اختارت إسرائيل في حربها ضد إيران، التي بدأت فجر 13 حزيران/ يونيو 2025، اسم "عام كلفيه/ شعب كالأســد"، وهي عبارة مقتبسة من سفر العدد في التناخ (23:24). وتكشف هذه التسمية عن توظيف إسرائيل للرموز الدينية التوراتية في الحروب الحديثة، وذلك بهدف إضفاء طابع مقدس على حروبها وعملياتها العسكرية. كذلك يُسهِم هذا التوظيف في تُعزز مشروعيتها في المخيال الجماعي، مما يمنحها قبولاً سياسياً وأخلاقياً داخل المجتمع الإسرائيلي.
وفي السرد التوراتي، يظهر الملك بلاق، حاكم موآب، معبراً عن قلقه من الزحف المتقدم لبني إسرائيل خلال تجوالهم في الصحراء بعد الخروج من مصر. ولمواجهة هذا التهديد، يلجأ بلاق إلى محاولة تسخير بلعام – الموصوف في النص كوسيط روحي قادر على اللعن أو البركة – ليُصدر لعنة ضد شعب إسرائيل.
إلا أن بلعام، وبعد أن يظهر له الإله في حلم، يُمنع من تنفيذ هذه المهمة بدعوى أن إسرائيل "شعب مبارك". وعلى الرغم من تكرار المساعي عبر إرسال وفد أكثر مكانة، لا يُمنح بلعام الإذن بالمضي إلا ضمن قيد صارم: ألا ينطق إلا بما يُوحى إليه من السماء. وتتوج هذه القصة بسلسلة من العبارات المبارِكة لبني إسرائيل، أبرزها القول: "هوذا شعب كالأســـد يقوم وكأسد ينتصب، لا يضطجع حتى يأكل فريسة ويشرب دم القتلى". وهي العبارة التي تم استدعاؤها لتسمية الحرب الإسرائيلية الحالية ضد إيران.
وترى صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن اختيار الآية التوراتية عنواناً للعملية العسكرية الهجومية ضد إيران لم يأتِ من قبيل المصادفة، بل انطوى على دلالة رمزية مقصودة تُحيل بوضوح إلى مفاهيم القوة، واليقظة، والمبادرة الهجومية.[1] وهذا ما تسعى إسرائيل إلى تصويره في سياق الحرب مع إيران، وهو تصوير يتماشى مع الاستراتيجيا الإسرائيلية المستندة إلى الردع والضربة الاستباقية، وإن كانت منهكة من الحرب في غزة ولبنان. وتبعاً لهذا المنظور، ترى إسرائيل أن مهمتها لن تكتمل ما لم تُنهِ التهديد الإيراني بشكل شامل وجذري.
أما موقع القناة السابعة فقد أعاد التذكير بتفسير للحاخام دافيد موشيه والي، الذي عاش قبل نحو 250 عاماً في إيطاليا، وقد عُرف هذا التفسير في أوساط دينية وعسكرية خلال فترات الحرب.[2] ويُعاد اليوم استحضاره من زاوية رمزية جديدة:
"لأن هذه الأمة هي أمة من الأسود، جميع أفرادها شجعان، سواء بطبيعتهم أو لأن السكينة الإلهية تحلّ عليهم. وما هي طبيعة الأسود؟ أنها أحياناً تركع وتستلقي وتبدو كأنها ضعيفة، لكنها في النهاية تنهض فجأة، وتنقضّ لتفترس وتقتل وتأكل من يتجرأ على صيدها."
لم يتم الاكتفاء بالرمزية التوراتية لمجرد اختيار تسمية للحرب، بل تعزز ذلك بطقس توراتي واضح، تجلّى في ما أعلنه ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن قيامه، عشية تنفيذ الضربة الاستباقية، بوضع ورقة في شقوق حائط البراق (حائط المبكى) كُتب عليها النص التوراتي ذاته.
[1] شموئيل مونيتس."شعب كاللبؤة ينهض: ما الذي يقف خلف اسم العملية؟"، يديعوت أحرونوت، 13 حزيران (يونيو) 2025، https://www.ynet.co.il/judaism/article/skxysvtxgx#google_vignette
[2] نتان كوتلر. "شعب كاللبؤة ينهض: العودة إلى قوتنا الحقيقية". القناة السابعة، 17 حزيران (يونيو) 2025، https://www.inn.co.il/news/671656
المصطلحات المستخدمة:
معبرا, يديعوت أحرونوت, القناة السابعة, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو