المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
(من اليمين): هيرتسوغ، نتنياهو وترامب و"كتابه". (واي نت)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 28
  • وليد حباس

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من رئيس دولة إسرائيل، إسحق هرتسوغ، أن يمنح عفواً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وذلك قبل انتهاء محاكمته أو إدانته بشكل رسمي.

أدناه تلخيص لتقرير نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية ويشرح فيه صلاحيات العفو داخل إسرائيل، والقانون الذي ينظمها، ومن يحقّ له التقدّم بالعفو، وما إذا كان بالإمكان منح العفو في أثناء سير المحاكمة.

تستند صلاحية العفو إلى قانون أساس: رئيس الدولة، الذي يمنح الرئيس القدرة على العفو عن المدانين، أو تخفيف العقوبات، أو استبدالها، بل وحتى إلغاء فترات التقادم ومحْو السجلات الجنائية. تمتد هذه الصلاحية لتشمل أيضاً محو مخالفات جسيمة، بما فيها جرائم يُعاقَب عليها بالسجن المؤبّد. ورغم اتساع هذه الصلاحيات، فهي تظل موجَّهة حصرياً للحالات الفردية، إذ لا يملك الرئيس صلاحية منح عفو جماعي. وفي الماضي، كان الرؤساء يوقّعون على عفو فردي لأسرى تُفرِج عنهم الحكومة في صفقات تبادل، لكن تعديلاً قانونياً في العام 2001 نقل سلطة الإفراج السياسي عن الأسرى إلى الحكومة، حفاظاً على مبدأ أن العفو يجب أن يتعلّق بظروف كل فرد على حدة، لا بقرارات سياسية جماعية.

يقوم مبدأ العفو على فكرة "السلطة الرحيمة"، أي تلك الجهة في الدولة التي يُنتظر منها النظر إلى ما يتجاوز النصوص القانونية الجافّة، وإدخال معايير أخلاقية وإنسانية استثنائية في الحالات التي لا تسمح فيها المنظومة القضائية بمعالجة خصوصيات معقّدة. تُستخدم هذه الصلاحية في حالات يعجز القضاء فيها عن استخدام مرونة في العقوبة، أو في ظروف لا توفر منظومة العدالة جواباً إنسانياً ملائماً لها.

يستطيع المدان نفسه، أو محاميه، أو أحد أفراد عائلته من الدرجة الأولى، تقديم طلب العفو إلى الرئيس، شرط أن يتم ذلك بعلم صاحب الشأن. وتبدأ العملية بتقديم الطلب إلى الدائرة القانونية في بيت الرئيس، ثم يتم تحويله إلى قسم العفو في وزارة العدل أو وزارة الدفاع في القضايا العسكرية. بعد ذلك يُجمع ملف كامل يشمل قرارات المحكمة، تقارير السجن، الرأي الطبي والاجتماعي، ومواقف الشرطة والنيابة. وتبلور وزارة العدل توصيتها التي غالباً ما يعتمدها الرئيس قبل توقيع قرار العفو، ويضيف وزير العدل "توقيعاً شكلياً" وهي عادة خطوة لـ "التأكيد الرمزي" على أن العفو الرئاسي لا يمر من دون رقابة حكومية.

لا يشترط القانون اعترافاً بالذنب كشرط للعفو. فالعفو ليس حكماً قضائياً ولا وسيلة لإثبات البراءة أو الإدانة، بل هو فعل رحمة وتصحيح، يمكن أن يُقدّم حتى لمن يصرّ على براءته. ورغم أن العفو الكامل يمحو الإدانة والسجلّ الجنائي، فإنه لا يُلغي وجود الحكم الأصلي؛ أي أنه ليس آلية لإلغاء الحقيقة القضائية بل لتخفيف آثارها.

ومع أن القاعدة العامة تقصر العفو على من صدر بحقّه حكم قضائي، إلا أن التاريخ الإسرائيلي شهد حالات نادرة جداً مُنح فيها العفو خلال سير الإجراءات القضائيّة، أبرزها قضية "خط 300"، عندما قام عناصر من جهاز الأمن العام (الشاباك) في العام 1984 بإعدام فلسطينيين اثنين تم اعتقالهما وهما على قيد الحياة في أثناء اختطافهما لحافلة إسرائيلية، وتم إعدامهما ميدانيا ومن دون قرار سياسي، ثم قام رجال جهاز الشاباك بالتستّر والكذب على حيثيات القضية، وانتهت بعفو رئاسي استثنائي من قبل الرئيس حاييم هرتسوغ بدعوى حماية "المصلحة العامة". وصادقت المحكمة الإسرائيلية العليا على هذا القرار على أنه استثنائي للغاية ولا ينبغي تكراره إلا كـ"صمّام أمان" في ظروف قصوى، ما رسّخ القاعدة التي تنصّ عليها تعليمات المستشار القانونئي للحكومة: الرئيس لا ينظر في طلبات العفو قبل الإدانة إلا في حالات نادرة واستثنائية.

في المقابل، رفض الرئيس الإسرائيلي في السابق طلبات عفو مختلفة، أهمها لرموز سياسية بارزة كموشيه قصاب وإيهود أولمرت. وفي الخلاصة، يُمنح رئيس الدولة صلاحية واسعة للعفو، لكنها في الممارسة محكومة بقاعدة ثابتة: لا يُنظر في العفو إلا بعد انتهاء الإجراءات القضائية، احتراماً لمبدأ سيادة القانون وفصل السلطات. أما الحالات السابقة للعفو في أثناء الإجراءات فتبقى حالات نادرة تُعامَل كاستثناء لا قاعدة، لأن استخدامها خلاف ذلك يعني المسّ بمبدأ المساواة أمام القانون وباستقلالية القضاء والنيابة.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس دولة إسرائيل, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات