المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تخوض الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، الثالثة في غضون 11 شهرا، والتي ستجري يوم الاثنين المقبل، الثاني من آذار، 29 قائمة انتخابية، وهو العدد الأقل منذ سنوات طويلة، انعكاسا لتكرار الانتخابات، على ضوء الفشل في تشكيل حكومة. وبلغ عدد ذوي حق الاقتراع الرسمي ما يزيد عن 453ر6 مليون نسمة، أكثر من 9% منهم في عداد المهاجرين.

وحتى يوم الانتخابات قد تنسحب قائمة أو أكثر، ولكنها من القوائم الهامشية التي لا يمكنها أن تحقق أكثر من مئات الأصوات، أو حتى آلافاً على الأكثر. وفقط قائمة واحدة مرشحة للفوز بأكثر من 5ر1% من الأصوات، في حين أن نسبة الحسم للتمثيل البرلماني هي 25ر3%.

ويعود هذا العدد المتدني للقوائم المرشحة إلى إجراء ثلاث جولات انتخابية خلال 11 شهرا، وهذا بحد ذاته يُعد تكلفة مالية، إذ لا تمويل رسميا لأي قائمة لا تجتاز نسبة الحسم، وفي أحسن الأحوال، فإنها قد تحصل على ميزانية جزئية في حال اجتازت نسبة 1% من أصوات الناخبين. كذلك فإن التحالفات الانتخابية ضمت كتلا كانت قائمة في ولايات انتخابية سابقة، مثل آخر تحالف تشكّل تمهيدا للانتخابات القريبة بين حزبي العمل وميرتس، ما قلص عدد القوائم المرشحة بالفوز بمقاعد برلمانية من 9 قوائم في انتخابات أيلول، إلى 8 قوائم في انتخابات آذار المقبل، ولكن تفكك كتلة أو أكثر بعد الانتخابات يبقى احتمالا واردا.

وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى تثبيت المشهد العام الذي أفرزته انتخابات أيلول الماضي، مع بعض التغيرات الطفيفة، ولكن ليس بالقدر الذي من الممكن أن يكسر مشهد الأزمة الحاصل في الكنيست منذ انتخابات نيسان 2019.

وتقول الاستطلاعات إن تحالف "أزرق أبيض" مرشح للحصول على 33 إلى 35 مقعدا، مقابل 33 مقعدا كانت له في انتخابات أيلول. كما أن الليكود لن يغير نتيجته كثيرا، إذ أن استطلاعات الرأي تمنحه ما بين 31 إلى 33 مقعدا، مقابل 32 مقعدا حصل عليها في انتخابات أيلول.
وبالنسبة للقائمة المشتركة، فإن بعض الاستطلاعات تشير إلى حفاظها على مقاعدها الـ 13، بينما غالبية الاستطلاعات تمنحها 14 مقعدا، وقلة قليلة من الاستطلاعات تمنحها 15 مقعدا. وزيادة قوة القائمة المشتركة مرهونة بارتفاع نسبة التصويت بين العرب، التي بلغت في أيلول الماضي 61%، مقابل 50%، في نيسان 2019. كما أن الأمر مرهون بأنه بموازاة ارتفاع نسبة التصويت بين العرب لا يرتفع مجددا وبنسبة كبيرة التصويت بين اليهود. وفي انتخابات أيلول كان تصويت اليهود أعلى بنسبة 9% من نسبته بين العرب، وهي الفجوة الأقل في التصويت منذ سنوات.

وتمنح استطلاعات الرأي حزب شاس لليهود المتزمتين (الحريديم) الشرقيين ما بين 7 إلى 8 مقاعد، مقابل 9 مقاعد حصل عليها في أيلول، إلا أن استطلاعات الرأي تخطئ تقريبا دائما بقوة شاس، الذي يفاجئ في يوم التصويت بزيادة مقعد أو اثنين، عما تنبأت له استطلاعات الرأي. وتقدر الاستطلاعات أن تبقى كتلة الحريديم الثانية لليهود الأشكناز، يهدوت هتوراة، عند مقاعدها الـ 7 التي حصلت عليها في أيلول، ولكن هذه القائمة خسرت فائض أصوات كبير كانت به أقرب للمقعد الثامن.

ويشار هنا إلى أن نسبة الحريديم من إجمالي السكان تصل إلى حوالي 5ر13%، ولكن من بين المصوتين تجتاز نسبة 10% بقليل بسبب أن 49% من الحريديم هم دون سن 18 عاما، وهذه النسبة بين السكان من دون الحريديم أقل من 35%. إلا أن نسبة التصويت بين الحريديم أعلى بحوالي 20% من نسبة التصويت العامة، وهذا يضمن لهم زيادة قوتهم البرلمانية بأكثر من مقعدين، عدا الأصوات التي يحصل عليها الحريديم من خارج مجتمعهم، وخاصة شاس الذي يحصل على نسبة من اليهود الشرقيين من الشرائح الفقيرة.

وتقدر استطلاعات الرأي بأن يبقى حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان عند قوته، 8 مقاعد، أو أن يخسر مقعدا واحدا. وحسب تلك الاستطلاعات، فإن قوة تحالف أحزاب المستوطنين، "يمينا"، ستبقى على حالها مع 7 مقاعد.

أما التحالف الجديد الذي يجمع حزبي العمل وميرتس، ومعهما الحزب الصغير "غيشر"، فيحصل على 9 إلى 10 مقاعد، رغم أن الحزبين حصلا معا في انتخابات أيلول على 11 مقعدا.

غير أن استطلاعين نشرا مساء الأحد الأخير أشارا لأول مرة إلى تقدم حزب الليكود على قائمة "أزرق أبيض" بمقعد واحد، ولكن هذا لم يغير في موازين القوى التي تُظهرها كل استطلاعات الرأي.

إلى ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أن عدد ذوي حق الاقتراع، في السجل الرسمي، تجاوز بقليل 453ر6 مليون شخص؛ زيادة بأقل من 60 ألف صوت، من عدد ذوي حق الاقتراع الذي كان في انتخابات أيلول الماضي، بمعنى زيادة بأقل من 1% خلال خمسة أشهر ونصف الشهر.

واستنادا لما أورده مكتب الإحصاء المركزي قبل انتخابات أيلول الماضي، من المفترض أن يكون 600 ألف من ذوي حق الاقتراع من المهاجرين أو من المقيمين بشكل دائم في الخارج، وهؤلاء يشكلون نسبة تزيد بقليل عن 9%، وهي النسبة الأقل منذ عقدين من الزمن.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت دائرة السكان في وزارة الداخلية في البحث عن الكثير من حملة الجنسية الإسرائيلية المهاجرين، والذين أسماؤهم ما تزال مسجلة كأحياء، في سعي لتعديل السجل السكاني، وشطب أسماء من رحلوا، وهذا قد يكون من خلف تراجع نسبة المهاجرين في سجل الناخبين، خاصة وأن وتيرة الهجرة لم تتغير منذ سنوات طويلة. واستنادا لهذه المعطيات، من الممكن التقدير بأن أكثر من 10% من اليهود هم في عداد المهاجرين أو المقيمين بشكل دائم في الخارج، مقابل نسبة تقل عن 5% من ذوي حق الانتخاب العرب، وقسم جدي من هؤلاء العرب هم من الطلبة الجامعيين في الخارج.

وبحسب مكتب الإحصاء، فإن نسبة العرب من ذوي حق الاقتراح تصل إلى 16%، ولكن في حسابات أدق، فإن نسبتهم 8ر15%، ولكنهم 16% من الذين سيكونون في البلاد يوم الانتخابات. وبفعل فارق التصويت بين اليهود والعرب، الذي بلغ في انتخابات أيلول 10% لصالح اليهود، مقابل فارق بنسبة 22% في انتخابات نيسان العام الماضي، فإن نسبة المقترعين العرب كانت 9ر13% من إجمالي المقترعين، وبذلك خسر العرب 9ر1% من حجمهم في سجل الناخبين، وهي تعادل 28ر2 مقعد.

وإذا ما صحت التقديرات بارتفاع آخر في نسبة تصويت العرب، وتقليص الفجوة، فإن هذا سيصب في صالح القائمة المشتركة وحدها، خاصة إذا حافظت نسبة تصويت اليهود على حالها.

وبموجب تقديرات مكتب الإحصاء المركزي، فإن 14% من ذوي حق الاقتراع هم أبناء 18 إلى 24 عاما، و30% أبناء 25 إلى 39 عاما، و31% أبناء 40 إلى 59 عاما، بينما نسبة من هم أبناء 60 عاما وما فوق بلغت 25%.

ووفقاً للجنة الانتخابات المركزية، سينتشر في يوم الانتخابات 10631 صندوق اقتراع، من بينها 184 صندوقا في المستشفيات والمرافق الطبية، و55 صندوقا في السجون والمعتقلات.

وتبدأ عملية الاقتراع في الساعة السابعة صباحا وتستمر حتى العاشرة ليلا، وفي التجمعات السكانية الصغيرة التي يقل عدد الناخبين فيها عن ألف ناخب، وفي معسكرات الجيش، تغلق الصناديق عند الساعة الثامنة مساء.

ويجيز القانون التصويت في الخارج فقط للبعثات الدبلوماسية، والبعثات بمهمات خاصة، من بينها جنود الجيش. وجرت محاولات عديدة في العقود الثلاثة الأخيرة لسن قانون يجيز للمهاجرين التصويت خارج البلاد، والهدف منه تعزيز قوة اليمين الاستيطاني، استنادا إلى فرضية أنه فقط أنصار اليمين سيبذلون جهدا لقطع مسافات للوصول إلى صناديق الاقتراع. إلا أن هذه المبادرات جوبهت بمعارضة من أوساط صهيونية عقائدية، تقول إن قانونا كهذا سيشجع مبدأ الهجرة من إسرائيل. وكانت هذه المبادرة قد وردت ضمن أهداف حكومة بنيامين نتنياهو التي شكلها في العام 2015، ولكنها لم تصل أبدا إلى مسار التشريع.

وفي الأيام الأخيرة بدأت تنشر تقارير تفيد أن لدى القوائم الكبيرة تخوفات من تدني نسبة التصويت، إما من باب اليأس، أو من خلال نشر شائعات في يوم الانتخابات وقبله تتعلق بفيروس كورونا، لمنع مصوتين من الوصول إلى صناديق الاقتراع خوفا؛ وهذا بعد أن زال احتمال أن يكون يوم الانتخابات ماطرا، الأمر الذي كان سينعكس سلبا على نسبة المصوتين، إذ تقول الأرصاد إن الطقس سيكون ربيعيا ودافئا نسبيا.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات