منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشهد الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية تدهوراً حاداً في نوعية وكمية الطعام المقدم لهم، إلى درجة وصفتها المنظمات الحقوقية الإسرائيلية بأنها "تجويع ممنهج". أحد المعتقلين الإداريين في سجن النقب، على سبيل المثال، هبط وزنه من 130 كغم إلى نحو 60 كغم في شهور قليلة، فيما أفاد محامون بأنهم التقوا أسرى انخفض وزنهم إلى أقل من 49 كغم. لا تشير سياسات التجويع بحق الأسرى الفلسطينيين إلى مجرد ردة فعل انتقامية على هجوم 7 أكتوبر، وانما ترتقي إلى أداة لتفكيك الحركة الأسيرة تنظيمياً، إذ أن خفض كميات الطعام إلى ما دون الحاجات الفيزيولوجية يساهم في تفكك الجماعة، وينتج أفراداً منهكين، يغلبون "صراع البقاء" الفردي على النضال الجمعي، وبالتالي يسهل إخضاعهم سياسياً.
أكد تقرير رسمي وضعه قسم "المرافعة العامة" في وزارة العدل الإسرائيلية، أن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تعرّضوا لممارسات قاسية جداً في مختلف السجون ومراكز الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما زال وضعهم سيئاً في عدد من الجوانب، كما فصّلت "المرافعة".
وجاء في مقدمة التقرير الذي تناول وضع المحتجزين في مختلف السجون وليس الأسرى فقط: "قبل عرض أوصاف الزنازين وظروف الاحتجاز، ترى المرافعة العامة أهمية في الإشارة إلى أن تقارير السنوات الأخيرة كشفت، مراراً وتكراراً، عن حدّة مشكلة الاكتظاظ في السجون الإسرائيلية. فقد أصبح الاكتظاظ عاملاً ملازماً لمعظم منشآت الاحتجاز، الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على جودة الحياة الأساسية للنزلاء، وعلى قدرتهم على الحصول على الخدمات الصحية، وعلى الحفاظ على النظافة، وعلى التمتع بالحدّ الأدنى من الحقوق الأساسية في أثناء احتجازهم".
كشفت الكثير من التحقيقات الاستقصائية أن الجيش الإسرائيلي اعتمد خلال حرب الإبادة في قطاع غزة على منظومة متكاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي طوّرتها شركات تكنولوجية عالمية مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون. صار الذكاء الاصطناعي عنصراً محورياً في إدارة العمليات، يُستخدم لتحديد الأهداف، وتصنيف السكان، ومعالجة المعلومات الميدانية بشكل فوري. وترى التحقيقات أن هذه الشركات تجاوزت دور المزود التقني لتصبح شريكاً فاعلاً في بلورة قرارات الاستهداف والإدارة العملياتية.
في أعقاب هجوم "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وبدء حرب الإبادة على غزة، والحرب الإقليمية التي شنّتها إسرائيل على لبنان وإيران وسورية واليمن وكامل الأرض الفلسطينية، وجدت المؤسستين الأمنية- العسكرية في إسرائيل نفسها أمام أزمة كبيرة تجاوزت الإخفاق الاستخباري- الأمني ووصلت إلى طرح أسئلة جدية حول الأسس المفاهيمية التي قامت عليها العقيدة العسكرية خلال العقد الأخير، والتي كان أبرز تجلياتها الفجوة البنيوية بين حجم الاستثمار الإسرائيلي في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وأولها الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الاستشعار ونظم الاستشعار والرقابة... إلخ، وبين القدرة الفعلية على منع اختراق واسع النطاق أو احتوائه في حال وقوعه، وقد ظل هذا النقاش مفتوحاً بلا إجابة حاسمة على مدار عامين من الإبادة، وهو ما حوّل القطاع وجنوب لبنان وإيران وكذلك الضفة الغربية إلى مختبرات تجارب لتطوير وتكييف التقنيات العسكرية والأمنية- الرقمية.
رفعت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي العالمية، OECD، الأسبوع الماضي، تقديراتها للنمو الاقتصادي الإسرائيلي في العام الجاري، إلى 3.3%، في مقابل أقل من 3% بتقديرات وزارة المالية الإسرائيلية، والبنك المركزي الإسرائيلي، وكان اللافت تقديرات المنظمة لنمو الاقتصاد الإسرائيلي في العام المقبل 2026، إلى 4.9%. ويأتي هذا في ظل احتدام الجدل حول حجم ميزانية الجيش الإسرائيلي المستقبلية، التي يطالب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو برفعها بما يقارب 11 مليار دولار، في كل واحدة من السنوات العشر المقبلة، الأمر الذي يواجه معارضة في الأوساط الاقتصادية الرسمية والخاصة، بما فيها وزارة المالية، لما ستفرضه هذه الزيادة من أعباء على الميزانية الإسرائيلية العامة على مدى السنوات المقبلة.
توالت في الأيام الأخيرة سلسلة معطيات في الاقتصاد الإسرائيلي، توحي بمسار انتعاش، إلا أن المحللين والخبراء يدعون للحذر، خاصة وأن الميزانية العامة للعام المقبل 2026، لم تتبلور بشكل نهائي؛ فالتضخم المالي في الأشهر الأخيرة دخل إلى النطاق الذي حددته السياسة الاقتصادية، وهو ما ساهم في قرار خفض الفائدة البنكية، هذا الأسبوع، بعد حوالي عامين من جمودها عند إجمالية 6%. كما أن النمو الاقتصادي في الربع الثالث من العام الجاري، سجل ارتفاعًا حادًا لم يعرفه الاقتصاد الإسرائيلي منذ سنوات طوال، إلّا أن هذا كان رد فعل على تراجع الاستهلاك الفردي في الربع الثاني من العام الجاري بسبب الحرب على إيران.
الصفحة 1 من 360