المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
مكتب التشغيل في حولون. (صورة تعبيرية، عن: غلوبوس)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 23
  • هشام نفاع

على الرغم من "اختفاء" أثر الحرب، سياسةً وممارسةً، عن مركز الجدل في إسرائيل، على تضرّر العمّال والموظّفين بشكل مباشر منها، والمساس بالحقوق الاجتماعية الاقتصادية لشرائح واسعة من المواطنين، فغالباً ما تُكشف المعطيات في أوقات لاحقة عن حجم الضرر، وهو كبير كما يتّضح.

فبحسب معطيات أخيرة نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، تم إخراج 294 ألف عامل وموظّف عموماً من أصل 465 ألف معطّل عن العمل إلى إجازة غير مدفوعة الأجر (إجازة قسرية) على خلفية الحرب ولا سيما مع إيران. هؤلاء شكّلوا 63.2% من معدل البطالة الواسع في شهر حزيران، مقابل 7.8% في الشهر الذي سبقه.

وبأرقام مكتب الإحصاء المركزي، في أعقاب الحرب الإسرائيلية على إيران، قفز معدل البطالة الواسع في حزيران إلى 10.1%، أي ما يعادل 465 ألف عاطل عن العمل، مقارنة بـ 4.2% (196.4 ألف) في أيار.

هناك 294 ألف شخص تغيبوا عن عملهم بسبب تقليص مؤقت في القوى العاملة لأسباب اقتصادية، أي بمعظمهم عُمّال وموظفون أُخرجوا لإجازة غير مدفوعة الأجر بسبب الحرب، مقارنة بـ 15.4 ألف فقط تغيبوا لهذا السبب في أيار الماضي.

وفقاً لتحليلات اقتصادية في الاعلام الإسرائيلي، يتكوّن معدل البطالة الواسع من الباحثين عن عمل الذين لم يجدوا وظيفة، والعاملين الذين تغيبوا بسبب تقليص مؤقت لأسباب اقتصادية (خصوصاً من أُخرجوا لإجازة غير مدفوعة)، وأشخاص فُصلوا خلال العامين الماضيين ولا يبحثون عن عمل حالياً، وأشخاص يئسوا من البحث عن عمل.

معدل الباحثين عن عمل الذين لم يتم توظيفهم فعلياً انخفض من 3.1% (142.7 ألف) في أيار إلى 2.7% (125.3 ألف) في حزيران، ويبدو أن السبب في ذلك هو قلة الباحثين عن عمل خلال فترة الحرب والقيود المفروضة على ما يُعرف "الجبهة الداخلية". وغالباً ما يُعتبر هذا المؤشر هو معدل البطالة "الرسمي".

في الوقت ذاته، ارتفع عدد من يُعتبرون "اليائسين" من البحث عن عمل من 13.2 ألف في أيار إلى 16.3 ألف في حزيران – أي أولئك الذين أبدوا رغبة في العمل وبحثوا عن وظيفة خلال العام الماضي، لكنهم لم يبحثوا خلال الأسابيع القريبة من موعد إجراء الاستطلاع في المكتب المركزي.

كما ارتفع عدد الأشخاص الذين فُصلوا من عملهم خلال العامين الماضيين ولا يبحثون حالياً عن عمل من 28.3 ألف في أيار إلى 29 ألف في حزيران.

مؤسسة التأمين: عشرات الآلاف لإجازة غير مدفوعة الأجر

بعد انتهاء الحرب، وبدء وضع برامج للتعويض، قدّرت "مؤسسة التأمين الوطني" أن التسهيلات المتعلقة بالإجازة القسرية التي تم عرضها ضمن خطة المساعدات التي قدمتها وزارة المالية واتحاد النقابات (الهستدروت) وقطاع الأعمال، لا تزال بحاجة لتعديل تشريعي كي يتم تطبيقها. من بين هذه التسهيلات المتوقعة: تقصير الفترة الدنيا المؤهِّلة للحصول على مخصصات البطالة من 30 يوماً إلى 14 يوماً، ودفع المخصصات من اليوم الأول.

وفقاً للتأمين الوطني، فإن عشرات آلاف العمال سيقدمون طلبات للحصول على مخصصات بطالة إذا استمرت الحرب والقيود الاقتصادية. وأكدت المؤسسة أن التسهيلات لن تُنفّذ قبل استكمال التعديلات القانونية اللازمة.

تشمل التعديلات:

* تقصير فترة التأهيل من 12 شهر عمل من أصل آخر 18 شهراً إلى 6 أشهر.

* تقصير فترة الإجازة القسرية الدنيا المؤهلة للحصول على مخصصات البطالة من 30 إلى 14 يوماً.

* دفع مخصصات البطالة من اليوم الأول دون خصم الأيام الخمسة الأولى كما ينص القانون حالياً.

* عدم خصم أيام الإجازة السنوية المتراكمة من مخصصات البطالة.

كما أكدت المؤسسة وجود قضايا أخرى لم تُحسم بعد، مثل:

* منحة التكيّف للعمال فوق سن 67 عاماً الذين أُخرجوا لإجازة قسرية (كما حصل خلال فترة كورونا، إذ إن هؤلاء لا يحق لهم الحصول على مخصصات بطالة).

* معالجة أوضاع السكان المُخلى سبيلهم.

* إعفاء أرباب العمل من دفع رسوم التأمين الوطني خلال أول شهرين.

"الضرر قد يلحق بالعمال بسبب تغيُّر تعليمات الجبهة الداخلية المتكرر"

في جلسة للجنة المالية في الكنيست، عبّر نواب وأصحاب عمل عن قلقهم من "الضرر الذي قد يلحق بالعمال بسبب تغيُّر تعليمات الجبهة الداخلية بشكل متكرر"، الأمر الذي قد يؤثر على أهليتهم لمخصصات البطالة، بسبب شرط الإجازة المتواصلة لمدة 14 يوماً.

شملت خطة تعويضات قدمها وزير المالية مساراً لتغطية 75% من نفقات الرواتب لأصحاب الأعمال الذين تراجعت مداخيلهم بأكثر من 25%.

وعلى عكس الحروب السابقة التي كانت تعليمات الجبهة الداخلية فيها محصورة جغرافياً، اتُّفِق بعد الحرب على إيران على دفع الرواتب لكافة العمال الذين تغيّبوا عن عملهم بناء على تعليمات الجبهة الداخلية أو بسبب إغلاق المؤسسات التعليمية لأطفالهم.

بلغت نسبة التشغيل من مجمل السكان (ابتداءً من سن 15) 60.8%، دون تغيير عن الشهر السابق.

هذا ويتكوّن معدل البطالة الواسع من الباحثين عن عمل غير الموظفين، ومن تغيبوا لأسباب اقتصادية، ومن فُصلوا خلال العامين الماضيين ولا يبحثون حالياً عن عمل، ومن يئسوا من البحث رغم رغبتهم بالعمل.

معدل الباحثين عن عمل غير الموظفين في أيار بلغ 3.7% (142.7 ألف شخص)، بارتفاع 0.4 نقطة عن شباط.

عدد الغائبين عن عملهم بسبب تقليصات مؤقتة في أيار بلغ 15.4 ألف، مقارنة بـ 19.4 ألف في نيسان.

عدد "اليائسين" من البحث عن عمل في أيار بلغ 13.2 ألف، مقارنة بـ 13.9 ألف في نيسان.

عدد الذين فُصلوا من عملهم خلال العامين الماضيين ولا يبحثون عن عمل بلغ 28.3 ألف في أيار، مقابل 27.3 ألف في نيسان.

"ترسيخ خطة تعويضات وطنية للمصالح الصغيرة والمتوسطة"

​​قبل أسبوع، صادق الكنيست على قانون برنامج الدعم الاقتصادي ("تشريع مؤقت – السيوف الحديدية")، للعام 2025. وأيد الاقتراح 55 عضوا في الكنيست، مقابل معارضة اثنين من أعضاء الكنيست وامتناع عضو كنيست واحد.

 وينص اقتراح القانون على "ترسيخ خطة تعويضات وطنية للمصالح الصغيرة والمتوسطة التي تضررت نتيجة الحملة العسكرية "شعب كالأسد"، بهدف ضمان استمراريتها في العمل". وبموجب الاقتراح، ستمنح منحة "الاستمرارية التجارية" إلى جانب تقديم تسهيلات في الإجازة غير المدفوعة كاستجابة مكملة. وستمنح المنحة التي تعكس النفقات الثابتة والرواتب للأعمال التجارية، بشكل تفاضلي وتستهدف الأعمال ذات الدورات المالية التي لا تتجاوز 400 مليون شيكل والتي شهدت انخفاضا في حجم أعمالها بنسبة تزيد عن 25% للذين يقدمون تقارير مالية شهريا أو 12.5% للذين يقدمون تقارير مالية كل شهرين.

وينص الاقتراح أيضا على تقديم تسهيلات للخروج في إجازة غير مدفوعة (قسرية)، مثل تحديد الفترة التي تستوجب الحصول على استحقاق بالحد الأدنى قدرها 10 أيام وتقليص الفترة التي تستوجب الحصول على الاستحقاق المطلوب إلى 6 أشهر عمل. وتحدد فترة الغياب المستحقة للإجازة غير المدفوعة بـ 10 أيام من أصل 12 يوما خلال أيام القتال وليس بالضرورة بشكل متواصل.

 وجاء في شرح الاقتراح: "في 13 حزيران 2025، بدأت المواجهة مع إيران، وذلك استنادا إلى قرار لجنة الوزراء لشؤون الأمن القومي وفقا للمادة 40 من قانون أساس: الحكومة، باتخاذ إجراءات عسكرية كبيرة. ونتيجة لهذه العملية، واجهت دولة إسرائيل إطلاق صواريخ أرض- أرض وطائرات بدون طيار بكميات ونطاق غير مسبوقين من إيران وأذرعها نحو أراضي الدولة. وتعمل الحكومة بطرق متنوعة لمساعدة السكان المتأثرين بالقتال بشكل مباشر وغير مباشر، ومن بينها تعويض الأعمال التي تضررت بسبب الوضع الخاص وتعويض العمال الذين تغيبوا عن عملهم بسبب الظرف الاستثنائي".

ارتفاع عدد طالبي العمل في "الهايتك" أيضاً منذ الحرب

يُستدلّ من المعطيات الإحصائية أن عدد طالبي العمل في قطاع "الهايتك" تضاعف منذ العام 2019، وارتفع بنسبة 21% منذ بدء حرب الإبادة على غزة.

فقد بلغ عدد طالبي العمل في مجال "الهايتك" في نيسان 2025 نحو 15 ألفاً – ضعفا العدد في 2019، وبارتفاع بنسبة 21% عن بداية الحرب، بحسب معطيات نشرتها "سلطة التشغيل".

منذ العام 2022، لوحظ ارتفاع متواصل في عدد طالبي العمل في هذا المجال، بينما تراجعت الوظائف الشاغرة فيه حتى نهاية 2023. ورغم ارتفاع طفيف في عدد الوظائف خلال الحرب، إلا أن عدد الباحثين عن عمل ارتفع بوتيرة أسرع، حتى أصبح عددهم اليوم تقريباً مساوياً لعدد الوظائف المتاحة، بينما كان عدد الوظائف في 2022 ضعفي عدد الباحثين.

وفقَا لسلطة التشغيل: جاء هذا نتيجة لتوازن السوق بعد نمو سريع جداً خلال جائحة كورونا. كما ارتفع عدد المستقيلين المسجّلين في مكاتب التشغيل، لكن الارتفاع الأكبر سُجّل بين المفصولين. كان الارتفاع الأبرز في وظائف جوهرية مثل قواعد البيانات والشبكات (223%)، ومطوري البرامج ومحللي التطبيقات (147%). أما الدعم التقني فارتفع بين 80–95%. في المقابل، بقيت الزيادة هامشية أو تراجعت في مجالات تقليدية مثل تقنيي الاتصالات، والمهندسين المعماريين، وفنيي الفيزياء.

رغم أن الأجور في "الهايتك" تواصل ارتفاعها (24% منذ كانون الثاني 2022 حتى نيسان 2025)، فإن أجر طالبي العمل في القطاع ارتفع أكثر (39.3%). نسبة طالبي العمل الذين كانوا يتقاضون رواتب عالية (بين 25.6 و43.8 ألف شيكل) ارتفعت من 15% في آب 2022 إلى 40% في نيسان 2025.

الارتفاع سُجّل بشكل أساسي في الفئة العمرية المتوسطة (35–45)

وفقاً للبيانات الرسمية، فإن الفئة التي خرجت من سوق العمل وسُجّلت كمطالبة في مصلحة التشغيل تتكوّن من موظفين محترفين ذوي خبرة عالية وأجور غير منخفضة – لكنهم ليسوا الأعلى أجراً في القطاع.

الارتفاع سُجّل بشكل أساسي في الفئة العمرية المتوسطة (35–45)، بينما كان الارتفاع معتدلاً بين 26–35 و45–54. كذلك ارتفع عدد المفصولين في الفئة المتوسطة. هذا يُضعف الفرضية بأن الأزمة تتركز بين المبتدئين فقط (جونيورز)، لكنها لا تنفيها تماماً – ربما لأن المبتدئين شباب وفترة أهليتهم للبطالة أقصر أو لم يستوفوا شروط الاستحقاق، وبالتالي لم يسجلوا كطالبي عمل.

القطاع يتمركز أساساً في وسط البلاد وتل أبيب، ما ينعكس في معطيات مكاتب العمل، حيث شكل طالبو العمل من هذا القطاع 23.5% في تل أبيب، و17.6% في المركز، مقارنة بـ 5% فقط في الشمال والجنوب. رغم ذلك، لوحظ ارتفاع في جميع المناطق.

عدد طالبي العمل في "الهايتك" تضاعف بين اليهود غير الحريديم (215%)، وكذلك بين الحريديم (212%)، بينما ارتفع بنسبة 122% فقط بين العرب.

المحامية عنبال مشاش، مديرة مصلحة التشغيل، قالت: "المعطيات تُظهر تحديات كبيرة في أحد محركات النمو المركزي في الاقتصاد الإسرائيلي. لا نواجه فقط زيادة عددية، بل تغيراً في نوعية طالبي العمل – عمال محترفون من نواة الصناعة الذين يشكلون أصولاً وطنية يجب دعمهم وإعادتهم لسوق العمل. نعمل حالياً على توجيه الموارد لتحسين التدريب والتشغيل وفقاً لاحتياجات هذه الفئة، من أجل ضمان استمرار الابتكار التكنولوجي وتلبية احتياجات الاقتصاد".

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني, الهستدروت, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات