المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
إسرائيلي يفتش في حاوية قمامة.  (فلاش 90)
إسرائيلي يفتش في حاوية قمامة. (فلاش 90)

أصبح واضحاً للجميع الآن أن آثار جائحة كورونا على المجتمعات البشرية، منذ ظهورها في أواخر العام 2019 وحتى يومنا هذا مروراً بفترات تفاقمها التي لم تنته بعد، قد طالت مختلف مجالات الحياة ويبدو أن ما لم يظهر منها حتى الآن أكثر بكثير مما ظهر. ورغم أن الحديث عن هذه الجائحة يتركز، بصورة أساسية، في المجال الصحي/ الطبي وما أوقعته من أضرار جسيمة فيه، إلا إن دراسات الجائحة وآثارها وتداعياتها لم تقفز عن أي مجال من مجالات الحياة البشرية الحيوية، وفي مقدمتها الآثار الاقتصادية والاجتماعية بالطبع. ومن ضمن الآثار الاقتصادية والاجتماعية هذه، ثمة انشغال كبير وواسع في ما سببته الجائحة من زعزعة للاستقرار في أسواق العمل التي تعرضت لانتكاسات وتحولات فجائية حادة وعميقة ترتبت على الإغلاقات الشاملة لجميع مرافق الحياة في العديد من الدول والمجتمعات وما ترتب على ذلك من إخراج منظم وجارف للعمال في قطاعات العمل المختلفة إلى عطل إجبارية منظمة وطويلة المدى، ثم الانتقال تدريجياً إلى بديل العمل من المنزل وما تلا ذلك من استقالات واسعة وطرد جماعي من العمل وتقليصات في أجور العاملين وحقوقهم.

إن الدور المركزي الذي لعبته جائحة كورونا تمثل في إحداث تغييرات بنيوية وجوهرية في سوق العمل، غير أن العديد من الظواهر التي ميزت السنتين الأوليين من تفشي الجائحة لم تكن وليدة لحظتها التاريخية هذه وإنما ظهرت على أرض خصبة مواتية؛ ما يعني أن الجائحة لم تخلق هذه السيرورات من العدم وإنما عجّلت صعودها إلى السطح وسرّعت وتائرها، علماً بأنها سيرورات متواصلة منذ عقود. في مركز هذه السيرورات، بالطبع، سيرورات الرقمنة والتقننة والانتقال من اقتصاد المنتجات إلى اقتصاد الخدمات وتغيير السياسات الحكومية، المحلية والعولمية، وقوانين العمل التي شكلت إحدى السمات الأساسية في القرن العشرين. وكان لتضافر هذه العوامل معاً بالغ الأثر على سوق العمل فأحدثت فيها تغييرات جوهرية بعيدة المدى. وكان أبرز هذه التغييرات تلك التي طالت قطاعات واسعة جداً من العمال الذين كانوا يتمتعون بشبكات الأمان التي كانت توفرها "دولة الرفاه" وقوانين العمل فأصبحوا، جراء التحولات البنيوية وارتدادات الأزمة المالية العالمية في 2008 وسياسات التقشف الحاد في معظم الدول الغربية وموجات الخصخصة العريضة التي أطلقتها النيوليبرالية، عمالاً يفتقرون إلى الأمن التشغيلي ـ الاقتصادي، يفتقرون إلى الاستقرار وإلى شبكات الأمن الاجتماعي.

هذه المجموعة الأخيرة من العمال، في قطاعات مختلفة، هي التي أصبحت تُعرَف بـطبقة الـ "بريكاريا"، وهو مفهوم اجتماعي ـ اقتصادي نحته جاي سْتاندينغ، أستاذ في جامعة باث البريطانية، بالدمج بين كلمتي "بروليتاريا" (طبقة العمال) و"بريكاريوس" (أي، المتزعزِع والمؤقت غير المثبّت)، ليصف به "طبقة العمال المؤقتين العابرين، الذين يعيشون في وضع اقتصادي اجتماعي هشّ، الذين يستعان بهم عند الحاجة إليهم بينما يُرسَلون إلى منازلهم دون أي حقوق أو ضمانات عند انتفاء الحاجة إليهم، في إطار نموذج تشغيلي جديد شائع تتسامح معه معظم حكومات الغرب بوصفه لازمة للرأسمالية المتأخرة"، كما أوضح في كتابه "البريكاريا: الطبقة الخطرة الجديدة" الصادر العام 2011.

وفق ستاندينغ، أصبحت "البريكاريا" تضمّ جيشاً هائلاً تعداده ملايين المواطنين في دول الشمال الغني بين الولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا الذين يعملون وفق عقود قصيرة الأجل أو حتى عقود صفريّة – أي حسب الطلب عند توفر العمل – أو هم فقدوا القدرة على العودة إلى سوق العمل وأصبحوا كَسَبة متعطلين غالب الوقت يعملون بالساعة في عدة وظائف في الوقت ذاته.

اهتمام وقلق بالغان وإعادة نظر

طبقة "البريكاريا" في إسرائيل هي موضوع الدراسة الجديدة التي صدرت في إسرائيل مؤخراً تحت عنوان "الطبقة المُستَضعَفة في إسرائيل ـ عمال المنصات والأجيرون غير المحميين" ("الطبقة المستَضعَفة" ـ هي الترجمة العربية للمصطلح المُستخدَم بالعبرية للمصطلح بالإنكليزية (Precariatوهي دراسة غير مسبوقة في شموليتها وعمقها حول هذه الطبقة في إسرائيل رغم اتساعها وتفشي مظاهر هضم حقوق أعضائها، وهو ما أصبح يثير كثيراً من القلق والاهتمام في الفترة الأخيرة. هذه الدراسة هي من إعداد أفيعاد هومينرـ روزنبلوم، الباحث و"مدير السياسات" في "صندوق بيرل كتسنلسون"، وقد صدرت عن المركز في شباط الأخير.

تركز الدراسة على مجموعتين من العمال في طبقة "البريكاريا" هما: 1 ـ العمال غير المُعترَف بهم (وبضمنهم العاملون في "المنصات الرقمية") و2 ـ الأجيرون غير المحميين. المجموعة الأولى (العمال غير المعترَف بهم) تضم العمال "المستقلين الموهومين"، أي الذين يعملون بصورة رسمية بصفة مستقلين رغم أنهم متعلقون كلياً بالمشغّل، صاحب العمل، ومن المفترض أن يتم اعتبارهم أجيرين. كما تشمل هذه المجموعة، أيضاً، العمال فيما يسمى "اقتصاد المنصات"، وهم الذين يعملون في شركات المنصات الرقمية، وخاصة عاملي الإرساليات (توصيل الطلبات) أو تقديم الخدمات أو سائقي سيارات أجرة وغيرهم الذين لا يعتبرون أجيرين وإنما مستقلين. وبوصفهم كذلك، فهم لا يتمتعون بأي من الحقوق الاجتماعية التي يستحقها العمال الأجيرون ويتمتعون بها، بالرغم من أن طريقة تشغيلهم أقرب إلى طريقة تشغيل العمال الأجيرين منها إلى طريقة تشغيل المستقلين. أما المجموعة الثانية (الأجيرون غير المحميين) فهي أقدم من الأولى وتشمل العمال غير المنظمين، غير الأكاديميين. ويشكل هؤلاء نحو 49% من مجموع العمال الأجيرين في إسرائيل؛ والعمال الذين يبدّلون أماكن عملهم بوتائر سريعة نسبياً والذين يشكلون 41% من مجموع الأجيرين في إسرائيل. هؤلاء العمال، في هذه المجموعة، يعانون من تدني الأجور، مقارنة بعمال آخرين، ومن شروط عمل متدنية، مثل عدم التوفير في صناديق الاستكمال، بطء التقدم في العمل، عدم الاستقرار التشغيلي وغيرها.

نموذج "التشغيل الحرّ" الذي تعتمده بعض الشركات في نطاق ما يسمى "اقتصاد المنصات"، الذي كان يسمى أول ما بدأ في بعض الدول الغربية قبل بضع سنوات "الاقتصاد التشاركي"، هو الذي تصوّره بأنه أشبه بـ "حلّ سحري" وتدّعي بأنه "يضمن حرية التشغيل من جهة ومرتبات مرتفعة من جهة ثانية". إلا أن الواقع مختلف تماماً، رغم أنه أصبح ظاهرة منتشرة على نطاق واسع في سوق العمل الإسرائيلية بما يترتب عليها من جعل العمل أقل ثباتاً واستقراراً وجعل العمال في نطاقها أكثر استضعافاً وهشاشةً وأكثر عرضة للضرر. وهو ما بدأ يثير الكثير من القلق والاهتمام في إسرائيل على خلفية ما تشهده دول عديدة في العالم من مراجعات وإعادة نظر في كل ما يتعلق بـ "اقتصاد المنصات" وانتشاره السريع والواسع جداً وإسقاطات ذلك كله على أسواق العمل، علاقات العمل وحقوق العمال وعلى المجتمعات بصورة عامة. فقد عقدت لجنة العمل والرفاه التابعة للكنيست في نهاية كانون الأول الأخير جلسة لجنة خاصة لبحث الموضوع، كما أقيم طاقم مشترك لعدد من الوزارات الحكومية تترأسه وزارة الاقتصاد ويعمل منذ فترة لتقديم مقترحات وبدائل لتسوية موضوع "اقتصاد المنصات" من النواحي القانونية.

عشية جلسة اللجنة البرلمانية المذكورة، أعدت جمعية "عنوان العامل" ورقة "تقدير موقف" بشأن أبعاد ظاهرة "اقتصاد المنصات" في إسرائيل والحاجة الماسة إلى تنظيم وضع ومكانة العمال المؤقتين المستقلين قدمته إلى اللجنة، كما نشرت نقابة العمال العامة في إسرائيل (الهستدروت)، الشهر الماضي، "وثيقة موقف" قدمتها إلى الطاقم الحكومي المذكور.

هذه التحركات المستجدة في إسرائيل تزامنت مع مسودة الأحكام والقوانين التي نشرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي في أوائل الشهر نفسه وترمي إلى حماية حقوق العمال في شركات "اقتصاد المنصات"، وهي المسودة الأولى من نوعها في العالم. وفي حال اعتمادها ستكون لها انعكاسات على مجمل سوق العمل في مجال "اقتصاد المنصات" في دول العالم أجمع، بما فيها إسرائيل بالطبع. وتأتي هذه المسودة في أعقاب الحالات المتكررة التي وصلت إلى محاكم العمل في الدول الأوروبية المختلفة وطرحت مشكلة التشغيل غير المباشر في هذا المجال، حيث غلب ميل القضاة نحو ترجيح حقوق العمال، لكن الأمر اصطدم بصعوبة بالغة جراء عدم توفر النصوص القانونية اللازمة والمناسبة لمثل هذه القضايا.

وفي إسرائيل، أيضاً، يجري التداول هذه الأيام في طلب قُدم إلى المحكمة في آب 2020 للمصادقة على تقديم دعوى قضائية تمثيلية بمبلغ 24 مليون شيكل ضد شركة "فولت" تطالبها بدفع تعويضات لعمال الإرساليات عن هضم حقوقهم الاجتماعية وعدم اعتبارهم عمالاً أجيرين لديها. وكانت المحكمة قد رفضت في تموز الأخير طلب شركة "فولت" رفض هذا الطلب وشطب الدعوى كلياً.

واجبات دون حقوق ومخاطر ملموسة

في إسرائيل نحو 8000 عامل إرساليات يعملون عن طريق شرطة "فولت" الفنلندية لتوصيل الوجبات والبقالة والتي بدأت نشاطها في إسرائيل العام 2018، وهو ما يجعلها أكبر شركات "اقتصاد المنصات" في إسرائيل، على الإطلاق، وأحد أكبر المشغّلين فيها في مجال الأغذية، الأمر الذي يفسر حقيقة أن الدراسة تعتمدها كحالة اختبارية معبّرة. لكن تشغيل العمال في الشركة يتم بشكل غير مباشر ولفترة مؤقتة بواسطة إحدى "شركات القوى عاملة". وينص عقد العمل ما بين شركة "فولت"، وبين والعمال، بصورة صريحة تماماً، على أن هؤلاء يتعاقدون معها "كمقاولين مستقلين، لا عمالاً أجيرين، بدون أي مكانة قانونية ودون أن يستحقوا أياً من حقوق العمل والعمال". فهم "يزوّدون خدمات" لتطبيقات رقمية مختلفة مقابل فواتير يصدرونها بأنفسهم بعد أن يتعهدوا بفتح "ملفات ضريبية" خاصة بهم. إلا أن هذه "الاستقلالية" المذكورة هنا محدودة جداً، إذ في اللحظة التي يدخل فيها عامل الإرساليات ("المقاول المستقل"!) إلى منظومة الشركة يصبح مُلزَماً بتوصيل أي إرسالية وُضعت على قائمة مهماته دون أن يعلم الوجهة والعنوان النهائي الذي يتعين عليه إيصال الإرسالية (الطعام) إليه، دون أي قدرة على التحكم بمسار الطريق، بكمية الإرسالية، بالمسافة التي سوف يقطعها وما إلى ذلك.

في ردها إلى المحكمة على الدعوى التمثيلية المقدمة ضدها، ادعت شركة "فولت" بأن الاستجابة لطلب تشغيل عمال الإرساليات كعمال أجيرين لديها سيضطرها إلى تقليص نشاطها في البلاد بصورة حادة ما سيؤدي إلى فصل نحو نصف هؤلاء العمال، كما ادعت بأن العمال "يفضلون الوضع القائم". وهو ما دحضته الدراسة الجديدة من خلال نتائج استطلاع شامل للرأي أجراه الباحث بين عمال شركة "فولت" في إسرائيل تكشف نتائجه أن 52% من هؤلاء العمال يفضلون التنازل عن "الحرية والمرونة" الموهومتين اللتين يوفرهما "نموذج التشغيل الحر" مقابل أن يكونوا عمالاً أجيرين يتمتعون بكامل الحقوق التشغيلية التي تضمنها لهم قوانين العمل في البلاد، خاصة وأن الاستطلاع يبين أن هؤلاء العمال يضطرون إلى العمل أيضاً في فترات مرضهم ولا يخرجون إلى أي إجازات لتجنب الخصم من أجورهم التي تُدفع لهم مقابل المهمات/ الإرساليات التي ينفذونها فعلياً فقط، وليس مقابل ساعات أو أيام العمل. فقد قال 43% منهم، مثلاً، إنهم لا يعملون حينما يكونون مرضى الأمر الذي يؤدي إلى خفض مرتباتهم الشهرية بصورة حادة، بينما قال 30% منهم إنهم يضطرون إلى العمل حتى في أيام مرضهم، الأمر الذي قد يشكل خطراً على صحتهم وصحة الجمهور عامة، علاوة على ما يشكله ذلك من عبء اقتصادي وعملي على الجهاز الصحي.
الحقوق التي تتعرض للانتهاك ويُحرم العاملون من "الطبقة المستضعفة" منها في إطار "نموذج التشغيل الحر" و"اقتصاد المنصات"، كثيرة ومختلفة، لكن أبرز هذه الحقوق التي تتوقف الدراسة عندها هي:
1. واجبات من دون حقوق ـ تشغيل عاملي الإرساليات كمستقلين يلقي على عاتقهم هم المسؤولية عن دفع كل الدفعات المستحقة قانونياً (الضرائب المختلفة، رسوم النقاهة، أيام المرضية، الإجازات، التقاعد، التأمين القومي والتأمين الصحي وغيرها)، كما ينبغي عليهم هم تحمل تكاليف تأمين السيارات التي يستخدمونها في تأدية عملهم، على حسابهم الخاص.
2. حرمانهم من الحق في تلقي الحد الأدنى من الأجور، الأجرة عن الساعات الإضافية في العمل والحق في عطلة أسبوعية منظمة، تلقي بدل رسم النقاهة، تلقي بدل أيام الإجازات والمرضيات، تلقي مخصصات البطالة في حال إنهاء العمل، الحماية من الفصل التعسفي من العمل وغيرها.
3. حرمانهم من التحويلات المفروضة على المشغّل لصالح العمال في صناديق التقاعد، صناديق الاستكمال، الحرمان من التعويض عن تكاليف السفر وغيرها.
4. حرمان العمال من الحق والقدرة على الانتظام ـ تشغيل آلاف العمال بواسطة تطبيق رقميّ يشكل عنوان العلاقة والاتصال الوحيد بين العامل وبين الشركة يجعل من الصعب جداً، بل المستحيل، تنظيم هؤلاء العمال بصورة قانونية، وفق ما تنص عليه وتضمنه قوانين العمل في البلاد.
5. تعريض العامل وبيئته للخطر الدائم ـ نموذج التشغيل وما فيه من "منافسة" ودافعية، اضطرارية (لزيادة أجرة العمل)، يولّد ميلاً ودافعية للسياقة المتسرعة وغير الحذرة التي تشكل خطراً على سلامة العامل نفسه وعلى سلامة المحيطين به على الشوارع، سواء كانوا من المسافرين بالسيارات أو من المشاة. وخلافاً لسائقي سيارات الأجرة (التاكسي) أو الشاحنات، على سبيل المثال، فإن عمال الإرساليات غير مُلزَمين قانونياً باجتياز أي مسارات تأهيلية لهذا العمل.

خطر يهدد بنسف المكتسبات العمالية

إلى جانب تسجيله أن "ثمة لطرق التشغيل الجديدة بعض الأفضليات، مثل المرونة، التنويع والقدرة على تحديد الرغبات في سوق العمل"، يؤكد هومينرـ روزنبلوم أن "الطبقة المستضعفة" (بريكاريا) في إسرائيل آخذة بالاتساع كل الوقت وأصبحت "تهدد بنسف جميع المكتسبات التي تحققت في مجال العمل بعد عشرات السنين من الكفاحات العمالية والتشريعات القانونية". وينوه بأن عدداً من الدول الغربية، من بينها إسبانيا والبرتغال، قد سارعت إلى تشريع قوانين تمنح العمال في "اقتصاد المنصات" مكانة قانونية ثابتة "كعمّال أجيرين"، بينما ذهبت المحاكم في دول أخرى، مثل بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا وتشيلي وغيرها، إلى إصدار أحكام قضائية تعتبرهم كذلك وتمنحهم الحقوق النقابية والاجتماعية المستحقة، رغم عدم وجود تشريعات مناسبة تقضي بذلك.

في التقديرات، كما توردها في الدراسة، فإن "العمال في اقتصاد المنصات يشكلون نحو 1 بالمئة من قوة العمل في إسرائيل، ما يعني أن الحديث يدور عن بضع عشرات الآلاف ... وهو ما يعني أن طبقة جديدة من العمال قيد التشكل في إسرائيل الآن، طبقة مسلوبة الحقوق الأساسية، وهذا ما يمثل مشكلة جدية وخطيرة إن لم تجر معالجتها على وجه السرعة فقد تؤدي إلى نشوء جيل كامل من العمال المستغَلّين برواتب متدنية جداً، الأمر الذي يخلق تحدياً اجتماعياً مستقبلياً، كبيراً وخطيراً"، ثم يقدم بعض المقترحات العملية لمعالجة هذه المشكلة ومواجهة هذا التحدي، لكنه يشير إلى أن "الدعوى القضائية التمثيلية" (المقدمة ضد شركة "فولت") ليست الطريقة الصحيحة لمعالجة هذه المشكلة الواسعة والعميقة وليست الحل الصحيح لها، "وإنما ثمة حاجة ماسة إلى تدخل المشرِّع ووضع تشريعات قانونية مناسبة، وهذا هو الاقتراح الأساسي والأكثر إلحاحية"، وذلك نظراً لأن هذه الظاهرة آخذة في الاتساع وتهدد حقوق العمال التي تحققت بفضل نضالات عمالية عديدة وتشريعات قانونية عبر عشرات السنين "ما يجعل طبقة المستضعفين تهديداً جدياً وخطيراً للنظام الاجتماعي والسياسي في دول عديدة، من بينها إسرائيل أيضاً".

 

 

 

المصطلحات المستخدمة:

جيشا, الهستدروت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات