خلال الـ 26 شهرا الماضية عانت دولة إسرائيل من العنف، والاختناق الاقتصادي. وطلب رئيس الوزراء أرئيل شارون معونة عسكرية واقتصادية جديدة من الولايات المتحدة بمبلغ 12 بليون دولار لمساعدتها في مواجهة متاعب البلاد. إلا أنه غير مستعد للنظر في وقف تدفق الأموال التي تنفق بسخاء على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغزة. وهي سياسة تبعثر ثروات إسرائيل، وتضعفها عسكريا، وتهدد مستقبل إسرائيل باعتبارها دولة ديموقراطية.وتؤيد حركة "السلام اليوم" الأمريكية منح إسرائيل المعونة المطلوبة باعتبارها ضرورية لتعزيز الدفاع الإسرائيلي في جيرة معادية، وتساعد على تنمية اقتصادها. بيد أنه إذا كانت الولايات المتحدة ترغب حقيقة في إظهار إنشغالها على مستقبل إسرائيل وجب عليها الأصرار على شروط في منح المعونة ترغم إسرائيل على عكس سياستها الاستيطانية.
جيد انه من الصعب على شارون تشكيل حكومة على هواه وكما يريد. انه يريد توليفة واسعة، تقطر وحدة واتفاقاً، مزرعة مشتركة يقطن فيها الذئب والحمل. جيد ان هذا صعب عليه، لأنه في هذه المرة، أكثر بكثير مما كان قبل سنتين، سوف يضطر المنتصر الى الانحناء لكي يستطيع تربيع الدائرة السياسية ـ الحزبية. وسوف تتضح في الأسابيع المقبلة قدرة رئيس الحكومة على اثبات الادعاء القديم حول طاقته المخبوءة في المرونة والمناورة. حتى الآن، يدير شارون دفة الأمور بشكل غير سيء من جانبه. لكز اللغز لن يحل الا لاحقا.لا يوجد بحوزة شارون انتصار كبير فقط. انه يستطيع النظر الى ائتلاف آخر في أزمة. الخلاف بين أمريكا وأوروبا ـ من الصنف الذي تحول الى فصل هام في كتب التاريخ ـ يؤثر لصالحه. أية قوة ستتمتع بها منذ الآن مبادرات "مجموعة الأربعة"، تلك االنخبة الدبلوماسية التي حاولت غالبية مركباتها ـ باستثناء الولايات المتحدة ـ ممارسة الضغوط عليه في السنتين الأخيرتين؟ وأي ضغط أمريكي هو الذي على شارون أن يخشاه بينما ثلاثة أرباع هذه المجموعة ـ الاتحاد الأوروبي، روسيا والأمم المتحدة ـ معلق على خطوط الضغط العالي مع واشنطن؟ بوش، الغاضب على خيانة "اوروبا القديمة"، لم يكن حتى الآن مصدر ضغط حقيقي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وطالما لم يسجل انجًازا في الحرب ضد صدام، وربما بعد ذلك أيضا، سيظل شارون في حل من ضغوطاته.
تدل المعطيات التي جمعتها اجهزة الأمن الاسرائيلية على ان 1،945 شهيدا فلسطينيا سقطوا منذ بداية المواجهة في المناطق الفلسطينية حتى منتصف الأسبوع الجاري. وحسب <<المعلومات>> التي بحوزة هذه الأجهزة الأمنية، فانها تدعي بوجود ما يربط 82% من الشهداء بأعمال <<عنف وارهاب>>. اما بالنسبة لـ 11% من الشهداء فلا تتوفر اية معلومات تدل على علاقة لهم بـ <<الارهاب>>، بينما الـ 7% الاخرون فهم فتية واولاد تحت سن الـ 16 عاما.
اظهرت نتائج استطلاع "مؤشر السلام" لشهر ايار الماضي ان هناك اغلبية واضحة في صفوف الجمهور اليهودي في اسرائيل تؤيد خطة "خارطة الطريق"، لكن اغلبية يهودية
الصفحة 851 من 885