المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
نتنياهو يتوسط حليفيه "اللدودين" سموتريتش وبن غفير. (وكالات)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 19
  • وليد حباس

كشف يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، أنه بلغ الإدارة الأميركية بأن لديه شبكة أمان سياسية تمنح نتنياهو أغلبية برلمانية وشعبية لدعم صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب. هذه المقالة تستعرض القانون الإسرائيلي، والعرف السياسي، الذي يتيح لحزب خارج الإئتلاف الحاكم أن يمرر سياسات حكومية عندما يكون جزءٌ من الحكومة معارضاً لها.

  1. ما هي شبكة الأمان؟

تشير "شبكة الأمان" إلى حالة تصوّت فيها أحزاب معارضة بشكل انتقائي مع الائتلاف الحاكم لتمرير سياسة أو اتفاق معيّن، وذلك عندما يعارض جزء من الائتلاف نفسه. حالياً، يملك الائتلاف الحاكم في إسرائيل 68 عضواً في الكنيست من أصل 120، أي أنه يمتلك أغلبية كافية لتمرير أي قانون أو سياسة (النصف + 1، أي 61 صوتاً). لكن إذا اتجهت الأمور نحو إنهاء الحرب وفق المعطيات الحالية، فمن المرجّح حدوث ما يلي:

  • أن يعارض بعض مكوّنات الائتلاف، وتحديداً حزبا سموتريتش وبن غفير اللذان يملكان معاً 13 مقعداً، مما قد يمنع الحكومة من المصادقة على مقترح ترامب لإنهاء الحرب.
  • في المقابل، فإن أحزاباً من خارج الحكومة، مثل حزب لبيد (24 مقعداً)، قد تدعم القانون أو السياسة، لتأمين الأغلبية المطلوبة (61 صوتاً) في حال تراجع جزء من الائتلاف. هذا الدعم يُعرف بـ"شبكة الأمان".
  1. لماذا تسمى شبكة أمان؟

لأنها بمثابة تصويت إنقاذي يحول دون سقوط الحكومة. وهناك سيناريوهان بديلان عادة ما يُستبعدان عند الحديث عن "شبكة الأمان":

  • الانضمام إلى الائتلاف: دخول لبيد إلى الحكومة غير وارد، إذ يتعارض مع برنامجه السياسي ولا يحظى بقبول قاعدته الانتخابية، خاصة أنه بنى مسيرته على معارضة نتنياهو. كما أن قضايا أساسية مثل تجنيد الشبان اليهود الحريديم تجعل خيار الانضمام غير مطروح.
  • إسقاط الحكومة: ممكن قانونياً عبر "حجب الثقة البنّاء" بـ61 صوتاً وتشكيل حكومة بديلة كاملة. لكن في هذه الحالة تتحول حكومة نتنياهو إلى حكومة تسيير أعمال بلا صلاحيات لاتخاذ قرارات مصيرية، وتتم الدعوة لانتخابات جديدة تستغرق أسابيع أو أشهراً، مما يعرقل مشروع ترامب الفوري لإنهاء الحرب أو يؤجّله.
  1. لماذا لا يكون حجب الثقة الخيار الأول؟

في النظام الإسرائيلي، لا يكفي التصويت ضد الحكومة لإسقاطها، بل يجب في اللحظة نفسها طرح حكومة بديلة مكتملة الأركان – بأسماء الوزراء وخطوطها العريضة – والحصول على دعم 61 نائباً لها. هذا الشرط يجعل إسقاط الحكومة بدون وجود بديل جاهز أمراً بالغ الصعوبة. كذلك، فإن حلّ الكنيست والدعوة لانتخابات مبكرة يتطلب أيضاً 61 صوتاً، أو يحدث تلقائياً فقط إذا فشلت الحكومة في تمرير الموازنة في المواعيد المقررة، وهو ما لا ينطبق حالياً. هذه القواعد تخلق حوافز قوية لاستمرار الحكومات، ودفع الأطراف إلى تبني تفاهمات جزئية أو دعم انتقائي بدلاً من السعي لإسقاط الحكومة. ونتيجة لذلك، يمكن لحكومة أن تواصل عملها كـ"حكومة أقلية" معتمدة على دعم خارجي من المعارضة في قضايا محددة، من دون أن تدخل المعارضة رسمياً إلى الائتلاف، وهو سيناريو مألوف وعملي في الحياة البرلمانية الإسرائيلية.

  1. كيف تُدار "شبكة الأمان" عملياً؟

لا يتطلّب الأمر اتفاقاً ائتلافياً رسمياً؛ بل يقوم على التزام علني أو تفاهم سياسي يمنح بموجبه حزب أو كتلة معارضة أصواته للحكومة في بند محدد – كقانون أو اتفاق أو قرار – مع بقاء مواقفه الاعتيادية في بقية القضايا بدون تغيير. بهذا الشكل، لا يُعتبر الدعم انضماماً إلى الحكومة. من الناحية الإجرائية، تعمل رئاسة الكنيست والائتلاف على ترتيب جدول الأعمال وتوقيته بحيث لا يتزامن مع اقتراحات حجب ثقة بنّاء. في المقابل، تصوغ الكتل المعارضة التي تمنح الأصوات بياناً سياسياً يوضح أن دعمها موجّه إلى "موضوع محدد" لا إلى الحكومة ككل.

5. هل هناك سوابق تاريخية في موضوع "شبكة الأمان"؟

نعم، مرت اتفاقيات أوسلو في الكنيست بأغلبية اعتمدت عملياً على "دعم خارجي" من كتل لم تكن جزءاً من الائتلاف الحكومي، ما شكّل بحكم الأمر الواقع شبكة أمان برلمانية لحكومة إسحق رابين في سبيل ضمان أغلبية في التصويتات الحاسمة. مثلا، التصويت على أوسلو 1 (في العام 1993) عُرّف كتصويت ثقة، وأُقر بأغلبية 61 مقابل 50 ضد وامتناع 8. حركة شاس (التي كان جزءاً من الإئتلاف الحاكم) غيّبت نفسها عن التصويت، وحزب يهدوت هتوراه (أيضاً كان جزءاً من الإئتلاف) صوّت ضد، غير أن رابين ضَمِن لنفسه الأغلبية بفضل دعم خارجي من الأحزاب العربية في الكنيست، ما أمّن له 61 حتى من دون تأييد شاس.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, يائير لبيد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات