خلصت صحيفة "هآرتس" من وقائع محضر الجلسة التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية قبل 30 عاماً، وتحديداً في يوم 30 آب 1993، وصادقت خلالها على اتفاقية أوسلو التي وقّعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن يوم 13 أيلول من العام نفسه وحملت الاسم الرسمي "إعلان المبادئ"، والذي كشف عنه النقاب الأرشيف الرسمي لدولة إسرائيل الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لم تنظر إلى هذه الاتفاقية باعتبارها نقطة انطلاق نحو التخلّي عن الاحتلال في أراضي 1967، ونحو منح الفلسطينيين الحق في الحرية وتقرير المصير والاستقلال.
منذ انطلاق الحركة الصهيونية قبل نحو قرن وربع القرن، سعت للترويج إلى أنها هي التي ستحول فلسطين من صحراء قاحلة، أو من بلاد متخلفة وقذرة، إلى نموذج الدولة الحديثة والمتطورة. وعبّر مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتسل عن هذه الفكرة في روايته "ألتنويلاند" (أرض قديمة جديدة) - التي ترجمها ناحوم سوكولوف إلى العبرية تحت عنوان "تل أبيب". صوّر هرتسل في روايته فلسطين قبل قيام الدولة اليهودية بأنها أشبه بزرائب الحظائر التي تفوح من شوارعها وأزقتها الروائح الكريهة، فيما صوّرها بعد قيامها بالدولة العالمية ذات الطابع الأوروبي بمبانيه المرتفعة والمصارف وشركات الشحن والمركبات المتطورة والقطارات الكهربائية، ومجتمع بمكونات راقية ونظيفة.
تشير سلسلة من التقارير والمعطيات الاقتصادية التي تظهر تباعا، إلى أن الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية تتفاقم، وتضرب تقريبا كافة مناحي الحياة، فقد أشار تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، الذي صدر في الأسبوع الماضي، إلى أن إسرائيل حلّت في المرتبة الأولى في قائمة دول المنظمة، بشأن غلاء المعيشة في العام الماضي 2022؛ وحتى تراجعها في منتصف العام الجاري 2023، إلى المركز الرابع، لا يلغي استفحال الغلاء فيها، في حين أن قيمة الشيكل في تراجع ما يمهد لموجة غلاء جديدة، كما تشير تقارير أخرى إلى ارتفاع طفيف في البطالة، وخروج استثمارات مالية كبير إلى الخارج، وفي ظل كل هذا بدأت أحاديث عن اتساع دائرة هجرة الإسرائيليين، أو زاد التفكير بالهجرة.
الصفحة 109 من 886