المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
صورة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي معروضة في وسط ساحة ولي عصر بطهران، 13 تموز 2025. (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 19
  • عبد القادر بدوي

منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، قاربت العديد من المقالات والتقارير الإسرائيلية التحولات السريعة التي شهدتها المنطقة في أعقاب الحرب التي اتسع نطاقها ليشمل لبنان، سورية، اليمن وإيران (والضفة الغربية بطبيعة الحال). معظم هذه التقارير ركّزت على أبرز ما حقّقته إسرائيل من "إنجازات" على الصعيد العسكري في كل مواجهة مع مكونات محور المقاومة المدعوم من إيران، وعلى المواجهة مع هذه الأخيرة نفسها، وسط استمرار الموقف الإسرائيلي الرسمي بأن هذه الحرب "وجودية" بالنسبة لإسرائيل وتسعى من خلالها لتغيير وجه الشرق الأوسط.

 

 هذه المساهمة، هي الجزء الثاني من قراءة موسّعة لأبرز ما تضمّنته دراسة إسرائيلية شاملة بعنوان: "كسر المحور: إلحاق الضرر بشبكة وكلاء إيران وتعطيلها" أعدّتها مجموعة كبيرة من الباحثين لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب وصدرت قبل أيام قليلة، تُسلّط الضوء على المواجهة العسكرية التي تخوضها إسرائيل على جميع الجبهات باستثناء قطاع غزة وإيران (نظراً لأن الوضع لم يُحسم فيها بعد)، حيث تتناول أبرز ما تحقّق عسكرياً وسياسياً في: سورية، لبنان، الضفة الغربية، العراق واليمن، وتشتمل على توصيات لإسرائيل والولايات المتحدة للعمل وفقاً لها لضمان ترجمة "الإنجازات العسكرية" إلى "إنجازات سياسية" ملموسة وواضحة لصالح إسرائيل.

جدير بالذكر هنا أن هذا الجزء يتضمّن: الضفة الغربية والأردن، العراق، اليمن (الجزء الأول تضمّن سورية ولبنان فقط وقد نُشر في ملحق المشهد العدد السابق). من الأهمية بمكان أن نُشير إلى أن الأفكار والمصطلحات الواردة أدناه لا تُعبّر عن مُعدّ المساهمة أو مركز مدار، وإنما مصدرها الدراسة نفسها.

******

الأردن والضفة الغربية

تُشير الدراسة إلى أن إيران وحزب الله حاولا على مدى أكثر من عقدين زعزعة استقرار الأردن من خلال استخدامه كقاعدة لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، غالباً عبر فلسطينيين في الأردن، أو عناصر من الإخوان المسلمين، وقد كان ذلك بشكلٍ رئيس من خلال محور فلسطين في فيلق القدس وهو الذراع العملياتية الخارجية للحرس الثوري، ووحدة 3900 التابعة لحزب الله، وقد جاء التركيز الإيراني على الأردن كونه شريكاً مركزياً للولايات المتحدة في القضايا الأمنية الإقليمية ولتعاونه مع إسرائيل، وبسبب موقعه الاستراتيجي المجاور لسورية، العراق، السعودية، إسرائيل والضفة الغربية كذلك، وقد كثّفت إيران وحلفائها من هذا النشاط في الأردن من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تحديداً (تذكر الدراسة عمليات اعتقال لخلايا مرتبطة بإيران في الأردن خلال الحرب).

تؤكّد الدراسة على أن إيران تدير عملية تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية عبر الحدود مع الأردن منذ العام 2022 على الأقل، ورغم أن إسرائيل والأردن يراقبان عن كثب جانبي الحدود، فإن بعض الأسلحة- خصوصاً البنادق والمسدسات- تنجح في التسلل بين الفينة والأخرى، كما ضبط الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" أسلحة متطورة مثل: صواريخ مضادة للدبابات و(RPG)  في تشرين الثاني 2024، كما أحبطت إسرائيل شحنة من الصواريخ، و40 جهاز تفجير قوي من أنواع مختلفة بعضها معد للتشغيل عن بُعد، وقنابل، وقاذفات هاون، وبنادق قنص وأسلحة أخرى كانت موجهة إلى جنين في الضفة، التي كانت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية قد أطلقت في كانون الأول 2024 عملية ضد خلايا مسلحة فيها انتهت دون نتائج حاسمة، وبعدها مباشرة سيطر الجيش الإسرائيلي على مخيم جنين، وقد كانت هذه العملية أكبر جهد متواصل للسلطة حتى الآن ضد التنظيمات "الإرهابية" الناشطة في الضفة، لكن قوات الأمن الفلسطينية في موقف ضعيف أمام تدفق الأسلحة والتمويل الإيراني، وتحتاج لمزيد من التدريب والمعدات لتفكيك ومواجهة هذا النوع من العمل.

من ناحية أخرى، تُشير الدراسة إلى أن الهجمات المستمرة من قبل مستوطنين يهود ضد مدنيين فلسطينيين قد تساعد أيضاً بشكل غير مباشر في تعميق التدخل الإيراني في الضفة، وعجز إسرائيل أو عدم رغبتها في كبح عنف المستوطنين من شأنه تقوية السردية الإيرانية القائلة إن إسرائيل تمارس "إرهاباً برعاية الدولة".  لكن من ناحية أخرى، تؤكّد الدراسة، أنه وخلافاً للتوقعات، فإن تهجير نحو 40 ألف فلسطيني من جنين وطولكرم ونور شمس في النصف الأول من العام الحالي (2025) أنتج هدوءاً في المنطقة وأحبط حرية عمل الخلايا المسلحة التي كانت تنشط فيها.

تؤكّد الدراسة أن هناك فرصة حقيقية للولايات المتحدة وإسرائيل للحدّ من التدخل الإيراني عبر تحسين قدرات قوات الأمن الأردنية وقوات السلطة الفلسطينية في مواجهة التهديدات من مسلحين وخلايا يعملون برعاية إيران، كما يمكن لإسرائيل تقليص التهديدات لـ "أمنها" من الضفة عبر تقليل الدوافع والحد من التأثير الإيراني، من خلال تحسين مستوى المعيشة في الضفة وكبح عنف المستوطنين المتطرفين. وعليه، تقترح جملة من التوصيات على النحو التالي:

على صعيد الولايات المتحدة، تقترح الدراسة: 1) مواصلة عمل منسق الأمن (OSC)  وتوسيع المساعدة لتدريب وتجهيز أجهزة الأمن التابعة للسلطة؛ 2) الإفراج عن المساعدات الخارجية المتبقية للأردن لضمان استقرار المملكة؛ 3) الضغط على تركيا لوقف تمويل حماس، خصوصاً نقل الأموال لنشاطات في الضفة، وطرد جميع عناصر حماس المتبقين من أراضيها؛ 4) إقناع النظام الجديد في سورية، عبر تركيا، بمحاربة مسارات تهريب السلاح الإيراني بالتعاون مع الأردن وإسرائيل؛ 5) إبلاغ إسرائيل بأنها لن تدعم أي شكل من أشكال ضم الضفة، الأمر الذي سيمنح إيران أرضية خصبة للتجنيد ويشجع عدم الاستقرار والهدوء.

أما على صعيد إسرائيل، فتقترح الدراسة التالي: 1) إنشاء قوة مهام ثلاثية- إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية- لمكافحة تهريب السلاح؛ 2) الحفاظ على التعاون والتنسيق مع أجهزة أمن السلطة، خصوصاً تبادل المعلومات الاستخبارية؛ 3) تعزيز إغلاق حدود الأردن- إسرائيل ومثلث الحدود سورية- الأردن- إسرائيل لمنع تهريب السلاح، ولهذا الغرض أنشأ الجيش الإسرائيلي مؤخراً قيادة على مستوى فرقة مسؤولة عن حماية الحدود الشرقية؛ 4) الشروع في بناء جدار حدودي جديد مع الأردن؛ 5) إعادة تصاريح العمل الفلسطينية إلى مستويات ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لتقليل الحوافز لتلقي أموال نقدية إيرانية مقابل العمليات؛ 6) تعزيز مؤسسات الحكم التابعة للسلطة الفلسطينية عبر وقف تأخير غير ضروري لأموال المقاصة؛ 7) التحرك بحزم ضد عنف المستوطنين المتطرفين ومنع طرد المزارعين الفلسطينيين من أراضيهم، وأخيراً، التخلي عن أي شكل من أشكال ضم الضفة، بما في ذلك تجنّب تنفيذ قرار الكنيست غير الملزم من تموز، الداعم لفرض السيادة الإسرائيلية عليها.

العراق

تؤكّد الدراسة أن إيران قامت على مدار عقود بتسليح وتدريب وتمويل فصائل شيعية عراقية، بما في ذلك منظمات مسؤولة عن قتل مئات الجنود الأميركيين منذ العام 2003، وقد ساعدت هذه الفصائل إيران على تعميق نفوذها في شؤون السياسة والاقتصاد والأمن في العراق، ومع ذلك، فإن هذه الفصائل ليست كتلة واحدة ولها مصالح متنوعة، إذ أن بعضها تركز على النشاط العسكري فقط، بينما يحتفظ البعض الآخر بأجنحة سياسية أو يقدم خدمات اجتماعية فقط. بحسب الدراسة، فإن غالبية هذه التنظيمات تنتمي إلى منظمة تُسمى "الحشد الشعبي" التي تأسست العام 2014 لمحاربة داعش، وقد خضعت للرقابة الحكومية العام 2016 بموجب قانون منح المنظمة وضعاً قانونياً، لكن في العام 2022، اتخذت حكومة "إطار التنسيق" المؤيدة لإيران خطوة غير مسبوقة وأنشأت شركة (المهندس) لدعم قوات الحشد الشعبي اقتصادياً، وفي العام 2024 خصص البرلمان حوالي 3.5 مليار دولار للمنظمة، معظمها مخصص للرواتب، وعلى الرغم من أن الفصائل المدعومة من إيران لها مستويات مختلفة من الارتباط بطهران، إلّا أنها جميعها تشترك في العداء لإسرائيل، وفي الرغبة بطرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط.

 تُشير الدراسة إلى أن الفصائل المدعومة من إيران هاجمت بعد 7 أكتوبر إسرائيل وكذلك قواعد الولايات المتحدة ودول التحالف في العراق وسورية والأردن من خلال مئات المسيرات والصواريخ، وقد تمكّنت طائرة مسيرة واحدة أصابت قاعدة عسكرية في هضبة الجولان في تشرين الأول 2024، من قتل جنديين وإصابة 24 آخرين، ورغم ذلك، تجنّبت إسرائيل مهاجمة أهداف داخل العراق، لكن وفقاً لتقارير أجنبية، نفذت ضربات جوية ضد عناصر الفصائل على طول حدود العراق- سورية في تدمر ودمشق، وقد تراجعت الهجمات على إسرائيل إلى حد كبير قرب نهاية 2024. من ناحية أخرى، هاجمت منظمة المقاومة الإسلامية في العراق بين نهاية 2023 وبداية 2024 قواعد الولايات المتحدة ودول التحالف في العراق وسورية أكثر من 200 مرة، وقد ردت الولايات المتحدة أحياناً بتوجيه ضربات عسكرية، وقد بلغ التوتر ذروته في كانون الثاني 2024 بعد هجوم بطائرات مسيرة أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين وأصاب 24 آخرين على الأقل في قاعدة Tower 22 شمال شرق الأردن، حيث ردت الولايات المتحدة بغارات جوية على أكثر من 85 هدفاً إيرانياً في العراق وسورية، وقد أدّى ذلك إلى دفع الفصائل إلى تخفيف هجماتها إلى حدٍّ كبير حتى تموز 2024، لكن رغم ذلك، تُفيد العديد من التقارير الاستخبارية أن الفصائل قد اكتسبت مؤخراً قدرات جديدة قد تهدد القوات الأميركية وإسرائيل، إذ سلّمتها إيران في نيسان 2025 ثلاثة أنواع من الصواريخ: صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أوروبا، صواريخ كروز من طراز قدس 351، وصواريخ باليستية من طراز جمال 69.

من ناحية أخرى، تُشير الدراسة إلى أن الفصائل العراقية لم تتدخّل، إلى حدٍّ كبير، في الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، وقد أفادت العديد من التقارير أن الجيش العراقي قد أحبط 29 محاولة لإطلاق صواريخ أو طائرات مسيرة نحو إسرائيل أو القوات الأميركية من قبل الفصائل المدعومة من إيران، وقد أشار لذلك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.  وعليه، تقترح الدراسة جملة من التوصيات التي يجب أن تأخذها الولايات المتحدة بعين الاعتبار للحد من النفوذ الإيراني في العراق، واستغلال الفرصة القائمة حالياً، وذلك بدعم مؤسسات الدولة وتقديم المشورة لبغداد ضد استمرار دمج هذه الفصائل في النظام السياسي العراقي على النحو التالي: 1) الحفاظ على علاقات وثيقة مع حكومة العراق، تشمل دعم برامج إصلاحية في الأمن والاقتصاد وتمكين استئناف برامج التبادل الصناعي والتعليمي بين الولايات المتحدة والعراق؛ 2) التوضيح لحكومة العراق أن قانون قوات الحشد الشعبي، الذي يؤكد بصفة دائمة على المنظمة كقوة أمنية موازية على غرار الحرس الثوري الإيراني، سيضر بعلاقات الولايات المتحدة- العراق وقد يؤدي إلى فرض عقوبات؛ 3) زيادة الموارد لوزارة المالية لتعقب وفرض عقوبات على النشاط الاقتصادي للفصائل العراقية والحرس الثوري في الاقتصاد العراقي، بهدف تحسين مناخ الاستثمار من دول الخليج ودول أخرى؛ 4) الحفاظ على حرية التحرك للرد العسكري على أي هجمات مستقبلية على القوات الأميركية من قبل هذه الفصائل.

أما على صعيد إسرائيل، فتقترح الدراسة ما يلي: 1) تجنب الهجوم داخل العراق إلا إذا كان في إطار الرد على هجمات محددة؛ 2) الاستمرار في طرح قضية التهديدات الأمنية التي تشكلها هذه الفصائل في المنتديات والمؤسسات الدولية؛ 3) تشجيع حوار استراتيجي مع إدارة ترامب بشأن تحديات الاستقرار الإقليمي الناتجة عن نشاط هذه الفصائل (بما في ذلك الهجمات الأخيرة على قواعد عسكرية وأهداف مدنية في مناطق حكومة إقليم كردستان في تموز 2025)، وكيفية التعامل مع هذه التحديات بوسائل دبلوماسية وعسكرية أيضاً؛ 4) منع هذه الفصائل من استغلال الوضع الداخلي الحساس في سورية للتمركز هناك ونقل الأسلحة من العراق عبر سورية إلى لبنان، واستخدام كافة الخيارات بما في ذلك العسكرية على طول الحدود لإحباط ذلك.

اليمن
منذ هجوم 7 أكتوبر، أطلق الحوثيون آلاف الطائرات المسيّرة والصواريخ على إسرائيل، كما هاجموا سفناً في البحر الأحمر وخليج عدن مرتبطة بإسرائيل أو بالولايات المتحدة أو بدول أخرى يعتبرونها معادية، وقد أدّت هذه الهجمات إلى تعطيل التجارة الدولية عبر قناة السويس ودفعت شركات شحن كبرى لتغيير مساراتها حول رأس الرجاء الصالح، كما أسقط الحوثيون طائرات أميركية مسيّرة من طراز  MQ-9، وهاجموا قاعدة أميركية في جيبوتي، وأطلقوا صواريخ على الإمارات.  في المقابل، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى بإنشاء تحالف دولي للتصدّي لذلك والدفاع عن حرية الملاحة، فمنذ كانون الأول 2023، نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا مئات الغارات الجوية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، مستهدفة مخازن أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ، لكن هذا لم يردعهم من مواصلة الهجمات حتى هذه اللحظة، حيث أعلنوا أنهم ينفذون هذه العمليات دعماً وإسناداً لغزة وضد إسرائيل، ومع ذلك، تؤكّد الدراسة أن هدفهم يتجاوز التضامن الرمزي: فهم يسعون لتأكيد أنفسهم كجزء من محور المقاومة بقيادة إيران، وتعزيز شرعيتهم في الداخل اليمني والإقليمي، وقد منحتهم هذه الهجمات بالفعل شعبية داخل العالم العربي والإسلامي، ورسّخت صورتهم كقوة إقليمية لا يُستهان بها، وأصبح الحوثيون لاعباً رئيسياً في الاستراتيجية الإيرانية لتهديد إسرائيل والغرب من عدة جبهات، من خلال قدراتهم على تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يمنح إيران أداة استراتيجية إضافية ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

وعليه، تقترح الدراسة على الولايات المتحدة التالي في التعامل مع خطر التهديد الحوثي: 1) مواصلة الدفاع عن حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن باستخدام وسائل عسكرية ودبلوماسية؛ 2) تكثيف الجهود لتقويض قدرات الحوثيين العسكرية عبر ضربات دقيقة تستهدف بنيتهم التحتية العسكرية؛ 3) تعزيز التعاون مع السعودية والإمارات للضغط على الحوثيين، مع الحفاظ على قنوات دبلوماسية مع طهران لخفض التصعيد؛ 4) توسيع العقوبات على الكيانات المرتبطة بالحوثيين، وخاصة شبكات تمويلهم ونشاطهم التجاري غير المشروع.

أما على صعيد إسرائيل، فتقترح الدراسة ما يلي: 1) الاستمرار في التعاون الاستخباراتي والعملياتي مع الولايات المتحدة والدول الإقليمية لرصد واعتراض هجمات الحوثيين؛ 2) تجنب التورط المباشر في اليمن لتفادي توسيع ساحة الحرب؛ 3) استخدام الساحة الدبلوماسية الدولية لتسليط الضوء على دور الحوثيين كذراع إيرانية تهدد الاستقرار الإقليمي والتجارة العالمية؛ 4) تعزيز الردع عبر الهجمات العسكرية التي يتم تنفيذها كرد على الهجمات التي ينفّذها الحوثيون.

الخلاصات والاستنتاجات النهائية

تستخلص الدراسة أن توسيع النفوذ الإيراني التدريجي على مدار العقود الماضية في المنطقة عبر شبكة الحلفاء والتنظيمات التي تدعمها كان من الممكن أن يتسبّب في سيناريو مرعب لإسرائيل، إذ أن تسلسل الأحداث بعد هجوم 7 أكتوبر في البداية مثّل مشهدا مرعبا لحرب متعددة الساحات، إلا أن إسرائيل تمكنت من قلب المعادلات بشكل غير مسبوق، وقد نتج عن ذلك تآكل كبير في كل أعمدة الأساس التي ارتكزت عليها إيران، وقد ضعفت وتراجعت قدراتها أكثر، أو انهارت تماماً (كما في حالة نظام الأسد). أما على الصعيد الداخلي، فإن النظام الإيراني يواجه العديد من المشاكل المركّبة، بما في ذلك أزمة اقتصادية وانقسامات اجتماعية، في ظل الصراع المقبل على وراثة القيادة الحالية.

تؤكّد الدراسة أنه من المتوقع أن تعطي إيران أولوية لإعادة بناء دفاعاتها، وفي غياب اتفاق نووي يرفع العقوبات سيكون لديها موارد أقل لتحويلها إلى محور المقاومة، وهذا الأمر يخلق فرصة تاريخية لإسرائيل وحلفائها لإعادة إنتاج ميزان القوى الإقليمي لصالح مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل على المدى الطويل، لكن ذلك سيتطلب قيادة ومشاركة أميركية، بالتنسيق مع شركاء إقليميين، لاستغلال نافذة الفرص في سورية ولبنان وإيجاد حل مستدام لغزة كذلك.

لكن في الوقت نفسه، يُظهِر الخطاب في طهران أن إيران لا تنوي التخلّي عن حلفائها لصالح استراتيجية جديدة، وستحاول التأقلم مع البيئة الجيو- استراتيجية المتغيرة، وستستغل دولاً هشّة لتعزيز نفوذها من جديد، وهو ما يجب أن يُدركه صانعو السياسة في الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك، يجب تجنّب الاستخفاف بمرونة إيران وحلفائها وقدرتهم على المناورة والتكيف، فعلى الرغم من أن قدرة إيران على إعادة إحياء محور المقاومة محدودة في الوقت الحالي، إلا أن الولايات المتحدة وشركائها بحاجة إلى العمل على تقوية حكومات لبنان وسورية والعراق للحد من نفوذ إيران والفصائل المدعومة منها.

تقترح الدراسة على الولايات المتحدة استخدام تكتيكات القوة الناعمة لتحدي المدّ الثوري لإيران ولتعزيز رؤية إقليمية تضع الاستقرار والأمن والازدهار في المركز، بدلاً من حرب لا نهاية لها ضد مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، والطريقة الأكثر فاعلية لتبريد أيديولوجية المقاومة الإيرانية هي الحد من قدرتها على جذب الدعم خارج حدودها، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال رسم طريق واضح لإقامة دولة فلسطينية وتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

أما بالنسبة لإسرائيل، فيجب أن تُدرك أن إيران هي القوة الداعمة للمقاومة ضدها، بما في ذلك في ميدان الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، حيث أن إيران تستمد شرعية ما تقوم بها من الأفعال والبلاغة لدى الجماعات المدعومة منها التي تتغذى على الفشل المستمر في معالجة جوهر الصراع، وفي تلبية طموحات الفلسطينيين القومية، لذلك، ولكي تحقق الاستراتيجية الشاملة أقصى قدر من النجاح، لا تكفي الإجراءات الملموسة التي تهدف إلى تعطيل شبكة محور المقاومة ومنع حلفاء إيران من الحصول على مجال مريح للعمل في الساحات المختلفة، بل يجب أيضاً معالجة الاستياء الأيديولوجي الأوسع الناشئ عن غياب دولة فلسطينية من جهة، وعن احتلال عسكري إسرائيلي دائم، من جهة أخرى.

 

المصطلحات المستخدمة:

تدمر, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات