ليس مجازفة القول إن ما سعى له رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى الولايات المتحدة التي التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو "خفض ثمن صفقة التبادل" مع حركة حماس، وإبقاء خيار الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة مفتوحاً، مثلما عبّر عن ذلك مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي، مئير بن شبات، في موقع "معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجيا الصهيونية" الذي يترأسه (10/7/2025).
تأتي محاولات عزل النائب أيمن عودة، أحد أبرز ممثلي الفلسطينيين في الداخل في الكنيست الإسرائيلي، في لحظة سياسية حرجة وشديدة الخطورة، تتقاطع فيها حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحرب بوتيرة أقل في الضفة الغربية والقدس، مع تصعيد ممنهج يستهدف الفلسطينيين في الداخل، ففي الوقت الذي تُمارس فيه آلة القتل على أوسع نطاق ضد الفلسطينيين في غزة والضفة، تتحرك إسرائيل لتضييق الخناق وحصار المواطنين الفلسطينيين في الداخل، بما في ذلك تجريدهم من أدواتهم السياسية والبرلمانية.
يدل تراكم سلسلة من المؤشرات والأحداث على أن أكبر كتلتين برلمانيتين إسرائيليتين معارضتين للحكومة، حاليا، قد تهاوتا منذ الآن، ما يعزز التقدير بأن مشهد المعارضة الحالية، في الانتخابات المقبلة، سيتغير بقدر كبير جدا، مع احتمال اختفاء أحد هذه الأحزاب من الكنيست، في حين أن الحزب المتشكل حديثا نسبيا، من حزبي العمل وميرتس، قد يعزز حضوره من جديد، وقد يُحدث مفاجأة بقوته البرلمانية. وكل هذا ينعكس في استطلاعات الرأي العام التي في غالبيتها الساحقة تكرر مشاهد انتخابات السنوات الأخيرة، بأنه لن يكون هناك حسم واضح لأي من الفريقين، لتشكيل حكومة جديدة، رغم إعلان إحدى الكتلتين اللتين تمثلان الجمهور الفلسطيني في الداخل، استعدادها لدعم كل حكومة توافق عليها.
في كل مرة تُعلن فيها إسرائيل عن بدء حرب أو عملية عسكرية، يُرفق بها اسم خاص يستخدم في البيانات الرسمية والتغطيات الإعلامية، والخطابات السياسية. وبرغم أن هذه الأسماء قد تبدو غريبة للوهلة الأولى؛ إلا أنها تحمل في الواقع مضامين دينية، ورمزية، وسياسية.
بعبارة أخرى، فإن اختيار هذه المسميات لا يتم بطريقة عبثية، بل تُصاغ ضمن طواقم مختصة، بما يخدم وظيفة مزدوجة: توجيه رسالة للعدو من جهة، ورسالة للمجتمع الإسرائيلي وتهيئة الرأي العام من جهة أخرى.
الصفحة 1 من 899