قبل إقدام إسرائيل أمس الأحد (23/11/2025) على اغتيال رئيس أركان حزب الله، هيثم علي الطبطبائي (السيد أبو علي)، الذي كان يقود برأيها جهوداً لتعزيز الحزب وإعادة تسليحه، سادت في الكثير من التحليلات الإسرائيلية تقديرات فحواها أن إسرائيل تستعد لاستئناف الحروب على قطاع غزة ولبنان وإيران. وبحسب ما كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مثلاً فإن إسرائيل في حالة وقف إطلاق نار مع حركة حماس في قطاع غزة، ومع حزب الله في لبنان، ولكن على الورق فقط (23/11/2025).
قال عضو الكنيست نيسيم فاتوري (الليكود)، خلال جلسة عامة في الكنيست الإسرائيلي يوم 12 تشرين الثاني الحالي، إنّ مئير كهانا كان على حقّ في كثير من الأمور التي أخطأ فيها شعب إسرائيل، وكذلك "أخطأ قادة حزب الليكود حين أقصوه". وأضاف فاتوري، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الكنيست: "لو كان كهانا حياً اليوم لكان اعتُبر قدّيساً، وربما نال "جائزة إسرائيل".
وأثارت تصريحاته جدلاً واسعاً، واتهم عضو كنيست من حزب "يوجد مستقبل" حزب الليكود بأنه تحوّل إلى فرع بائس من حركة "كاخ". وهي الحركة التي أسسها مئير كهانا، وتم حظرها في العام 1988 ومنعت من خوض انتخابات الكنيست الثانية عشرة بعد أن تقرر أن أهدافها عنصرية. كما أن كهانا نفسه أُدين بمخالفات تتعلق بالإرهاب في كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة.
يمكن إعادة أبرز تحسّبات إسرائيل، ولا سيما أطياف اليمين فيها، من انتخاب زهران ممداني رئيساً لبلدية نيويورك يوم 4 تشرين الثاني الحالي إلى الأسباب التالية: أولاً، يُنظر إلى ممداني كجزء من صعود تيّار تقدمي ينتقد إسرائيل داخل الولايات المتحدة. ثانياً، كل تقدّم انتخابي لهذا التيار يُقرأ في إسرائيل باعتباره إشارة إلى تحوّل في المزاج الأميركي العام. ثالثاً، نجاح ممداني في استقطاب الكثير من يهود نيويورك من حوله يُنظر إليه كنجاح في تفكيك "التضامن اليهودي العالمي" على قاعدة "الارتباط بإسرائيل".
مع تواتر الحديث عن الانتخابات الإسرائيلية العامة المقبلة وما يمكن أن تؤول إليه من نتائج تؤثر في المشهد السياسي العام، نرى من الواجب أن نشير إلى مسألتين تكمن فيهما دلائل قوية على أن اليمين في إسرائيل حاز على موطئ قدم ثابت، بحيث أنه من غير المبالغة القول إنه من المرجّح أن يستمر في احتلال موقع قوي خلال الأعوام القليلة المقبلة.
ثمة أمران يستحقان المتابعة من الآن فصاعداً في إثر وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتنفيذ صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، بناء على الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفيها ما ينطوي على احتمال إنهاء الحرب، كما لا يني يردّد، صباحاً مساءً.
هذان الأمران هما: الأول، أن واشنطن هي من حسمت في نهاية المطاف وقف إطلاق النار؛ الثاني، أن وضع إسرائيل الدولي بات يوحي أكثر فأكثر بأنها دولة معزولة وربما منبوذة، وفيما يخص المستجد المتعلق بالقضية الفلسطينية الذي من شأنه أن يترتب على تصاعد هذا الوضع الدولي، فإنه قد يشي بالدفع قدماً بسيرورة تدويل الصراع.
لوحظ على هامش ردّات الفعل على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخراً والتي قال فيها إن "إسرائيل ستكون إسبارطة، سوبر- إسبارطة" ومنفصلة عن العالم، أن ثمة من أعاد التذكير بأنها هي "سوبر- إسبارطة" فعلاً من نواح عدة، حتى قبل آخر المستجدات المرتبطة بتطوّرات حرب الإبادة والتدمير الشامل التي تشنها على قطاع غزة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
الصفحة 1 من 52