تقتطع إسرائيل شهريًا مبلغًا يتراوح بين 40 و50 مليون شيكل من أموال المقاصة الفلسطينية (أي ما يعادل 6٪ إلى 8٪ من قيمتها الشهرية)، وذلك بموجب "قانون تجميد أموال السلطة الفلسطينية المرتبطة بالإرهاب" الصادر عام 2018، وهو ما تستعرضه هذه الورقة وتقرأ في تداعياته.
يشكل هذا القانون الإسرائيلي أداة مركزية في يد الكنيست الحالي للتأثير على السلطة الفلسطينية، وتوجهاتها السياسية، وعلاقتها مع المجتمع الفلسطيني. بين 2023-2025، تم تقديم نحو 19 مشروع تعديل على هذا القانون، وتسعى جميعها إلى توسيع نطاقه ليشمل، إلى جانب خصم مخصصات الأسرى، قضايا مثل سرقة سيارات إسرائيلية، علاج أسرى فلسطينيين، وتعويضات إضافية لعائلات إسرائيلية.
في تطوّر لافت وغير مألوف في السياق الإسرائيلي، خلال الأسابيع الماضية، نشر مئات الطيارين العسكريين، وما يزيد عن 1500 جندي وضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي -تجنّدوا في الخدمة العسكرية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرّة على قطاع غزة- عرائض علنية عبّروا فيها عن احتجاجهم العميق على استمرار العمليات العسكرية دون تحقيق التقدّم الكافي في قضية إعادة الأسرى والمحتجزين من خلال صفقة تبادل مع حركة حماس.
منذ تشكيل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في نهاية 2022، يشهد النظام السياسي تحوّلًا نحو نمط سلطوي مغلق، ويتم خلاله المصادقة على تشريعات جديدة تُقيد الرقابة الدولية، وتُقنن حصانة الجيش والمستوطنين، وتستهدف المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي الحقوقي. الهامش المحدود الذي أُتيح سابقًا للفلسطينيين للتوجه إلى الحماية الدولية أو المحكمة العليا الإسرائيلية يتآكل تدريجيًا، ويُستبدل بتشريعات تُجرّم الرقابة الدولية وتمنع أي مساءلة، مما يُنتج نظامًا يعزل الفلسطينيين كـ "حالة استثناء" خارجة عن القانون.
منذ بداية عمل الحكومة الإسرائيلية الحالية في 29 كانون الأول 2022، تشهد مشاريع شق الطرق الاستيطانية والاستثمار بالبنى التحتية للطرق تسارعًا غير مسبوق. فقد تم تخصيص حوالى 3.6 مليار شيكل لشوارع المستوطنات (وهي ميزانية قياسية مقارنة بالسنوات السابقة)، بالإضافة إلى تطوير خطة خمسية (2023-2027) والشروع بتنفيذها لتطوير البنى التحتية للاستيطان تشمل المياه، والكهرباء، والإنترنت، والبنى التحتية المطلوبة لرفع عدد المستوطنين إلى مليون في العقد القادم (لا يشمل عدد مستوطني القدس).
الصفحة 1 من 20