يزداد الحديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مع تقدم أيام الحرب على قطاع غزة، حول احتمال حل الحكومة والكنيست، وإجراء انتخابات برلمانية في العام المقبل 2024، إلا أن هذه الأحاديث، التي تدعمها استطلاعات رأي عام تشير إلى انهيار الثقة بالائتلاف الحاكم، لا تنعكس على تماسك الائتلاف، الذي سيكون متراصا أكثر، أمام نتائج الاستطلاعات المتوالية. ومستقبل الحكومة سيكون منوطا بمدى هذا التماسك، الذي سيكون عليه تحدي الضغط الجماهيري، في حال نشأ، وهناك سيناريوهات عدة لمستقبل الحكومة، أقواها حتى الآن، استمرار الحكومة، أو على الأقل، في حال تقرر حل الكنيست، فإن انتخابات كهذه صعب رؤيتها في العام المقبل، وفق الوضع القائم، كما أن قرارا من بنيامين نتنياهو بالنزول عن المسرح، ليس بالضرورة أن يؤدي إلى تفكيك الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
تلتقي نتائج استطلاع واسع أجراه "مركز أكورد" حول شكل العلاقات بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية الفلسطينية من المواطنين في إسرائيل، في ظل وما بعد الحرب الجارية منذ 7 تشرين الأول 2023، مع مخاوف راهنة وتوقعات سابقة وصدمات ناجمة عن حوادث ومفترقات سابقة، في ما يتعلّق بصدامات عنيفة مستقبلية. ووفقاً لتقرير نُشر في صحيفة "هآرتس" التي انفردت بنشر نتائج الاستطلاع، فإن حوالى 90% من الجمهور اليهودي في إسرائيل يقدّرون، باحتمال كبير ومتوسط، أن تندلع أعمال عنف بين اليهود والفلسطينيين في المستقبل القريب، كما حدث في أيار 2021. وتبلغ النسبة الموازية بين الأقلية العربية الفلسطينية حوالى 70% من المتخوّفين.
نواصل هنا عرضنا للمفاهيم المركزية والأبرز التي شكلت قاعدة الرؤية الأمنية ـ السياسية الإسرائيلية التي يتعمق الإجماع الإسرائيلي على حقيقة أنها مُنيت بالفشل الذريع، بل بالانهيار التام، والتي تتزايد وتتعالى الأصوات الداعية إلى إعادة النظر فيها، لكن بعد صبّ الجهد بداية على تحديدها، من منطلق القناعة بأن تحديد تلك المفاهيم هو الخطوة الأولى التي لا مناص منها في مسيرة إعادة ترميم ما ينبغي ترميمه في العقيدة السياسية والأمنية الإسرائيلية، ثم في إعادة هيكلة الأجهزة، المنظومات والأذرع المكلفة بتطبيق هذه العقيدة في المستقبل.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية الحاليّة على قطاع غزة التي جرى شنّها في إثر الهجوم المباغت لحركة حماس على مواقع عسكرية في منطقة الحدود مع قطاع غزة، وعلى ما يعرف باسم "بلدات غلاف غزة"، يوم 7 تشرين الأول الماضي، طفت على السطح عدة مقارنات مع حروب إسرائيلية أخرى. وتشكّل هذه المقارنات، من دون ريب، ردّة فعل على واقع يتسم بالصراع من جهة وبالحروب التي يمكن اعتبارها دوريّة من جهة أخرى، كما أنّها تمثّل استجابة لهواجس وتطلعات ومواقف محددة من طرف هذا الباحث والمحلل أو ذاك.
الصفحة 107 من 901