المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
أنقاض مبنى دُمر خلال هجوم إسرائيلي على طهران في 19 حزيران الجاري. (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 33
  • عبد القادر بدوي

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على إيران يوم 13 حزيران 2025، والتي استمرت لمدة 12 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار من دون اتفاق واضح، أجرت الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك مراكز الأبحاث، استطلاعات دورية لقياس مواقف الرأي العام الإسرائيلي حيال القضية الأبرز التي شكّلت محور الخطاب السياسي الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية. في هذا السياق، أجرى معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب استطلاعين للرأي العام منذ بداية الحرب، حيث يُمكن من خلالهما فهم التوجهات العامة في إسرائيل من هذه المواجهة غير المسبوقة. هذه المساهمة، تستعرض أبرز نتائج الاستطلاعين في محاولة لقياس الفرق في التوجه العام من الحرب على إيران، الشعور بالأمن الشخصي والعام، بالإضافة إلى استمرار حرب الإبادة على غزة في ظل المستجدات المرتبطة بقرار الحرب على إيران، مع أهمية الإشارة إلى أن الأفكار الواردة أدناه مصدرها الاستطلاعات ولا تُعبّر عن معدّ المساهمة أو مركز مدار.

نتائج الاستطلاع خلال الأيام الأولى للحرب على إيران

أجرى المعهد يوم 17 حزيران (أي بعد أربعة أيام من بدء الحرب على إيران) استطلاعاً لقياس الرأي العام الإسرائيلي من الحرب، أهدافها، والثقة بالمؤسسات والأشخاص، وقد كان ملحوظاً في الاستطلاع الارتفاع في جميع مؤشرات الثقة في المؤسسات الأمنية والسياسية على حد سواء (بخلاف ما كان قائماً قبل ذلك الحين). فقد أشارت نتائج الاستطلاع المذكور ما يلي:

  1. أغلبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد الهجوم ضد إيران، كما أن الأغلبية تعتقد أن القرار ببدء الحرب استند لاعتبارات أمنية بشكل أساسي.
  2. ومع ذلك، أبدى قرابة 70% من المستَطلَعين خشيتهم من تطوير الحرب، حيث أن نصف المستطلعين عبّروا عن اعتقادهم بأن الحكومة لا تمتلك خطة لإنهائها.
  3. اللافت في الاستطلاع هو وجود غالبية كبيرة اعتقدت أن الحرب ستستمر حتى شهر، في المقابل، عبّرت غالبية كبيرة من الجمهور عن أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية مستعدة لتحمّل أثمانها حتى ثلاثة أشهر، كما أظهر الاستطلاع ارتفاعا ملحوظا في نسبة الذين يعتقدون أن التضامن/ التماسك الاجتماعي قد تعزّز بشكل كبير (بخلاف الاستطلاعات السابقة).
  4. بموازاة ذلك، عبّرت الأغلبية عن رضاها عن أداء قيادة الجبهة الداخلية وتشعر أن تعليماتها مفهومة لها.
  5. من ناحية أخرى، شهد الاستطلاع ارتفاعا في نسبة الذين يعتقدون أن أهداف الحرب في غزة ستتحقَّق إلى حد كبير أو بشكل كامل، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في نسبة المستَطلَعين الذين يعتقدون أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة.
  6. ولدورها في دعم إسرائيل في الحرب، أظهر الاستطلاع ارتفاعا في نسبة الذين يعتقدون أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ملتزم جداً بـ "حماية مصالح إسرائيل".

الثقة بالمؤسسات والشخصيات الأمنية- العسكرية والسياسية

أظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجري في الأيام الأولى للحرب على إيران زيادة في ثقة الجمهور بالجيش، حيث بلغت نسبة الذين عبّروا عن ثقة عالية بالجيش حوالي 82%، مقارنةً بـ 75.5% في استطلاع أيار 2025. من ناحية أخرى، أظهر الاستطلاع زيادة في الثقة بالحكومة الإسرائيلية، حيث بلغت قرابة 30% مقارنة بـ 21% في الاستطلاع السابق (أيار 2025).

من ناحية أخرى، أظهر الاستطلاع ارتفاعا ملحوظا في الثقة العالية بسلاح الجو، حيث بلغت حوالي 83% مقارنة بـ 71% في استطلاع نيسان 2025. كذلك الحال بالنسبة للاستخبارات، حيث ارتفعت نسبة الذين عبّروا عن ثقتهم العالية (حوالي 74% مقارنة بـ 61% في كانون الأول 2024 على سبيل المثال)، بموازاة ذلك، ونظراً لدوره المركزي في الحرب على إيران، أظهر الاستطلاع وجود ثقة عالية بجهاز "الموساد"، حيث بلغت حوالي 81%.

على صعيد الجيش أيضاً، شهد الاستطلاع ارتفاعا ملحوظا في نسبة أولئك الذين عبّروا عن الثقة العالية برئيس هيئة الأركان إيال زامير، حيث بلغت حوالي 69% مقارنةً بـ 56% في استطلاع أيار 2025 (حوالي 81% في العينة اليهودية، مقارنة بـ 67.5% في استطلاع أيار 2025).

على صعيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أظهرت نتائج الاستطلاع أيضاً ارتفاعاً في نسبة المعبرين عن ثقتهم العالية به، وقد بلغت قرابة 35% مقارنة بـ 26% في استطلاع أيار 2025، وهو ما ينطبق بدوره على يسرائيل كاتس (وزير الدفاع)، حيث بلغت نسبة الثقة العالية 32% مقارنةً بـ 25% في استطلاع آذار 2025، وكذلك الأمر بالنسبة للثقة العالية بتقارير المتحدث باسم الجيش (حوالي 63% مقارنة بـ 55% في استطلاع أيار 2025- 71.5% في العينة اليهودية مقارنة بـ 64% في استطلاع أيار 2025).

الحرب على إيران

أبدى قرابة 73% من المستطلعين تأييدهم للهجوم الإسرائيلي على إيران، مقابل معارضة 18% فقط، كما عبّر قرابة 76% عن اعتقادهم (إلى حدٍّ كبير أو كبير جداً) بأن قرار الهجوم على إيران يستند (إلى حدٍّ كبير أو كبير جداً) إلى اعتبارات أمنية. في المقابل، وعلى الرغم من مستوى الثقة العالي بقرار الهجوم، إلّا أن 9% فقط من المستطلعين اعتقدوا بأن التهديد النووي الإيراني سيُزول بالكامل في الحرب التي شنّتها إسرائيل، مقابل 49.5% عبروا عن اعتقادهم بأنه سيزول بمعظمه، في حين أن 27.5% أكدوا أن ذلك غير ممكن (إلى حدّ كبير)، و6% (لن يزول إطلاقاً)، كما أبدى قرابة 70% خشيتهم من توسّع الحرب مع إيران.

على صعيد الاستعداد الداخلي للحرب، فقد أبدى قرابة 60% من المستطلعين اعتقاداً عالياً بأن "الجبهة الداخلية الإسرائيلية" مستعدة وجاهزة للحرب على إيران (إلى حدٍّ كبير أو كبير جداً)، مقابل حوالي 35% اعتبروا أنها مستعدة بدرجة منخفضة أو منخفضة جداً. في المقابل، أعرب حوالي 49% من المستطلعين عن أن الجبهة الداخلية مستعدة للعيش في حالة الحرب بكل تبعاتها: خسائر، نازحين، أضرار اقتصادية وغيرها- 27% (من شهرين إلى ثلاثة أشهر)، 8.5% (حتى أربعة أشهر إلى ستة أشهر)، 3% (أكثر من ستة أشهر- سنة)، و3.5% (أكثر من سنة)، إلى جانب ذلك، أشار حوالي 61% إلى أنه بالإضافة إلى إزالة التهديد النووي، على إسرائيل أن تعمل أيضاً على إسقاط النظام الإيراني، مقابل 28% قالوا بضرورة التركيز فقط على إزالة التهديد النووي، وهو الأمر الذي يُفسّر اعتقاد حوالي47% بأن الحكومة لا تملك خطة لإنهاء الحرب، مقابل 41% قالوا عكس ذلك.

حرب الإبادة على قطاع غزة

أظهر الاستطلاع الذي أُجري في بداية الحرب على إيران استقراراً في نسبة المستطلعين الذين عبّروا عن اعتقادهم بأن الجيش "سينتصر في الحرب على غزة"، وقد بلغت نسبة هؤلاء 63% في العينة العامة، وحوالي 70% في العينة اليهودية، مقارنة بـ 61% و69.5% على التوالي في استطلاع أيار 2025. كما شهد الاستطلاع ارتفاعا في نسبة الذين عبروا عن اعتقادهم بإمكانية تحقيق أهداف الحرب على غزة بالكامل، أو إلى حدٍّ كبير- حوالي 55% في العينة العامة- 62% في العينة اليهودية، مقارنةً بـ 46% و54% على التوالي في استطلاع أيار 2025. في المقابل، أظهرت النتائج ارتفاعا ملحوظا في نسبة المستطلعين الذين اعتقدوا بأن الوقت قد حان بالفعل لإنهاء الحرب في غزة- 60.5% في العينة العامة (حوالي 53% في الجمهور اليهودي)، مقابل 49% و41% على التوالي في كانون الثاني 2025.

العلاقات الإسرائيلية- الأميركية

أظهر الاستطلاع أن 29% من الإسرائيليين يعتقدون بأن الرئيس الأميركي ترامب ملتزم جداً بـ "حماية مصالح إسرائيل"، مقابل 20% اعتقدوا ذلك في أيار 2025، في ما قال 50% إن ترامب يدعم إسرائيل فقط عندما يخدم ذلك مصالحه (مقابل 51.5% في أيار 2025). في المقابل، قال حوالي 18% إن ترامب غير متوقع، ولذلك يصعب الاعتماد عليه في مسائل الأمن، مقابل 23% قالوا ذلك في ايار 2025.

مناعة المجتمع الإسرائيلي والتماسك الداخلي

عبّر قرابة 27.5% عن شعور عالٍ أو عالٍ جداً بالأمن الشخصي (مقابل 28.5% في أيار 2025)، في المقابل، عبّر قرابة 32.5% عن شعور منخفض أو منخفض جداً بالأمن الشخصي (مقابل 25.5% في أيار). في المقابل، أشار قرابة 48% إلى أن شعور التضامن في المجتمع الإسرائيلي قد تعزّز أو تعزّز جداً مع اندلاع الحرب (مقابل 30% في آذار 2025).

الرأي العام الإسرائيلي في يوم وقف إطلاق النار

قبيل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ بين إسرائيل وإيران يوم 24 حزيران، أجرى المعهد استطلاعاً آخراً للرأي حول الحرب وكافة القضايا المرتبطة بها، حيث لم تُظهر النتائج تغييراً كبيراً في المزاج العام في إسرائيل من ناحية الحرب، أهدافها، الثقة بالمؤسسات والأشخاص على النحو التالي:

ظلّ مستوى الثقة العالي بالجيش مستقراً (82% عبّروا عن ثقة كبيرة أو كبيرة جداً، مقابل 83% في الاستطلاع الذي أُجري مع اندلاع الحرب على إيران). من ناحية أخرى، أظهر الاستطلاع استمراراً في الزيادة الطفيفة بالثقة بالحكومة منذ بداية الحرب على إيران (32% عبّروا عن ثقة كبيرة أو كبيرة جداً، مقابل 30% في الاستطلاع السابق). كما أظهر الاستطلاع زيادة طفيفة في تقييم جاهزية الجبهة الداخلية للحرب (من 60% إلى 63%)، وأشار 39% إلى أن الجبهة الداخلية ستتمكن من الصمود في الوضع الحالي لمدة شهر إضافي كحد أقصى.

من ناحية أخرى، أعرب 42% عن اعتقادهم بأنه على إسرائيل الاستمرار في الحرب وتعميق الهجمات على البرنامج النووي والقدرات العسكرية الإيرانية، مقابل 32% أيّدوا إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن، و22% أشاروا إلى ضرورة توسيع الحرب حتى إسقاط النظام في إيران. وهو ما يُمكن ملاحظته في الرأي من "الوضع النهائي" الذي يريده المستطلعون: غالبية كبيرة- 65% تؤيد السعي نحو اتفاق نووي يضمن "مصالح إسرائيل الأمنية"، 23% يفضلون تعزيز العقوبات ووقف إطلاق النار حتى بدون اتفاق.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات