صدر في الأيام الأخيرة، التقرير السنوي الدوري لبنك إسرائيل المركزي، عن البنوك التجارية الإسرائيلية، عن العام الماضي 2024، والذي أكد مجددا على أن البنوك سجلت العام الماضي ذروة جديدة في أرباحها، بما يلامس 30 مليار شيكل كربح صاف (8.33 مليار دولار)، زيادة بنسبة 18.5% عن أرباح 2023. وما أجج الجدل، هو أن حصيلة أرباح البنوك الأولية، في الربع الأول من العام الجاري، تشير إلى أن البنوك قد تحقق زيادة أخرى، ولو محدودة، في أرباحها في العام الجاري 2025. وفي الأسبوع الماضي، أعلن بنك إسرائيل المركزي عن إبقاء الفائدة البنكية عند مستواها، مع تلميح إلى أن خفض الفائدة سيكون في وقت أكثر متأخرا من التوقعات السابقة.
في 28 أيار 2025، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن البدء بتنفيذ قانون يقضي بسحب الجنسية الإسرائيلية من مواطنين فلسطينيين، وترحيلهم إلى الخارج؛ بدعوى "دعمهم للإرهاب". جاء هذا الإعلان في أعقاب جلسة مغلقة عقدتها لجنة الكنيست بحضور كاتس ووزير الداخلية موشيه أربيل، حيث تقرر العمل بالقانون بحق كل من أدين بتلقيه دعماً مالياً من السلطة الفلسطينية، كتعويض عن اعتقاله أو نشاطه المناهض للاحتلال.
تهدف هذه المساهمة إلى تتبّع مسار هذا القانون منذ لحظة طرحه في الكنيست وحتى الشروع الفعلي في تنفيذه، مع التوقف عند أبرز الانتقادات التي أُثيرت حوله من قبل مؤسسات حقوقية ومراكز بحثية، مضافاً إلى ذلك موقف جهاز الأمن العام (الشاباك) من القانون.
منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر، 2023، دخلت إسرائيل في واحدة من أكثر مراحلها دموية واضطراباً، معلنةً أن هذه الحرب ليست مجرّد جولة مواجهة عسكرية، أو حرباً تُشبه سابقاتها، بل صنّفتها كـ "حرب وجودية تهددّها على جبهات مختلفة". إن ما ميّز هذه الحرب هو عدم اقتصارها على فصائل المقاومة في قطاع غزة، حيث امتدّ نطاقها ليشمل جبهات متعدّدة، اعتبرتها إسرائيل حرباً على 7 جبهات في الوقت ذاته من غزة وهي ساحة الحرب الأساسية، وحزب الله في الشمال، إلى الحوثيين في اليمن، مروراً بفصائل المقاومة في العراق، وبعض التنظيمات المدعومة من إيران في سورية، وصولاً إلى المواجهة المفتوحة مع إيران نفسها في أكثر من مرة، وهو ما أكسب هذه الحرب أهمية من الناحية الإسرائيلية على المدى البعيد، على الرغم من كل الاعتبارات المحيطة بالحرب منذ بدايتها.
شهدت الساحة الأكاديمية الإسرائيلية تحركاً احتجاجياً واسعاً، حيث وقّع أكثر من 1300 أكاديمي من جامعات وكليات مختلفة على رسالة مفتوحة تدعو إلى وقف فوري للحرب على قطاع غزة، محذّرين من "انهيار أخلاقي" يهدد المجتمع الإسرائيلي.
هذه الرسالة، التي أطلقتها مجموعة "الراية السوداء"، لم تكتف بإدانة الحرب، بل حمّلت الأكاديميا مسؤولية التواطؤ بالصمت أو تبرير الجرائم أو قمع الأصوات النقدية، ودعت إلى تسخير ثقل المؤسسات الأكاديمية لإنهاء الحرب.
في آب 1897 وقف ثيودور هرتسل خاطباً أمام جمهور المؤتمر الصهيونيّ الأول في مدينة بازل السويسرية مطالباً بوطنٍ قوميّ لليهود، وفي أيار 2025 استضافت المدينة مهرجان الأغنية الأوروبية "اليوروفيجن" لتعلو المنصة يوفال رفائيل ممثلة إسرائيل وتعيد التصوّر الأهم لهذه المدينة في الذهنيّة الفلسطينيّة والإسرائيليّة. لا يبدو الربط بين بازل الأولى وبازل الثانية غريباً لأن السنوات الطويلة الممتدة بينهما ما هي إلا خيط نارٍ ومسلسل فظائع بدأ بالإبادة وينتهي بإبادة أكثر توحشاً تحدث حين تقف مغنية في البقعة السويسرية التي تنظر إليها عيون أوروبا كلها وتصرخ "شعب إسرائيل حيّ".
الصفحة 1 من 343