أنهى الكنيست الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، دورته الصيفية، لتبدأ عطلة صيفية تستمر 3 أشهر، حتى 20 تشرين الأول المقبل، لتكون فترة إعادة تنظيم صفوف الائتلاف، بإرضاء كتلتي الحريديم، بصيغة قانون تجنيد لشبانهم، يقبلون بها، ليعودوا إلى الحكومة، التي ستكون أمام عامها الرابع والأخير؛ وإذا لم تحدث مفاجآت، فإن الانتخابات ستجري لأول مرة منذ 38 عاما، في موعدها القانوني.
منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية- الأميركية على إيران، لم تتوقف النقاشات الإسرائيلية حول ما حقّقته هذه الحرب في ما يتعلّق ببرنامجي إيران النووي والصاروخي، حيث شكلت الحرب نقطة تحوّل استراتيجية في مواجهة التهديد النووي الإيراني، من وجهة النظر الإسرائيلية، وحيث لم تقتصر الحرب على إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية فحسب، بل كشفت أيضاً عن قدرات إيران الحقيقية (خاصة الصاروخية) في مقابل حدود منظومة الردع التي راهنت عليها إيران سابقاً في مواجهة إسرائيل.
على الرغم من "اختفاء" أثر الحرب، سياسةً وممارسةً، عن مركز الجدل في إسرائيل، على تضرّر العمّال والموظّفين بشكل مباشر منها، والمساس بالحقوق الاجتماعية الاقتصادية لشرائح واسعة من المواطنين، فغالباً ما تُكشف المعطيات في أوقات لاحقة عن حجم الضرر، وهو كبير كما يتّضح.
فبحسب معطيات أخيرة نشرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، تم إخراج 294 ألف عامل وموظّف عموماً من أصل 465 ألف معطّل عن العمل إلى إجازة غير مدفوعة الأجر (إجازة قسرية) على خلفية الحرب ولا سيما مع إيران. هؤلاء شكّلوا 63.2% من معدل البطالة الواسع في شهر حزيران، مقابل 7.8% في الشهر الذي سبقه.
تتوالى الهزّات على حكومة بنيامين نتنياهو، بمصدرها الوحيد، كتلتا اليهود الحريديم، وبقضية واحدة وحيدة: قانون فرض الخدمة العسكرية على الشبان الحريديم. فرغم إعلان كتلة يهدوت هتوراة الانسحاب من الحكومة والائتلاف، وإعلان شاس لاحقا، الانسحاب من الحكومة، وليس الائتلاف، إلا أن الكتلتين، وبالذات يهدوت هتوراة، لم تعلنا نيتهما التوجه لانتخابات مبكرة، إلا أن أعمال الائتلاف، من باب سن القوانين التي يسعى لها، معطّلة، تقريباً، منذ بدء الدورة الصيفية. وحالة الضبابية تتكثف في الحلبة البرلمانية، ونتنياهو آخر من يريد انتخابات مبكرة، نظراً لسلسلة مخاطرها عليه، إلا أنه في ذات الوقت أمامه معارضة ليست منتظمة، حتى الآن، فهل يستغل الوضع القائم، ويبادر بنفسه لحل الحكومة والكنيست؟ رغم ضُعف هذه الفرضية حاليا، لكنها تبقى عامل مفاجأة وارداً.
في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، طرحت إسرائيل عدة مشاريع تُعبّر في جوهرها عن محاولات التنصل من مسؤولية إدارة السكان في القطاع. لا سيما وأن أحد أهداف الحرب المعلنة هي الإطاحة بحكم حركة حماس، مقروناً برفض قاطع لأي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية أو لحماس في إدارة غزة في اليوم التالي للحرب.
طرحت إسرائيل مؤخراً ما بات يُعرف بـ"خطة المدينة الإنسانية"، والتي تقوم على إنشاء معسكر ضخم في جنوب قطاع غزة، وتحديداً في محافظة رفح، بهدف تجميع مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ويشمل خياماً للإيواء، ومراكز لتوزيع الطعام، ومرافق طبية أساسية.
يشكّل الذكاء الاصطناعي اليوم محوراً مركزياً في صراع القوى العالمية على التفوق التكنولوجي، ويُعاد من خلاله رسم معالم الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والأمن، وغيرها من القطاعات الحيوية. بالنسبة لإسرائيل، التي لم تطور بعد "استراتيجية وطنية شاملة" لاستيعاب هذا التحول العالمي، فإن الصعود المتسارع للذكاء الاصطناعي يترك أسئلة محلية في دولة استعمارية عنيفة وعدوانية تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز أدوات سيطرتها (تجاه الفلسطينيين) وأدوات رفاهيتها (تجاه مواطنيها اليهود). هذا المقال يفحص تجربة إسرائيل في هذا المجال، كاشفاً عن غياب بنية تنظيمية متكاملة برغم التقدّم البحثي، ويتناول الفرص والمخاطر (من وجهة نظر إسرائيلية) الكامنة في الذكاء الاصطناعي، قبل أن ينتقل إلى تحليل نقدي لاستخدام هذه التقنية داخل الكنيست والعمليات التشريعية.
الصفحة 3 من 349