تتوالى الهزّات على حكومة بنيامين نتنياهو، بمصدرها الوحيد، كتلتا اليهود الحريديم، وبقضية واحدة وحيدة: قانون فرض الخدمة العسكرية على الشبان الحريديم. فرغم إعلان كتلة يهدوت هتوراة الانسحاب من الحكومة والائتلاف، وإعلان شاس لاحقا، الانسحاب من الحكومة، وليس الائتلاف، إلا أن الكتلتين، وبالذات يهدوت هتوراة، لم تعلنا نيتهما التوجه لانتخابات مبكرة، إلا أن أعمال الائتلاف، من باب سن القوانين التي يسعى لها، معطّلة، تقريباً، منذ بدء الدورة الصيفية. وحالة الضبابية تتكثف في الحلبة البرلمانية، ونتنياهو آخر من يريد انتخابات مبكرة، نظراً لسلسلة مخاطرها عليه، إلا أنه في ذات الوقت أمامه معارضة ليست منتظمة، حتى الآن، فهل يستغل الوضع القائم، ويبادر بنفسه لحل الحكومة والكنيست؟ رغم ضُعف هذه الفرضية حاليا، لكنها تبقى عامل مفاجأة وارداً.
في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، طرحت إسرائيل عدة مشاريع تُعبّر في جوهرها عن محاولات التنصل من مسؤولية إدارة السكان في القطاع. لا سيما وأن أحد أهداف الحرب المعلنة هي الإطاحة بحكم حركة حماس، مقروناً برفض قاطع لأي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية أو لحماس في إدارة غزة في اليوم التالي للحرب.
طرحت إسرائيل مؤخراً ما بات يُعرف بـ"خطة المدينة الإنسانية"، والتي تقوم على إنشاء معسكر ضخم في جنوب قطاع غزة، وتحديداً في محافظة رفح، بهدف تجميع مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ويشمل خياماً للإيواء، ومراكز لتوزيع الطعام، ومرافق طبية أساسية.
يشكّل الذكاء الاصطناعي اليوم محوراً مركزياً في صراع القوى العالمية على التفوق التكنولوجي، ويُعاد من خلاله رسم معالم الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والأمن، وغيرها من القطاعات الحيوية. بالنسبة لإسرائيل، التي لم تطور بعد "استراتيجية وطنية شاملة" لاستيعاب هذا التحول العالمي، فإن الصعود المتسارع للذكاء الاصطناعي يترك أسئلة محلية في دولة استعمارية عنيفة وعدوانية تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز أدوات سيطرتها (تجاه الفلسطينيين) وأدوات رفاهيتها (تجاه مواطنيها اليهود). هذا المقال يفحص تجربة إسرائيل في هذا المجال، كاشفاً عن غياب بنية تنظيمية متكاملة برغم التقدّم البحثي، ويتناول الفرص والمخاطر (من وجهة نظر إسرائيلية) الكامنة في الذكاء الاصطناعي، قبل أن ينتقل إلى تحليل نقدي لاستخدام هذه التقنية داخل الكنيست والعمليات التشريعية.
يتضح عمق أزمة جهاز التعليم في إسرائيل هذه الفترة، على نحو متواصل، من خلال كشوفات متتالية عن مكامن خلل، تبدأ بالتمييز ضد الطلاب والمعلمين العرب، ولا تنتهي بها.
فقد بحثت لجنة شؤون الشباب في الكنيست مؤخراً موضوع "تخطيط، تمويل ومستقبل الخطة الخمسية للمجتمع العربي من وجهة نظر الشباب". ووفقاً لرئيسة اللجنة، عضو الكنيست نعماه لزيمي (العمل): "يواجه الشبان والشابات من المجتمع العربي سلسلة من التحديات الفريدة والمميزة في الانتقال إلى الحياة البالغة - الاندماج في التعليم العالي وسوق العمل والاندماج في المجتمع الإسرائيلي ككل". وتابعت قائلة إن "المعطيات تتحدث عن نفسها: فهناك معدلات بطالة مرتفعة، وانخفاض لمعدلات الاندماج في الأوساط الأكاديمية، ونقص في التوجيه المهني المُصمم خصيصاً، وصعوبة مستمرة في الحصول على فرص متكافئة".
تأتي محاولات عزل النائب أيمن عودة، أحد أبرز ممثلي الفلسطينيين في الداخل في الكنيست الإسرائيلي، في لحظة سياسية حرجة وشديدة الخطورة، تتقاطع فيها حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحرب بوتيرة أقل في الضفة الغربية والقدس، مع تصعيد ممنهج يستهدف الفلسطينيين في الداخل، ففي الوقت الذي تُمارس فيه آلة القتل على أوسع نطاق ضد الفلسطينيين في غزة والضفة، تتحرك إسرائيل لتضييق الخناق وحصار المواطنين الفلسطينيين في الداخل، بما في ذلك تجريدهم من أدواتهم السياسية والبرلمانية.
يدل تراكم سلسلة من المؤشرات والأحداث على أن أكبر كتلتين برلمانيتين إسرائيليتين معارضتين للحكومة، حاليا، قد تهاوتا منذ الآن، ما يعزز التقدير بأن مشهد المعارضة الحالية، في الانتخابات المقبلة، سيتغير بقدر كبير جدا، مع احتمال اختفاء أحد هذه الأحزاب من الكنيست، في حين أن الحزب المتشكل حديثا نسبيا، من حزبي العمل وميرتس، قد يعزز حضوره من جديد، وقد يُحدث مفاجأة بقوته البرلمانية. وكل هذا ينعكس في استطلاعات الرأي العام التي في غالبيتها الساحقة تكرر مشاهد انتخابات السنوات الأخيرة، بأنه لن يكون هناك حسم واضح لأي من الفريقين، لتشكيل حكومة جديدة، رغم إعلان إحدى الكتلتين اللتين تمثلان الجمهور الفلسطيني في الداخل، استعدادها لدعم كل حكومة توافق عليها.
الصفحة 1 من 347