على ما يبدو، هناك توتر سياسي– مائي جديد بين الأردن وإسرائيل بعد إبلاغ عمّان رسمياً بأن إسرائيل لن تلتزم بضخ الحصة السنوية المتفق عليها من المياه، والمقدّرة بنحو 50 مليون متر مكعب سنوياً، والمنصوص عليها في اتفاقية السلام وملحقات المياه منذ العام 1994. حسب صحيفة "معاريف"، وهي الوحيدة التي أوردت الخبر، تبرّر إسرائيل موقفها بعدم القدرة التقنية على تحلية المياه وضخّها بالكلفة المتفق عليها سابقاً، فيما يرفض الأردن هذا التفسير، ويُبدي استعداداً لإعادة التفاوض حول التسعير. بيد أن القضية ليست تفاوضية تقنية، وإنما تعبر على اختلال في موازين القوى بين البلدين، وتنطوي على هيمنة إسرائيلية شرق- أوسطية لا بد من توضيحها.
كتب الصحافي المهتم في شؤون البيئة وعلاقتها بالسياسات والنظام العالمي، نير حسون، في جريدة "هآرتس" الشهر الفائت، أن سنة 2025 قد تسجّل تحديداً كسنةٍ "أعفت فيها حكومة إسرائيل نفسها كلياً من سياسة المناخ، بالرغم من كل إشارات التحذير الواضحة". وعدّد أمثلة على أحداث الطقس المتطرّف في الأشهر السابقة: مطر استثنائي جداً بالقرب من نهاريا بلغ 100 ملم خلال ساعتين؛ وهذا بعد موجة حرّ شديدة حطّمت أرقاماً قياسية تاريخية؛ سيول غير مسبوقة في أيار وهذا بعد أن اندلعت في نيسان حرائق هائلة؛ وهذا أيضاً بعدما انتهى في آذار أحد أكثر مواسم الأمطار جفافاً التي سُجّلت على الإطلاق.
تتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى اللقاء الذي من المتوقع أن يعقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في الولايات المتحدة قبل نهاية شهر كانون الأول الحالي، والذي أعلن أنه سوف يُخصّص لمناقشة المرحلة التالية من الاتفاق بشأن قطاع غزة.
وبحسب ما نُشر في موقع "أكسيوس" الأميركي، وما نشره المحلل السياسي الإسرائيلي باراك رافيد أيضاً في موقع قناة التلفزة الإسرائيلية 12 (ورافيد على صلة وثيقة بمصادر البيت الأبيض)، قال ترامب لنتنياهو في مكالمة هاتفية جرت بينهما الأسبوع الفائت إنه يتوقع منه "أن يكون شريكاً أفضل في ملف غزة".
منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشهد الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية تدهوراً حاداً في نوعية وكمية الطعام المقدم لهم، إلى درجة وصفتها المنظمات الحقوقية الإسرائيلية بأنها "تجويع ممنهج". أحد المعتقلين الإداريين في سجن النقب، على سبيل المثال، هبط وزنه من 130 كغم إلى نحو 60 كغم في شهور قليلة، فيما أفاد محامون بأنهم التقوا أسرى انخفض وزنهم إلى أقل من 49 كغم. لا تشير سياسات التجويع بحق الأسرى الفلسطينيين إلى مجرد ردة فعل انتقامية على هجوم 7 أكتوبر، وانما ترتقي إلى أداة لتفكيك الحركة الأسيرة تنظيمياً، إذ أن خفض كميات الطعام إلى ما دون الحاجات الفيزيولوجية يساهم في تفكك الجماعة، وينتج أفراداً منهكين، يغلبون "صراع البقاء" الفردي على النضال الجمعي، وبالتالي يسهل إخضاعهم سياسياً.
الصفحة 2 من 925