تعمل دولة إسرائيل في السنوات الأخيرة على إعادة كتابة التاريخ المرتبط ببدايات الصهيونية. وعلى الرغم من أنه خلال معظم سنوات وجود الدولة كان التاريخ مجندا من الناحية الأيديولوجية لخدمة الفكرة الصهيونية، فإن ذلك لم يكن كافياً لتبرير الممارسات السياسية لحكومات إسرائيل. ويبدو أن جهود إعادة كتابة التاريخ الحالية تهدف إلى تحضير النفوس من أجل القيام بعمليات سياسية متشددة، من خلال منح صك براءة تاريخي للأحداث الراهنة. فعلى سبيل المثال، يساعد تسليط الضوء على معاداة السامية المتأصلة في العالم الإسلامي، على تبرير عدم الرغبة في تشجيع التحركات الساعية للعيش المشترك في إسرائيل والشرق الأوسط.
تمثل منطقة غور الأردن، التي تبلغ مساحتها 2400 كيلومتر مربع، حوالي ثـُلث مساحة الضفة الغربية، ويقع معظمها على طول الجانب الشرقي من الأراضي القريبة من الحدود الأردنية. وتقع معظم أراضي غور الأردن في المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية، التي تسيطر إسرائيل على 60 في المئة منها فعلياً.
ما بدا لوهلة، في أوائل أيلول الماضي، أنه مجرد بالون مناورة انتخابية أطلقه بنيامين نتنياهو عشية الانتخابات للكنيست الـ 22، التي جرت يوم السابع عشر من ذلك الشهر، يبدو اليوم أنه قد أصبح "مشروعاً سياسياً" إسرائيلياً يتسع ويتعالى الحديث عنه والنقاش حوله والتأكيد على "ضرورة تطبيقه وإخراجه إلى حيز التنفيذ"، الآن وفي أسرع وقت ممكن، وإلاّ فسيكون الأمر بمثابة "إهدار فرصة تاريخية" و"إخفاق خطير" في استثمار التغيير التاريخي الذي حصل في الموقف الأميركي من المستوطنات الإسرائيلية، كما أعلنه وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مؤخراً. ولكن جهات إسرائيلية أخرى تصرّ على أن الحديث المتسع والمتعالي عن ضم غور
تثير لائحة الاتهام الجنائية الخطيرة التي قرر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، تقديمها ضد رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، جملة من المشكلات والأسئلة القانونية، السياسية ـ الحزبية، القانونية ـ الدستورية والشخصية الهامة جداً، والتي من شأنها إغراق إسرائيل في دوامة البحث والنقاش لفترة طويلة بحثاً عن إجابات وحلول لهذه المشكلات والأسئلة.
يُجمع ساسة إسرائيل والمحللون والخبراء على أنه لم يتوقع أحد أن تكون إسرائيل في أي يوم عالقة في وضعية سياسية غير مسبوقة، من شلل حكم تقريبا، ورئيس حكومة يواصل عمله وهو متهم بثلاث قضايا فساد، من بينها الرشوة. فقد ظهر القانون الإسرائيلي هزيلا أمام هذه الحالة، مليئا بالثغرات التي قد تُبقي بنيامين نتنياهو لبضع سنوات أخرى في منصبه، وهو متهم، ومحاكمته الشخصية مُعطّلة، في حال طلب نتنياهو وحصل على الحصانة البرلمانية، لمنع محاكمته.
قرر رئيس حزب الليكود، رئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو، تحدي منافسه الأبرز في الحزب، غدعون ساعر، وإجراء انتخابات لرئاسة الحزب فقط خلال الأسابيع الستة المقبلة، بعد أن كان ساعر طالب بإجراء انتخابات في غضون أقل من أسبوعين من الآن، وجاهر بتحفظه من استمرار نتنياهو في منصبه وهو متهم بالفساد.وفي المقابل، يدور حراك برلماني هادئ في محاولة لاختصار الوقت، والبحث عن وقت مريح لانتخابات ثالثة في غضون عام، والتي باتت كما لو أنه لا مفر منها حتى الآن.
الصفحة 185 من 338