحرب على غزة وفي جبهات أخرى بعوامل تحيل إلى فوائد جمّة على المستوى البعيد، كي تبعد عنها بالأساس شبهة المصالح السياسية والشخصية لنتنياهو خصوصاً واليمين الإسرائيلي المتطرّف عموماً. وفي هذا السياق يمكن مصادفة أمور يتم تداولها باعتبارها حقائق لا يمكن الخروج عن سلطتها. وهو ما حاول أن يسوّقه وزير الطاقة والبنى التحتية إيلي كوهين ضمن مقال بعنوان "خط الطاقة الجديد: كيف تعزّز الحرب مكانة إسرائيل في المنطقة" ("معاريف"، 27/3/2025).
في 20 آذار 2025، أعلن بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي سيطر على محور جديد في قطاع غزة، أطلق عليه اسم «محور موراغ». ووصف نتنياهو هذا المحور بأنه سيكون بمثابة «محور فيلادلفيا الثاني»، ما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى لإحكام السيطرة المكانية على القطاع، مستعيداً بذلك تجربة الاحتلال العسكري السابقة (1967-2005). تستعرض هذه المقالة تاريخ «محور موراغ»، وتناقش دلالاته الاستعمارية من حيث تعزيز السيطرة على سكان القطاع وتسهيل التوسع الاستيطاني، وربما تسهيل مشروع التهجير.
اختتم الكنيست الإسرائيلي في 31 آذار الماضي دورته الشتوية، التي امتدت لأكثر من 5 أشهر، وكانت دورة برلمانية أخرى في ظل الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، وإن تخللها وقف لإطلاق النار لمدة 90 يوما، فإنه في اليوم التالي لبدء وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، بدأ التصعيد ضد مناطق الضفة الغربية، وهذا كله استمر في انعكاسه على أجواء العمل السياسي والبرلماني في الكنيست.
منذ حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في أعقاب الهجوم المباغت يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تواجه المؤسسة العسكرية أزمة غير مسبوقة في تاريخها، إذ لا تقتصر خسائرها البشرية على القتلى والجرحى فحسب؛ بل امتدت لتطاول النموذج التقليدي للجيش الإسرائيلي باعتباره "جيش الشعب"، الذي طالما حظي بشرعية سياسية وإجتماعية داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث تحولت الخدمة العسكرية، وخدمة الاحتياط على وجه الخصوص، إلى موضع رفض وتململ. فيما يرى مراقبون اسرائيليون أن هذا الرفض يكشف عن تصدّع شامل في العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين إسرائيل ومواطنيها لعقود طويلة.
الصفحة 4 من 885