المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه فوق قطر، حيث كان ملقى على رصيف في 23 حزيران الجاري. (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 25
  • ياسر مناع

مع انطلاق الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر يوم الجمعة 13 حزيران 2025، برزت مجموعة من السيناريوهات المحتملة لتطورات الحرب، كان أبرزها احتمال قيام إيران باستهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة. وهذا ما تحقق بالفعل بعد أن استهدفت إيران قاعدة "العديد" الأميركية في قطر يوم 23 حزيران 2025 في أعقاب الهجوم الأميركي فجر الأحد 22 حزيران على المفاعلات النووية الإيرانية. هذا السيناريو الذي لطالما حذّرت منه الولايات المتحدة في حال انخراطها المباشر في أي مواجهة مع طهران. وتجدر الإشارة إلى أن إيران سبق لها أن استهدفت سابقاً قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، رداً على اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في 3 كانون الثاني 2020 في العراق بضربة جوية نفذتها الولايات المتحدة.

تعرض هذه المساهمة مقالاً كانت قد نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بتاريخ 18 حزيران 2025[1] يتناول أبرز القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، مستعرضاً بعض التفاصيل المتاحة عنها. يظهر من هذا المقال أن الولايات المتحدة تدير بنية عسكرية متشعبة في المنطقة، تتوزع على عدد من القواعد الجوية والبحرية والبرية، تشكّل مجتمعة ركيزة استراتيجية حيوية لأي تحرك عسكري أميركي محتمل في السياق الإقليمي أو العالمي.

الحضور العسكري الأميركي في الشرق الأوسط: أرقام وانتشار

تفيد التقديرات بأن الولايات المتحدة تحتفظ بما يقارب  46  ألف جندي في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب أسطول متنوع من السفن الحربية والطائرات المقاتلة، بعضها حديث النشأة والبعض الآخر سبق أن شارك في حروب ومعارك إقليمية. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض يصرّ رسمياً على أن تموضع الجيش الأميركي في المنطقة يندرج ضمن إطار "الوضعية الدفاعية"، إلا أن واقع الانتشار يعكس تعزيزاً واضحاً للوجود العسكري، يمتد على ما لا يقل عن 19 موقعاً عسكرياً، من بينها ثماني قواعد دائمة تُعد ركيزة للبنية الاستراتيجية الأميركية في المنطقة.

تحركات عسكرية سابقة للهجوم الأميركي

في الفترة التي سبقت الضربة الأميركية الأخيرة ضد إيران، عملت وزارة الدفاع الأميركية على تحشيد قدرات جوية متقدمة، شملت إرسال عشرات طائرات التزود بالوقود من طراز بوينغ KC-135 ستراتوتانكر إلى مواقع مختلفة في الشرق الأوسط. كما تم نشر ما لا يقل عن 12 طائرة مقاتلة من طراز F-15 وF-35، بالتزامن مع تحرك حاملة الطائرات  USS Nimitz، التي كان من المقرر أن ترسو في فيتنام، لكنها غادرت بحر الصين الجنوبي يوم الإثنين لتلتحق بحاملة الطائرات USS Carl Vinson، المتواجدة أصلاً في المنطقة.

وتتوزع القواعد العسكرية الأميركية الواردة في المقال على عدد من المواقع الاستراتيجية في المنطقة، وهي على النحو التالي:

أولاً: قاعدة سلاح الجو "العديد" – قطر

تُعدّ هذه القاعدة أكبر منشأة عسكرية تمتلكها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وقد أُنشئت في أواخر حرب الخليج وتغطي مساحة تتجاوز 12 كيلومتراً مربعاً. تستضيف القاعدة نحو 11 ألف جندي، وتضم أكثر من مائة طائرة مقاتلة وقاذفات استراتيجية، وطائرات تزويد بالوقود، وأصول مخصصة للمراقبة والاستخبارات.

منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق، أصبحت القاعدة مركزاً رئيسياً للعمليات الأميركية والبريطانية في الخليج العربي. ووفقاً لوزارة الدفاع الأميركية، نُفّذت من هذه القاعدة الغالبية العظمى من العمليات الجوية التي استهدفت تنظيم "داعش".

تحتوي القاعدة على مدرجين طويلين للإقلاع والهبوط، يبلغ طول كل منهما نحو 3750 متراً، ما يجعلها قادرة على استقبال وتشغيل جميع أنواع الطائرات التابعة لسلاح الجو الأميركي. ومن بين الطائرات المتمركزة فيها: قاذفات استراتيجية من طراز  B-52، وطائرات تزويد بالوقود من طراز  KC-135، ومقاتلات F-15 وF-35، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة هجومية من طراز MQ-9.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة The Hill، استثمرت واشنطن خلال السنوات الأخيرة نحو 8 مليارات دولار في تحديث هذه القاعدة. من الناحية الرسمية، تحظر قطر استخدام قاعدة العديد لشن عمليات عسكرية ضد إيران، والتي سبق أن هددت باستهداف قواعد أميركية في المنطقة. ومع ذلك، تبقى قاعدة العديد موقعاً استراتيجياً مثالياً لأي عملية قد تقرر الولايات المتحدة تنفيذها ضد الجمهورية الإسلامية.

ثانياً:  قاعدة عين الأسد – العراق

يتمركز نحو 2,500 جندي أميركي إلى جانب جنود بريطانيين في قاعدة عين الأسد، التي استخدمتها الولايات المتحدة وقوات التحالف خلال حرب العراق. وكانت وكالة الأنباء "أسوشيتد برس" (AP) قد كشفت أن القاعدة تعرّضت يوم السبت الماضي لهجوم بطائرات مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من قبل ميليشيات موالية لإيران مدعومة من الحرس الثوري الإيراني. ورغم أن الطائرات المسيّرة قد تم اعتراضها، إلا أن القاعدة كانت مرشحة لتكون هدفاً لهجمات إضافية، في حال انضمام واشنطن إلى العملية العسكرية الإسرائيلية.

ثالثاًحاملة الطائرات  USS Nimitz

تم إلغاء مهمة حاملة الطائرات "نيميتز"، التي كان من المفترض أن ترسو في فيتنام في 20 حزيران، ووفقاً لمصدرين – أحدهما دبلوماسي – فإن سبب إلغاء المهمة لا يزال غير معروف. وقد أفاد أحد المصادر بأن السفارة الأميركية في هانوي أبلغته بأن الإلغاء جاء نتيجة لـ"طلب عملياتي عاجل".

ووفقاً لمواقع ترصد حركة السفن، فإن "نيميتز" كانت لا تزال تتجه غرباً يوم الإثنين. وتُعد حاملة الطائرات من طراز "نيميتز" من بين الأكبر في العالم، حيث تضم أكثر من 5,000 جندي وعضو طاقم. وبحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، فإن مجموعة القتال المرافقة لها تشمل تسع أسراب جوية وعدة سفن حربية.

رابعاً:  حاملة الطائرات  USS Carl Vinson

تتواجد حاملة الطائرات "كارل فينسون" حالياً في الشرق الأوسط، وتتمركز في خليج عدن بالبحر العربي جنوب اليمن، وقد شاركت في العديد من العمليات ضد المتمردين الحوثيين. وتعمل في المنطقة إلى جانب أربع سفن حربية تُعد جزءاً من مجموعة القتال التابعة لها. وإلى جانب السفن الحربية، تضم حاملة الطائرات تسع أسراب جوية، تشمل طائرات مقاتلة من طراز F-35C وF/A-18..

خامساً: "جزيرة القاذفات" – دييغو غارسيا

في شهر نيسان الماضي، أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى جزيرة دييغو غارسيا الواقعة وسط المحيط الهندي ست قاذفات من طراز  B-2، وهي طائرات تتمتع بقدرات شبحية. وتتمتع هذه القاذفات بقدرة على حمل أسلحة نووية، فضلاً عن قنبلة "مخترقة التحصينات" العملاقة التي تزن 12 طناً – وهي قنبلة طورتها الولايات المتحدة خصيصاً لضرب المنشآت النووية الإيرانية الواقعة تحت الأرض.

وفي صور أقمار صناعية التُقطت للجزيرة يوم الإثنين الماضي، ظهرت أربع قاذفات من هذا النوع، القادرة على حمل حمولة تصل إلى 18 طناً والطيران لمسافة تصل إلى 11,000 كيلومتر من دون الحاجة للتزود بالوقود. وتُعد هذه الطائرات الوحيدة في سلاح الجو الأميركي المصممة خصيصاً لحمل القنبلة العملاقة MOP (اختصاراً لـ Massive Ordnance Penetrator)، المعروفة أيضاً باسمها الرمزي GBU-57 –  وهي قنبلة تزن 12.3 طن، وتُعتبر على الأرجح الوسيلة الوحيدة المتاحة لتدمير المنشأة النووية الإيرانية في فوردو.

وفي الشهر الماضي، أرسل البنتاغون أيضاً طائرات مقاتلة إلى الجزيرة، التي تبعد نحو 4,000 كيلومتر عن إيران. وذكر مسؤول رسمي في القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ أن مقاتلات F-15 تم نشرها في الجزيرة "لتوفير الحماية للقوات"، من دون أن يحدد عدد الطائرات المشاركة. وفي وقت سابق من شهر آذار ، كشفت صور أقمار صناعية أن الجزيرة تضم أيضاً طائرات شحن من طراز C-17، إلى جانب طائرات تزويد بالوقود من طراز KC-135.

وفي نهاية الشهر نفسه، أعلنت الولايات المتحدة عن إرسال طائرات هجومية من طراز A-10 إلى الشرق الأوسط.

سادساً: معسكر عريفجان – الكويت

تُعرّف هذه القاعدة بأنها ذات "أهداف متعددة"، حيث تستضيف قوات تابعة لسلاح الجو الأميركي، وسلاح البحرية، وسلاح مشاة البحرية (المارينز)، إلى جانب قوات من خفر السواحل الأميركي، فضلاً عن جنود بريطانيين. ويُستخدم المعسكر حالياً بشكل رئيس لأغراض لوجستية، وتوفير الإمدادات، وقيادة العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الأميركي في الشرق الأوسط. وفي العام 2016، كشف الجيش الأميركي عن مستودعات جديدة أُنشئت في القاعدة، بهدف تخزين معدات قتالية تبلغ قيمتها 5.5 مليارات دولار، والمخزنة حالياً في الموقع.

سابعاً: قاعدة الدعم البحري – البحرين

تستضيف قاعدة الدعم البحري (NSA) في البحرين نحو 8,300 جندي من قوات البحرية الأميركية التابعة للقيادة المركزية، إلى جانب أفراد الطاقم وعائلاتهم. كانت القاعدة في السابق موقعاً بريطانياً خلال الحرب العالمية الثانية، وانتقلت إلى السيطرة الأميركية في العام 1971. وقد استخدمها الجيش الأميركي في حربي أفغانستان والعراق.

ثامناً: قاعدة الأمير سلطان الجوية – المملكة العربية السعودية

تأسست قاعدة الأمير سلطان الجوية (Prince Sultan Air Base) في العام 1951، واستخدمها الجيش الأميركي لاحقاً خلال حرب أفغانستان لتنسيق الهجمات الجوية التي نُفذت من دول أخرى. ووفقاً للمعلومات المتوفرة، نقلت الولايات المتحدة أنشطتها من هذه القاعدة إلى قاعدة العديد في قطر العام 2003، وذلك بعد أن رفضت الحكومة السعودية السماح للقوات الأميركية باستخدام القاعدة لتنفيذ ضربات ضد تنظيم القاعدة.

تاسعاً: قواعد سلاح الجو في قبرص

تُعد قاعدة "أندرياس باباندريو" الجوية في قبرص نقطة استراتيجية بالنسبة للقوات الغربية في منطقة الشرق الأوسط. وقد تمركزت فيها قوات من مشاة البحرية الأميركية خلال الحرب ضد حزب الله، تحسباً لاحتمال الحاجة إلى تنفيذ عمليات إجلاء من لبنان. ويؤكد القبارصة أن تنفيذ أي عمليات عسكرية من أراضيهم يتطلب الحصول على موافقة محلية مسبقة.

قاعدة جوية إضافية تقع في الدولة هي قاعدة RAF أكروتيري، وتُعتبر أكبر قاعدة لسلاح الجو الملكي البريطاني في المنطقة. ووفقاً لوزارة الدفاع البريطانية، فقد تمركز فيها نحو 2,220 جندياً حتى نيسان من العام الماضي.

عاشراً: القاعدة الجوية إنجرليك – تركيا

تقع قاعدة إنجرليك الجوية في مدينة أضنة جنوب تركيا، وهي قاعدة تابعة لسلاح الجو التركي، إلا أنها استخدمت مراراً من قبل قوات الجو الأميركية والبريطانية والسعودية. وفي العام 2019، وُجهت تهديدات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإغلاق القاعدة، وذلك رداً على العقوبات الأميركية التي فُرضت حينها. وبالرغم من كل هذه التهديدات، لا تزال القاعدة تُستخدم كموقع لتخزين رؤوس حربية نووية أميركية. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 50 قنبلة نووية من طراز B61  مخزّنة في القاعدة.

 

[1] كيم غلوزمان، "ليست جزيرة القاذفات فقط: انتشار الجيش الأميركي في الشرق الأوسط – في قواعد يهدد خامنئي بقصفها"، يديعوت أحرونوت، 18 حزيران 2025، https://www.ynet.co.il/news/article/bynz11xe4ge

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات