المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أجرى المقابلة: فراس خطيب

تعتبر آراء د. ليف غرينبرغ من جامعة "بن غوريون" في بئر السبع، مثيرة كونها من قلب المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية. إنه يساري يبتعد عن اليسار المألوف، وصهيوني يبتعد عن الصهيونية المستهلكة، كما يعرف نفسه. ولديه مآخذ على آلية عمل اليسار، الإعلام، أوروبا، شارون، الولايات المتحدة، إتفاقية جنيف.

من خلال حديث خاص لـــ "المشهد الإسرائيلي" تحدث د. غرينبرغ عن كل هذه المواضيع، ومن المثير حقا أنه من القلائل الذين يشدّدون على ضرورة إشراك الفلسطينيين الذين يعيشون في الداخل في المفاوضات على الحل النهائي.

بعد مقتل الشيخ أحمد ياسين، كتب د. ليف غرينبرغ مقالاً نشرته صحيفة بلجيكية جاء فيه: "إن مقتل الشيخ أحمد ياسين على يد حكومة إسرائيل هو جزء من خطوة كبيرة تنفذها إسرئيل من الممكن تسميتها إبادة شعب رمزية". هذه المقالة أحدثت ضجة داخل الشارع الإسرائيلي ووضعته أمام حقيقة الأجهزة الإسرائيلية المرة التي لم تخف موقفها الصارم والمعارض له.

*سيرة ذاتية

ولد د. ليف غرينبرغ في الأرجنتين وإنتقل للعيش في إسرائيل ضمن المشروع الصهيوني في فترة الهجرة الاولى من أقطار أمريكا اللاتينية. حصل على اللقب الأول والثاني في موضوعي علم الإجتماع والعلوم السياسية من الجامعة العبرية في القدس، وأكمل الدكتوراه في موضوع علم الإجتماع في جامعة تل أبيب ويعمل محاضراً منذ العام 91 وفي قسم "علم السلوكيات" في جامعة "بن غوريون" في بئر السبع منذ العام 94 ، ويعد مختصأ في موضوعي علم الاجتماع السياسي والإقتصاد السياسي ضمن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. كان من مؤسسي الحركة الطلابية العربية- اليهودية "كامبوس"، التي قامت عام 74، ومن مؤسسي حركة "يوجد حد" التي اقيمت عام 82 إثر إجتياح بيروت.

رفض د. غرينبرغ الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة عام 87، وسجن لمدة شهر في السجون الإسرائيلية، ويعتبر اليوم واحداً من مؤيدي حركات رفض الخدمة العسكرية في إسرائيل. ومنذ صعود إيهود براك الى السلطة، بدأ د. غرينبرغ بكتابة مقالات سياسية عن الوضع السياسي في إسرائيل والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

(*) "المشهد الإسرائيلي": لماذا وقع إختيارك على صحيفة بلجيكية لتنشر مقالك؟

(*) انا لم أختر الصحيفة البلجيكية بل هي التي إختارتني، أنا أكتب عادة للجمهور الإسرائيلي، وانشر مقالاتي عبر الإنترنت وتصل الى أماكن عديدة، وهناك من يعتني بها وينشرها، وهذا ليس اول مقال لي نشر خارج إسرائيل، لي الكثير من المقالات التي نشرت وفي عدة دول، ولكن المقال الأخير أحدث ضجة أكثر من غيره.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ماذا أردت أن تظهر من خلاله؟

(*) أظهرت من خلال المقال أن مقتل الشيخ أحمد ياسين سيخلق تصعيداً خطيراً على مستويين، الاول هو على مستوى القيادة الفلسطينية (هدف التصفية)، الرموز والقضية، وآمال الشعبين، اما المستوى الثاني فهو سياسة إسرائيل فيما يخص خطة الإنسحاب أحادي الجانب من غزة، والتي تشكل خطراً هي أيضاً، فلن يكون هناك حد أدنى من الفائدة من الإنسحاب.

(*) "المشهد الإسرائيلي": لكن مقالك لم ينته عند الرأي إنما حرّك الكثير من الجهات، فعلى سبيل المثال اعلن بعض المتبرعين أنهم من الممكن ألا يتبرعوا من جرائه. هل كنت تتوقع رداً كهذا؟

(*) لم أفكر في هذا الموضوع أبدا ولم يخطر لي على بال، كما لم افكر قبل كتابة أي مقال في السابق. فليس من المعقول أن تسكت أفواهاً من أجل الماديات، هذا ليس ديمقراطياً أبداً. أنا كتبت ما فكرت به. على اية حال فجامعة "بن غوريون" تلقت تهديدات عديدة فيما يخص هذا الموضوع، لكنها تتعامل معي بشكل ديمقراطي للغاية، تعترف بحق الفرد في التعبير عن رأيه، فقد سبقت هذا الحدث أحداث، وانا لست محاضراً جامعياً فقط، إنما مواطن دولة قبل كل شيء ولي حق التعبير.

(*) "المشهد الإسرائيلي": لقد ضاع تفسير مقالك في الصحف، ثمة من قال إنك تشبِه مقتل الشيخ ياسين بقتل الشعب الفلسطيني، وهناك من قال غير ذلك، كيف تفسّره انت؟

(*) كتبت جريدة "معاريف" عن المقال، لكن كل ما كتبته هو أكاذيب وانا أطلب منك ألا تقتبس مما كتبوا شيئاً، انظر الى المقالة الأصلية رجاءً. فقد قالوا إني أشبه مقتل الشيخ ياسين بقتل شعب كامل، وانا لم أقل هذا، انا كتبت ان مقتل الشيخ هو قتل لرموز الشعب. لم أتحدث عن كمية بل تحدثت عن المس بكل ما يرمز الى القومية الفلسطينية، كنت واضحاً ولم أقصد القتل الفعلي إنما قتل المقدرة التي يملكها الشعب الفلسطيني، وقتل طريقه الى الإستقلال الذي يبدأ من القادة ويستمر الى السلطة الفلسطينية، ويمتد الى حرية تنقل الفلسطينيين، وهكذا، وهذا طبعا قتل.

بالنسبة للقتل الفعلي والكمي فأنا أعتقد أنه اذا ما قارنا عدد القتلى الفلسطينيين فنرى أن العدد ليس كبيراً نسبياً لشعب يحارب من أجل الحرية، في الجزائر مثلاً سقط مليون شهيد. لذلك أطلب منك فرصة التحدث والعودة قليلا الى التاريخ فهناك فرق بين ما فعله النازيون لليهود وبين ما تفعله حكومة إسرائيل للشعب الفلسطيني، فالنازيون أرادوا قتل الشعب اليهودي بشكل فعلي، وحكومة اسرائيل ترغب في أن تقتل الإستقلال القومي للشعب الفلسطيني وأمله في أن يصبح شعباً مستقلاً، وهذا في غاية الخطورة، فقد كان هدفي من المقالة هو الوصول الى اوروبا ايضا.

أنا أعارض سياسة إسرائيل التي تحاول ان تسكت الإنتقادات الاوروبية، فإسرائيل تتعامل مع الإنتقادات الاوروبية بنوع من اللوم التاريخي، فبعد أن تأتي أوروبا بالإنتقادات تسكتها إسرائيل بحجة الكارثة (الهولوكوست) وتقول انتم (الاوربيون) قتلتمونا أثناء الكارثة ولا يحق لكم الحديث عن تعاملنا مع الفلسطينيين اليوم، لكن ما اقوله هو العكس تماماً، بل هذا هو السبب الذي من أجله يجب ان تأتي اوروبا بانتقادات لإسرائيل، كونها مسئولة عن صدمة اليهود من الكارثة ومن القومية، هذه الصدمة التي يعاني منها الاسرائيليون أعطتهم شرعية الإجحاف في حق الفلسطينيين، لهذا، على اوروبا ان تتدخل، وأنا اهاجم الدور الاوروبي في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فاوروبا تعطي الولايات المتحدة حرية التحكم في هذا الموضوع، وهذا مرفوض.

(*) "المشهد الإسرائيلي": أنت تقول هذا من منظار لا يؤخذ بعين الإعتبار في اوروبا اليوم، "اللاسامية" تتسع، واوروبا حريصة على حصر الموضوع، ربما هي مصدومة أيضا تاريخيا ولا تريد اتخاذ دور اكبر كي لا تعتقد إسرائيل ان التاريخ يعيد نفسه؟

(*)أنت تعطيني بسؤالك فرصة التحدث عن ظاهرة "اللاسامية"، ففي العالم ينتقدون إسرائيل من كل ناحية، هناك من ينتقد الحكومة وسياستها، وهناك من ينتقد دولة إسرائيل كدولة، وهناك من يكره اليهود لانه "لاسامي"، حسب رأيي يجب الفصل بين الإنتقادات التي توجه للحكومة وبين "اللاسامية"، فالحكومة الاسرائيلية تسعى دائما الى إعتبار كل الإنتقادات ضدها في سياق اللاسامية، والسؤال، ماذا تريد الحكومة من إتهام الجميع باللاسامية؟ الإجابة: من أجل إعتبار كل من ينتقد إسرائيل انه "لاسامي"، كي تضيق دائرة الإنتقاد. هناك جانب آخر معني بالتفسير الإسرائيلي، وهو جانب اللاسامية الحقيقية (اللاساميون الأصليون)، فهم يبررون عنصريتهم وكراهيتهم لليهود على أنها إنتقاد للحكومة، والنتيجة هي أن الحكومة الإسرائيلية وزبائن اللاسامية في اوروبا، يعرقلان الإنتقاد الشرعي والبناء لحكومة إسرائيل، ويلعبان نفس الدور.

(*) "المشهد الإسرائيلي": لنعد قليلاً الى القضية العالقة اليوم مع الإعتبارات الاوروبية بما فيها "اللاسامية"، هل يوجد حل مثالي للقضية ام ان هناك حلاً واقعيا فقط؟

(*) انا لا اؤمن بأن هناك حلاً مثالياً للقضية، ليس من جانب الفلسطينيين ولا الإسرائيليين، ولكن يوجد حل واقعي متعلق بالتطورات والمسببات، وبدوري كمختص في علم الإجتماع السياسي، استطيع أن أسأل، الى متى سنظل في دائرة العنف التي نشهدها؟ انا لا أعلم إن كنت واقعياً ولكن يجب ان نفصل بين نهاية الإحتلال وبين الإتفاق على الحل النهائي، فنهاية الإحتلال حسب رأيي يجب أن تكون إنسحاباً من كل المناطق الفلسطينية حتى حدود 67 والمقصود هو إنسحاب الجيش مع المستوطنين، ونشر قوات حفظ سلام دولية تحافظ على الفلسطينيين، هذه الخطوة إجبارية قبل الحديث عن الحل النهائي. ومع بداية المفاوضات على الحل النهائي يجب أن تُبحث عدة نقاط أهمها، القدس، الأماكن المقدسة، وقضية اللاجئين، وحقوق المواطنين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل دولة إسرائيل، فهم جزء لا يتجزأ من النقاش. البحث في النقاط المذكورة يجب أن يكون مشروطاً بإنهاء العنف، وحسب رأيي لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات في ظل الإحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، ففي تلك الحالة ستكون حكومة شارون هي الآمرة الناهية، كما يفعل اليوم شارون في قضية الإنسحاب أحادي الجانب، فالجانب القوي الذي تمثله إسرائيل يفرض حلولاً غير مقبولة على الشعب الفلسطيني كونه قوياً. شارون يفرض الإنسحاب أحادي الجانب على الفلسطينيين، ولكن هذا إنسحاب في ظل الإحتلال والهجوم ولا يمكن القبول فيه.. اي أن الجيش سيخرج من غزة وستعم الفوضى هناك، ومن قال إن العنف سينتهي مع الإنسحاب؟

(*) "المشهد الإسرائيلي" : كيف ترى حل قضية اللاجئين من وجهة نظر إجتماعية سياسية؟

(*) يجب التحدث عن هذا الموضوع من خلال وضع يخلو من أحداث العنف، أنا أعتقد أن موضوع اللاجئين هو أكثر المواضيع تعقيداً وصعوبة في القضية الفلسطينية، لانه من وجهة نظر الفلسطينيين لا يمكن التنازل عنه. ومن وجهة نظر يهودية لا يمكن أن يعود 4 ملايين فلسطيني الى إسرائيل. من وجهة نظري يجب الإعتراف بحق اللاجئين من عدة منطلقات أهمها كي لا يشعر الفلسطينيون بالظلم، وعلى إسرائيل أن تعترف بالأذى التاريخي الذي سببته للفلسطينيين. لكن انا كمختص في علم الإجتماع لا أعتقد أن كل الأربعة ملايين يودون العودة الى هنا.

الحديث اليوم عن حق العودة هو أمر غير عملي في ظل الإحتلال، لان هذا يشكل كابوساً لإسرائيل، يجب إنهاء الإحتلال ومن بعده التحدث. ويجب ان تتدخل أيضا الدول العربية في المفاوضات حول حق العودة لان النقاش حول هذا الموضوع وعن الأماكن المقدسة يجب أن تشترك فيه الدول العربية أيضاً، ولا يمكن لها ان تتنصل منه.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما رأيك في الدور الأمريكي في حل الصراع؟

(*) الدور الامريكي هو دور سلبي، فمنذ احداث الحادي عشر من سبتمبر والنظام الامريكي يعطي الشرعية لسياسة العنف التي تتخذها حكومة شارون. وانا اعتقد ان بن لادن لعب في هذا دوراً لا يمكن الإستهانة به من ناحية تدميرية، فهو أعطى الولايات المتحدة شرعية فرض سياستها العنيفة على الشرق الأوسط، فبوش اليوم لا يستطيع ان يفعل ما يفعله من دون بن لادن فهو بحاجة له. بوش اليوم يعطي الشرعية لأكثر سياسة متطرفة منذ ولادة الدولة.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف ترى تعامل الأجهزة الإعلامية والأكاديمية الإسرائيلية في خضم الصراع؟

(*) الإعلام الإسرائيلي يتعامل مع الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني على انه صراع قومي. ففي فترة "أوسلو" كانت الإفادات الإعلامية مرتكزة على مساندي السلام من الجانبين، ومعارضي السلام من الجانبين أيضا، لهذا اعطي حق الكلام لفلسطينيين معتدلين، ومع إندلاع الإنتفاضة تغيّر الوضع وإنقلب الى يهود ضد فلسطينيين، ولا يوجد شخصيات فلسطينية أو إسرائيلية معتدلة فاليهودي الذي ينتقد إسرائيل يعتبرونه خادماً للفلسطينيين، من هذا المنطلق بدأت مشكلة تغطية الأعمال التضامنية والإنتقادية الإسرائيلية، فمثلاً الإعلام الإسرائيلي يعرض قضية رافضي الخدمة الإجبارية بشكل مهمّش للغاية نتيجة الوضع الذي ذكرناه. منذ إندلاع الإنتفاضة حدث تحول سلبي للجهاز الإعلامي الإسرائيلي.

(*) "المشهد الاسرائيلي": والأكاديمية الإسرائيلية؟

(*) الأكاديمية ليست وحدة موحّدة . هناك نقاش كبير، هناك من يؤيدنا وهناك من يصفنا بالخونة ويفضل طردنا، فمثلاً أجرت صحيفة (هآرتس) مقابلة مع المؤرخ بيني موريس من جامعة بن غوريون والذي قال من خلالها إنه يفهم تهجير الفلسطينيين عام 48، فهو أيضاً يعمل في سلك الأكاديمية الإسرائيلية وفي نفس الجامعة التي اعمل فيها، ولكن أصوات المنتقدين لسياسة الدولة غير مسموعة في الأكاديمية بشكل كافٍ فالهجوم ضد من يقول رأيه فعالّ ويخيف آخرين من ان يقولوا رأيهم بصراحة. كذلك الأمر بالنسبة للأكاديمية الفلسطينية فهناك من لا يستطيع إنتقاد القيادة خوفاً من الهجوم عليه.

(*) "المشهد الإسرائيلي": انت من المؤيدين لرافضي الخدمة العسكرية، وأنت نفسك رفضت الخدمة العسكرية وسجنت عام 87 ماذا تعتقد اليوم بعد مرور هذه السنوات؟

(*) بعد إندلاع الإنتفاضة في 87، كنت أول من رفض في ذلك الحين، كان قبلي من رفض في أحداث أخرى ولكني أتحدث عن تلك الدورة. لم أكن من الوحدات المقاتلة في الجيش فقد دخلته بجيل كبير نسبياً. ولكني إكتشفت ان اسرائيل تبعثنا باسم الديمقراطية من اجل ممارسة تصرفات ليست ديموقراطية، لهذا رفضت وهذا كان إدعاؤنا أيضا. فخروج الدولة عن حدودها لا يعتبر ديموقراطياً، لكن هناك من يعتبر أن المناطق المحتلة هي إسرائيل إيماناً بأرض إسرائيل الكاملة، وأيضا أنا لا أرى هذا ديمقراطياً. آمنا وقتها وما زلنا نؤمن بأنه إذا كانت قوة عددية من الجنود ترفض الخدمة العسكرية فهذا سيشكل عائقاً أمام الحكومة الإسرائيلية في أن تمارس أعمالها، انظر مثلاً الى سبب الإنسحاب من جنوب لبنان، فلولا القوة الجماهيرية وأمهات الجنود لما كان الأمر على ما هو عليه. اما بالنسبة لقصتي الشخصية فقد أرادوا ان يبعثوا بي للخدمة العسكرية في نابلس، انا رفضت هذا. انا اؤمن بانه في حالة شعور الحكومة أنها تستطيع تجنيد الجنود فهذا سيعطيها حق الإحتلال.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما رأيك بشعار "رفض الخدمة العسكرية هو الصهيونية"؟

(*) انا لا أؤيد هذا الشعار أبداً، فليس بالضرورة أن يكون الرافض صهيونياً. حملة هذا الشعار يرغبون بالقول إنهم ليسوا أقل وطنية من الذين يخدمون في الجيش، لذلك يستعملونه، انا لا أرى بالصهيونية موضوعاً سياسيا إنما قومي، فالحركات التي انتميت لها كانت حركات تضم مجموعات صهيونية وأخرى ليست صهيونية، وكل الأطر التي كنت فيها كانت تضم عرباً أيضا، والعربي لا يستطيع أن يكون صهيونياً لكننا من ناحية سياسية نتفق.. انا صهيوني لغرض بناء مجتمع يهودي مثقف يتحدث العبرية ويدرس التاريخ اليهودي، وهذا طبعا لا يعني أن تكون الدولة يهودية.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف ترى دور اليسار في ظل النزاع؟

(*) هناك حركات يسارية قامت بعد إندلاع الإنتفاضة وهي تقوم بدور هام ولكن هذا ليس كافياً، فلا توجد إستراتيجية توحد كل الحركات، اما بالنسبة للحديث عن حركات يسارية مثل حزبي "العمل" و "ميرتس" فهما لا تعملان كما يجب، لا في الشارع، ولا في الحكومة أصلاً ولا في أي مكان. فحتى إتفاقية "جنيف" التي بادر لها عدد من النشطاء اليساريين ليست معارضة للإحتلال ولا للجدار أيضاً.. عائق اليسار يكمن في عدم مشاركة الفلسطينيين في الحلول، والتحول الأكبر في هذا الموضوع جاء بعد إتفاقية "كامب ديفيد"، فبعد الأحداث العنيفة التي شهدتها المنطقة شهدت الساحة الإسرائيلية نوعاً من الإنفصام. فإتفاقية "جنيف" هي عبارة عن مفاوضات في ظل الإحتلال وهذا غير مقبول. يود القائمون عليها تغطية فشلهم في "اوسلو" وتحميل غيرهم المسؤولية. فمثلاً هذا اليسار هو الذي خلق نظرية "لا يوجد مع من نتفاوض" وهذا شعار اليسارالذي ينفي كل إمكانية للحوار. ولكن في الحقيقة فإن الفلسطينيين هم الذين لا يجدون مع من يتفاوضون، وليس الإسرائيليون. هذا السؤال لم يكن مطروحاً. نفس الموضوع بالنسبة لجدار الفصل أيضا فهو فكرة اليسار، وقد تبنى اليمين الفكرة، وانظر ما يسببه الجدار من إجحاف، واليسار لا يفعل شيئا واسع النطاق من أجل ايقافه وهدمه.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات