في صبيحة اليوم التالي لاغتيال ستة صحافيين في غزة يوم 10 آب 2025، كشف الصحافي الإسرائيلي الاستقصائي يوفال أبراهام في تغريدة له عبر منصة X أن إسرائيل كانت قد أسست في العام 2023، عقب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وحدة سرية داخل جهازها الاستخباراتي العسكري تُعرف باسم "خلية إضفاء الشرعية". كان هدف هذه الخلية واضحاً: تبرير الحرب على قطاع غزة، وإضفاء شرعية على عمليات الجيش في غزة ومن بينها عمليات اغتيال الصحافيين، وآخرهم كان مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف والفريق العامل معه.[1] وبعد أيام، نشر أبراهام تحقيقاً صحافياً معمّقاً على موقع "+972"، استعرض فيه بالتفصيل عمل هذه الوحدة.[2]
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ومع ازدياد حدّة العنف والتطرّف داخل المجتمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، غابت الأصوات الإسرائيلية المعارضة لهذه السياسة، وتجنّد المجتمع الإسرائيلي بأكمله في حرب الإبادة على قطاع غزة، والحرب الصامتة في الضفة الغربية والقدس والداخل. وخلال الأشهر الأخيرة، ومع استمرار التعقيد المرافق لقضية "الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين"، برزت العديد من المبادرات والحراكات الإسرائيلية التي طالبت بإعادتهم بأي ثمن بما في ذلك وقف الحرب. إلى جانب حراك عائلات الأسرى والمحتجزين المناهض للحكومة الإسرائيلية، برز حراك منظمة "نقف معاً" والذي بدأ يحظى بأهمية متزايدة في المشهد الداخلي انطلاقاً من طرحه بديلاً سياسياً وأخلاقياً لمسار الحرب، حيث لم يقتصر دوره على النشاط السياسي، بل امتد ليشمل مبادرات ميدانية وإنسانية.
يظهر تقرير صادر عن قسم الممتلكات والشركات في وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية، حول وضع الإسكان الشعبي للعام 2024، استنتاجات قاتمة، إذ أن مخزون الشقق في هذا الإطار آخذ بالتقلص أكثر فاكثر.
هذا التقرير، الذي يغطي بيانات حتى 31 كانون الأول 2024، يقدم صورة يصفها بالمقلقة عن تراجع مخزون المساكن الشعبية وتزايد الضغوط المالية والاجتماعية على المستحقين. والأبرز أنّ هذه الأزمة لم تعد مسألة إدارية أو تقنية فحسب، بل أصبحت مرتبطة مباشرة بقرارات الحكومة وسياساتها الاقتصادية، وبالذات بتحويل الموارد إلى الجبهة العسكرية خلال الحرب المتواصلة وتغطية تكاليفها.
(1) قبل عقد من الأعوام، وتحديداً في خريف 2015، نشر ألوف بن، رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، مقالة في مجلة "ذي ماركر" الشهرية، نشرنا ترجمتها الكاملة في ملحق "المشهد الإسرائيلي"، شدّد فيها على أن تفكّك "النواة الصلبة" في المجتمع الإسرائيلي وارتفاع الوزن الديمغرافي لمن أسماهم "أقليات" أكثر تأثيراً على مستقبل إسرائيل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير ماليته في ذلك الوقت موشيه كحلون، وعائدات الغاز الطبيعي. وأشار إلى أن تزايد أعداد اليهود الحريديم (المتشددون دينياً) والمنتمين إلى الصهيونية الدينية في مقابل تراجع أعداد "العلمانيين" (*) يُعدّ أبرز التغييرات الديمغرافية في المجتمع الإسرائيلي وسوف يتعمق خلال الأعوام المقبلة ("المشهد الإسرائيلي"، 22/9/2015).
الصفحة 4 من 909