تزايدت في الأيام الأخيرة التقارير الاقتصادية الإسرائيلية التي تؤكد ما يمكن وصفه بحالة انفلات في سوق الأغذية، وسط غياب رقابة حكومية حقيقية، على المواد الغذائية، إذ يؤكد تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، أنه في أشهر الحرب الـ 13 الأولى، ارتفعت أسعار المواد الغذائية من دون الخضروات والفواكه بنسبة عامة 5%، في حين أن نسبة التضخم في الفترة ذاتها كانت 3.7%، وهذا أحد مسببات زيادة أرباح الشركات المنتجة والمستوردة والمسوقة للمواد الغذائية، التي تواصل رفع الأسعار رغم تراجع أسعار المواد الخام للمنتوجات الغذائية في الأسواق العالمية منذ حوالي عامين، إلا أن هذا لم ينعكس على الأسعار في السوق الإسرائيلية، في ظل الحرب المستمرة.
ينبغي أن نعيد التذكير بأنه قبل أسبوع واحد من حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع حرب الإبادة على غزة، التي بدأت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت إسرائيل أنها دخلت إلى ما تصفها بأنها "مرحلة جديدة" من القتال تتسّم أساساً بتوسيع نطاق الحرب لتشمل الجبهة الشمالية، حيث شرع الجيش الإسرائيلي في شنّ ما قال إنها "عملية برّية مركزة" في جنوب لبنان، معلناً أنها ستركّز، في بدايتها، على البنى التحتية التي أنشأها حزب الله قريباً من منطقة الجدار الحدودي، تحضيراً لشنّ هجوم على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية الحدودية على غرار هجوم "طوفان الأقصى".
تعتبر العلاقات الروسية- الإيرانية أحد الملفات التي تشغل اهتمام المجتمع الدولي، وبالأخص إسرائيل، التي تنظر إلى هذا التقارب بعين الحذر والقلق الكبيرين، خاصة مع التنامي السريع للتعاون العسكري- الأمني والاقتصادي، التنسيق الاستراتيجي في قضايا إقليمية مثل الأزمة السورية وبرامج التسلّح الصاروخي الهجومي والدفاعي لا سيّما بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية. هذه التطورات تثير مخاوف إسرائيل بشكلٍ كبير، إذ أنها تعتبر هذا التقارب من شأنه تعزيز نفوذ إيران في المنطقة وهو ما تعتبره تهديداً مباشراً "لأمنها القومي"، في ظل مساعي إسرائيل لتغيير موازين القوى وميزان "الردع" مقابل إيران منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وخصوصاً مع دخول المواجهة بينهما في مسار جديد وغير مسبوق.
لم يكن ثمة ما هو طبيعيّ، بالتأكيد، أكثر من توقع ردود الفعل الإسرائيلية، السياسية والقضائية والإعلامية، الرسمية منها وغير الرسمية على حد سواء، والتي أجمعت على استخدام شعار "معاداة السامية" الجاهز لوصف ومهاجمة قرار "محكمة الجنايات الدولية" إصدار مذكّرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت (من 29 كانون الأول 2022 حتى يوم 7 تشرين الثاني 2024)، بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الشاملة التي شنتها عليه ـ ولا تزال ـ تحت اسم "حرب السيوف الحديدية"، ابتداء من يوم 8 تشرين الأول 2023 حتى يومنا هذا، غداة الهجوم الذي شنته "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، على القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية في منطقة ما يسمى "غلاف غزة" في جنوب إسرائيل، والملاصقة للحدود مع قطاع غزة.
الصفحة 34 من 894