المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
منظومة الدفاع الجوي THAAD تصل لإسرائيل على أن يتم تفعيلها من قِبَل الجيش الأميركي!
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 677
  • عبد القادر بدوي

مع مرور الوقت، يتم الكشف تباعاً عن الأضرار التي تسبّب بها الرد الإيراني على إسرائيل في 1 تشرين الأول الجاري، إذ أشارت القناة 13 إلى أن الخسائر المادية بلغت 150-200 مليون شيكل، وقد وصل أكثر من 2500 شكوى للتعويض عن أضرار في المنازل والمركبات. من ناحية أخرى، أكّد المحلّل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن قرابة 500 منزل ومبنى تضرّرت في الرد الإيراني الأخير وسط تأكيد الجيش الرسمي بنجاح عملية الاعتراض. في ضوء اعتداء إسرائيلي مُحتمل على إيران، وفي إطار التفاهمات الإسرائيلية- الأميركية، وحالة التنسيق والشراكة الكاملتين بينهما، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن يوم أمس الأحد أنه أمر بنقل بطارية منظومة الدفاع الجوي الأميركية ضد التهديدات الصاروخية من نوع THAAD لإسرائيل يتم تشغيلها من قِبَل جنود أميركيين بهدف مساعدتها على التصدّي للهجمات الصاروخية الإيرانية، بشكل يُعيد الذاكرة لنشر صواريخ الباتريوت في إسرائيل عام 1991 للتصدي للصواريخ التي أطلقت من العراق آنذاك.

تمتلك إسرائيل منظومة دفاع جوي متعدّدة الطبقات قد تكون من الأفضل في العالم، وقد استغلت الحروب الدموية المتتالية التي شنّتها على قطاع غزة منذ العام 2008 لإجراء اختبارات ميدانية للمنظومات الدفاعية بهدف تطويرها وزيادة استجابتها للتهديدات الصاروخية، وقد سبق أن أشرنا في مساهمة سابقة إلى منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي- متعدّدة الطبقات. منذ 7 أكتوبر، وعلى هامش الحرب التي تشنّها إسرائيل على جبهات مختلفة، تنظر شركات تصنيع وتطوير الأسلحة والتقنيات العسكرية- الأمنية للحرب بوصفها فرصة لتطوير التقنيات، بما في ذلك المنظومات الدفاعية ضد التهديدات الصاروخية التي تم إجراء اختبارات فعلية لها للمرة الأولى في هذه الحرب: منظومتا "السهم 2" والسهم 3" بالإضافة إلى منظومة "مقلاع داوود". وعلى الرغم من أن إسرائيل تعتمد بشكلٍ كبير على الولايات المتحدة الأميركية في التسليح وتعبئة مخزونها من منظومة "القبة الحديدية"، فإن الرد الإيراني على استهداف قنصليتها في سورية ليل 14 نيسان بالصواريخ والمسيرات، وكذلك الرد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ليل 1 تشرين الأول الجاري كشف عن ضعف إسرائيل في مواجهة التهديدات الصاروخية المتقدّمة (وتحديداً الصواريخ الباليستية) ما دفع الولايات المتحدة وبعض حلفاء إسرائيل إلى التدخل المباشر ومساعدتها على التصدّي لهذه الهجمات كجزء من الانخراط الأميركي الشامل في هذه الحرب منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ما هي منظومة THAAD؟ وما هي مميزاتها؟

تُعد منظومة الدفاع الجوي ضد التهديدات الصاروخية THAAD الأميركية من أهم المنظومات الدفاعية في العالم، وتُشكل جزءاً من استراتيجية الردع ضد الصواريخ الباليستية التي عملت الولايات المتحدة على تطويرها في العقود الأخيرة. تسمية المنظومة هي الأحرف الأولى من Terminal High Altitude Area Defense والتي تعني بالعربية (النص الحرفي): منظومة دفاع جوي صاروخي للمناطق عالية الارتفاع، وهي منظومة دفاع صاروخي متقدّمة مصمّمة لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية القصيرة (حتى 1000 كم) والمتوسطة (1000-3000 كم) والبعيدة المدى (3000-5000 كم) داخل الغلاف الجوي وخارجه، وهي من تطوير شركة Lockheed Mart التابعة للجيش الأميركي كجزء من مشروع المنظومة الدفاعية متعدّدة الطبقات. طُرحت فكرة تطوير المنظومة لأول مرة في العام 1987 من قِبَل الجيش الأميركي، وبعد سلسلة متعددة من محاولات الاختبار استمرّت أكثر من 10 أعوام (1999)، نجح الاختبار السادس للمنظومة في التصدّي لصواريخ من نوع "هيرا" التي تستخدمها المنظومة نفسها، وقد تم نشرها خارج الولايات المتحدة في العام 2012 في عدة مناطق رئيسة حول العالم.

تتألف منظومة THAAD الدفاعية من أربعة مكونات رئيسة: قاذفات متحركة يتم نقلها بسهولة وبسرعة تضم 8 صواريخ في كل قاذفة، صواريخ اعتراضية وهي صواريخ غير مجهزة برؤوس متفجرة، تعتمد على الطاقة الحركية لتدمير الصواريخ من خلال الاصطدام المباشر، ورادار قوي للكشف المبكّر عن إطلاق الصواريخ الباليستية ويتعقّبها بدقّة عالية ومن ثم يوجّه الصواريخ الاعتراضية، ووحدة تحكم في إطلاق الصواريخ الاعتراضية. تعمل المنظومة وفقاً لآلية Hit-to-Kil حيث يتم تدمير الصواريخ الباليستية من خلال الاصطدام المباشر وذلك بهدف تقليل الأضرار الجانبية لعملية التصدّي من خلال تقليل الحاجة إلى وجود المتفجرات، لذلك لا يحمل الصاروخ رأساً حربياً، وإنما يعتمد على الطاقة الحركية الناتجة عن التصادم بين المعترض والهدف، وقد تم تطويره بالأساس لمواجهة تهديد صواريخ سكود وما يشبهها، لكنه يفتقد إلى القدرة على اعتراض الصواريخ العابرة للقارات.

يتيح رادار المنظومة القوي اكتشاف الصواريخ والطائرات من جميع الأنواع وتعقّبها على مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر، بالإضافة إلى قدرته على كشف التهديد وإطلاق التحذير قبل 13 إلى 15 دقيقة من الوصول إلى الهدف، حيث يمكن للرادار تعقّب الهدف على بعد مسافة تصل إلى 1000 كيلومتر، ويسمح بإطلاق صاروخ اعتراضي لمسافة 200 كيلومتر وعلى ارتفاع يصل إلى 150 كيلومتراً.

 في العام 2013، تم نشر المنظومة في جزيرة غوام (تبعد بنحو 2400 كيلومتر عن كل من شبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان) لحماية القوات الأميركية من تهديدات الصواريخ الكورية الشمالية، وكذلك تم نشر أنظمة أخرى في كوريا الجنوبية العام 2017، مما أثار ردود فعل سلبية من الصين بسبب قدرات الرادار المتطورة التي يمكن أن تراقب الأراضي الصينية. كذلك، تم الاتفاق على نشر بطاريتين من المنظومة في السعودية والإمارات كجزء من صفقات عسكرية واسعة العام 2022. لقد كان الاختبار الفعلي الأول للمنظومة في الحروب ناجحاً في العام 2022 بعد التصدّي لصاروخ أطلق من اليمن باتجاه الإمارات التي حصلت على بطاريتين من المنظومة في العام نفسه.

لماذا قررت الولايات المتحدة إرسالها لإسرائيل الآن؟

رون بن يشاي يقول إن التصدّي الأميركي للهجومين الإيرانيين يومي 14 نيسان و1 تشرين الأول من العام الحالي أدّى إلى استنفاد مخزون الصواريخ الاعتراضية التي أطلقها الأسطول السادس من السفن الحربية الأميركية قبالة السواحل التركية والسورية، في إثر ذلك، لجأت الولايات المتحدة إلى توريد منظومة الدفاع الصاروخي ونشرها في إسرائيل، حيث تستطيع الولايات المتحدة الاستغناء عن واحدة من بطارياتها السبع التي تمتلكها في إطار حالة التنسيق والشراكة الكاملة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وبما ينطبق أيضاً على تنسيق الاعتداءات على إيران هي السبب في نشر المنظومة الأميركية الدفاعية.

تتمثّل حاجة إسرائيل في الرغبة بنشر المزيد من قاذفات الصواريخ الاعتراضية والرادارات ومنظومات الدفاع الجوي الأميركية لحمايتهما من التهديد الإيراني وللتصدّي لمئات الصواريخ التي قد تطلقها إيران في أعقاب اعتداء إسرائيلي مُحتمل وقد يحدث في أي لحظة. من الناحية الأميركية، فإن المعطيات أكّدت على أن المنظومة الاعتراضية من صواريخ  SM-3التابعة للأسطول السادس في البحر المتوسط تمكّنت من اعتراض 12 صاروخا باليستيا فقط في الرد الإيراني الأخير، الأمر الذي يُؤشّر إلى ضعف في مواجهة كثافة الصواريخ. وإلى جانب "ضعف الأداء"، فإن الولايات المتحدة تبدو ذاهبة باتجاه "اقتصاد التسلّح"، على الرغم من عدم تقليص الدعم العسكري- الأمني لإسرائيل، وإنما من أجل تجنّب إضعاف مخزون الأسطول السادس الاعتراضي في البحر الأبيض المتوسط الذي تسبّب فيه الهجوم الإيراني في 14 نيسان و1 تشرين الأول، وذلك لأن للأسطول مهام أخرى داخل الناتو ما دفع الولايات المتحدة إلى "الاقتصاد في التسلّح". ورغم أن سعر صاروخ ثاد لا يقل كثيرا عن سعر الصاروخ SM-3 (البالغ نحو 15 مليون دولار)، فإن الجيش الأميركي لديه سبع بطاريات كاملة من صواريخ ثاد الأرضية لاعتراض الصواريخ الباليستية ومنصات الإطلاق التي يبلغ عدد الصواريخ الواحدة منها ثمانية صواريخ، وبذلك يستطيع الجيش الأميركي أن ينقل إلى إسرائيل بطارية واحدة (4-6 منصات إطلاق يمكنها اعتراض نحو 40 صاروخاً باليستياً معاً) من دون خلق فجوة دفاعية في منطقة الناتو.​

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات