شهدت وتيرة التسليح في المجتمع الإسرائيلي تصاعداً ملحوظاً عقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لا سيما في أوساط المستوطنين في الضفة الغربية. كما أن ذلك ليس حكراً على المؤسسات الأمنية، كوزارة الأمن القومي أو الجيش الإسرائيلي فقط، بل ثمّة دعم مباشر من منظمات صهيونية فاعلة في الولايات المتحدة وأوروبا. وفي هذا السياق، تحوّلت وحدات / فرق التأهب المنتشرة في عشرات المستوطنات إلى ركن مركزي في المشهد الأمني الاستيطاني، إذ أنها تخضع لتدريبات قتالية، وتُجهَّز بأسلحة متقدمة، وكان آخرها بنادق قنص دقيقة من طراز جلبوع “DMR” ، فضلاً عن أجهزة اتصال ومراقبة ليلية.
تهدف هذه المساهمة إلى تسليط الضوء على فرق التأهب وأنواع الأسلحة التي يتلقّاها المستوطنون، والدوافع الكامنة وراء هذا الاتجاه، إضافةً إلى أبرز جمعية داعمة لهذا المسار، وكذلك الشركات والمؤسسات التي تتولى مسؤولية تدريب فرق التأهب.
ما زال الخلاف في المنظومة السياسية الإسرائيلية قائماً وحادّاً بشأن إقامة لجنة تحقيق رسمية حول أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وقد عاد ليشتعل مرة أخرى في جلسة أخيرة للجنة رقابة الدولة في الكنيست، والتي انعقدت "للاستماع إلى تقرير مراقب الدولة حول أنشطة مكتبه بما يخص حرب السيوف الحديدية"، كما جاء في بيانها.
تحدث رئيس اللجنة عضو الكنيست ميكي ليفي ("يوجد مستقبل") في بداية الجلسة عن "توقعات الجمهور العريض" لإقامة لجنة تحقيق رسمية، فقال: "إن معظم مواطني دولة إسرائيل يطالبون بتلقي إجابات وهم يستحقون الحصول عليها. ولكن أكثر من ذلك، هم يطالبون بمحاسبة المسؤولين". وعن وجهة نظره الشخصية قال: "في ضوء الكارثة الكبيرة التي حلت بنا في ذلك السبت الأسود فإن الحرب الطويلة التي ما زلنا في خضمها، وتداعيات هذه الأحداث على مواطني دولة إسرائيل، لا يمكنها أن تمر من دون إجراء تحقيق جدي، مباشر وصارم. وإن الأداة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف هي لجنة تحقيق رسمية".
مع استمرار الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن القدرة على إطاحة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تتألف، بحسب أوصاف عديد من المحللين، من "قيادة جامحة لا تعرف حدودها"، ومن "سياسيين متعطشين إلى السلطة نسوا لمصلحة مَن يعملون"، برزت على السطح مرة أخرى مسألة البديل المطروح من ناحية الجوهر.
وثمة تقديرات، سوف تبدي الأيام المقبلة ما إذا كانت صحيحة أم لا، بأن إسرائيل تقترب من تفكُّك الحكومة، ومن ثمّ التوجه إلى انتخابات جديدة. وهناك من يؤكد أن امتداد الحرب على قطاع غزة، إلى جانب الدفع قدماً بقانون الإعفاء من الخدمة العسكرية لمصلحة اليهود الحريديم المتشددين دينياً، يخلطان الأوراق، وهما من المؤشرات إلى أن الانتخابات باتت خطوة لا مفرّ منها.
قالت تقديرات اقتصادية إسرائيلية، في الأسبوع الماضي، إن قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع نطاق الحرب على قطاع غزة، واستدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، سيُكلف الخزينة العامة ما بين 15 مليار إلى 25 مليار شيكل (4.2 مليار إلى 7 مليارات دولار)، وهذا فقط للفترة القريبة، وهناك من حددها بثلاثة أشهر، وهذه التقديرات لا تشمل النية بإعادة احتلال قطاع غزة، ومكوث الجيش فيه فترة غير محددة. وهذا ما سيتطلب إعادة فتح ميزانية العام الجاري 2025، ولربما اتخاذ قرارات بزيادة ضرائب، وزيادة العجز في الموازنة العامة، وكل هذا يثير قلق أوساط اقتصادية بشأن النمو الاقتصادي، الذي قد يتضرر بقدر أكبر.
الصفحة 2 من 889