المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
واقع غزة النكبوي: مشهد من خان يونس في 4 كانون الأول 2025. (أ.ف.ب)
  • كلمة في البداية
  • 12
  • أنطوان شلحت

تتجه الأنظار في الوقت الحالي إلى اللقاء الذي من المتوقع أن يعقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في الولايات المتحدة قبل نهاية شهر كانون الأول الحالي، والذي أعلن أنه سوف يُخصّص لمناقشة المرحلة التالية من الاتفاق بشأن قطاع غزة.

وبحسب ما نُشر في موقع "أكسيوس" الأميركي، وما نشره المحلل السياسي الإسرائيلي باراك رافيد أيضاً في موقع قناة التلفزة الإسرائيلية 12 (ورافيد على صلة وثيقة بمصادر البيت الأبيض)، قال ترامب لنتنياهو في مكالمة هاتفية جرت بينهما الأسبوع الفائت إنه يتوقع منه "أن يكون شريكاً أفضل في ملف غزة".

ووفقاً لرافيد، يخطط ترامب لإعلان الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب في قطاع غزة قبل عيد الميلاد، الذي سيصادف بعد أقل من 3 أسابيع. وتشمل هذه المرحلة انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق واسعة في غزة، ونشر ما يعرف بـ "قوة الاستقرار الدولية"، وإنشاء هيئة حكم جديدة في القطاع.

وفي تقدير هذا المحلل السياسي فإن وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، الذي تم التوصل إليه بوساطة أميركية، كان حتى الآن بمثابة الإنجاز الرئيسي لترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته الرئاسية الثانية، وبعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق تقريباً بالكامل، ترغب الولايات المتحدة في التقدم نحو المرحلة الثانية، لمنع انهيار وقف إطلاق النار ولمنع تجدّد القتال.

وبمتابعة ما ينشر في إسرائيل، يبدو هذا التقدير ليس عبارة عن تدوير للكلام، أو إعادة إنتاج موقف لا علاقة له بالوقائع الملموسة. وإلى أن تكون الصورة في هذا الصدد أوضح مما هي عليه الآن، نسجّل ما يلي:

أولاً، ثمة تأكيدات إسرائيلية عديدة على أن المرحلة الثانية باتت وشيكة، وقد تكشف عن فجوات كبيرة بين ما تطالب به الحكومة الإسرائيلية وما تخطط له وما تعد بحدوثه في قطاع غزة، وبين ما سيحدث فعلياً في أرض الواقع. مثلاً في كل ما يتعلق بـ"الخط الأصفر"، الذي اعتبره رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال إيال زامير، في أحدث تصريحات له، بمثابة حدود جديدة مع قطاع غزة. وسارع كثيرون غيره إلى وصفه بأنه "جدار برلين" الذي سيستمر لأعوام طويلة، ويفصل بين "نوعين مختلفين من غزة". ومن المتوقع ممارسة ضغط على إسرائيل للانسحاب من "الخط الأصفر".

ثانياً، تجمع أغلب التحليلات الإسرائيلية على أن العقبات الرئيسة التي تعترض المرحلة الثانية من الاتفاق هي: 1- مطلب إسرائيل نزع سلاح حركة حماس؛ 2- نشر القوة متعددة الجنسيات في غزة؛ 3- إقامة سلطة بديلة في غزة.

وفي هذا الخصوص يذكر ميخائيل ميلشتاين، رئيس "منتدى الدراسات الفلسطينية" في معهد دايان في جامعة تل أبيب، أنه حتى الآن تظهر صعوبة كبيرة في تنفيذ فكرة نشر قوة متعددة الجنسيات بسبب عدم حماسة المجتمع الدولي لإرسال قوات في ظل معارضة حماس هذه الخطوة، واحتمال مهاجمتها لهذه القوات ("يديعوت أحرونوت"، 7/12/2025).

كما يشير المختص نفسه إلى أنه بما أن حماس ترفض مبدئياً نزع سلاحها باعتبار السلاح عنصراً مركزياً في هويتها، فإن الوسطاء يدفعون في اتجاه حلول وسط، على غرار استعداد الحركة للتخلي فقط عن السلاح الهجومي (وخصوصاً الصواريخ القليلة المتبقية لديها). وهو يؤكد على أن رغبة ترامب الشديدة في الحفاظ على الاتفاق قد تدفعه إلى قبول هذا كحل كافٍ من ناحيته، تماماً كما أعلن قبل شهرين أن رد حماس على خطته ذات النقاط الـ 20 كافٍ لتوقيع اتفاق، على الرغم من أن الحركة لم تلتزم بكل شروطه، وعلى رأسها نزع السلاح.

ثالثاً، في سياق تركيز معظم التحليلات الإسرائيلية على ما يوصف بأنه "مصالح إسرائيل المركزية" على أعتاب الدخول المحتمل للمرحلة الثانية من الاتفاق على إنهاء الحرب إلى حيّز التنفيذ، يجري التلويح أكثر شيء بالمصالح الأساسية التالية: أولاً، الاحتفاظ بالقدرة على العمل عسكرياً ضد "أي تهديد يتطوّر في القطاع"، كما هي الحال في لبنان؛ ثانياً، فرض رقابة فاعلة وحازمة بقيادة أميركية بالأساس على محور فيلادلفيا ومعبر رفح؛ ثالثاً، الاحتفاظ بحق النقض (الفيتو) على التركيبة المستقبلية للإدارة التي ستنشأ في قطاع غزة، وخصوصاً إذا ما تبين أنها تضم عناصر مرتبطة بحركة حماس.

رابعاً، هناك شبه إجماع لدى شتى التحليلات الإسرائيلية على "ضرورة التخطيط لعملية عسكرية مستقبلية واسعة للقضاء على حماس".

خامساً وأخيراً، بحسب ما أجمل مصدر أميركي مطلع لباراك رافيد فإن "المعادلة ستكون التالية: الجيش الإسرائيلي يخرج من قطاع غزة، وحركة حماس ستخرج من الحكم". وأضاف: "إن السؤال الكبير هو ما إذا كانت حركة حماس ستوافق على نزع سلاحها من جهة، وعلى السماح للحكومة الجديدة بإدارة المكان من جهة أخرى. إن الأمر المؤكد أنه لا يمكنها أن تبقى في الحكم بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر سلاحها. ولحظة الحقيقة ستأتي في الأسابيع القليلة المقبلة"!

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات