الراصد القانوني

متابعة وتوثيق القوانين والتشريعات الاسرائيلية ذات الصلة بالفلسطينيين.

القانون يلزم كل ناشط في مراكز حقوقية بوضع بطاقة على صدره، تشير الى اسم المركز ومموليه، عند عمله في المؤسسات الرسمية وحيث وجد موظفي حكومة (جنود)

نشرت وزارة القضاء الإسرائيلية على موقعها في الانترنت، مسودة مشروع قانون حكومي، حصل على الموافقة المبدئية في وزارة القضاء والحكومة، من شأنه أن يضيق على العاملين في المراكز الحقوقية، وتلك التي تتابع وتلاحق جرائم وممارسات الاحتلال، وتعرّض بعضهم للخطر، خاصة إذا نشطوا في ميادين ينتشر فيها جنود الاحتلال.

والهدف من نشر المسودّة هو سماع رأي الجمهور وكل من يرغب، بمشروع القانون، وهو نظام قائم في السنوات الأخيرة. ومن ثم ستتم صياغة النص النهائي وعرضه على الحكومة لإقراره، ثم عرضه على الكنيست، ليدخل مسار التشريع الرسمي.

ويستهدف مشروع القانون كافة المراكز الحقوقية وتلك التي تتابع ممارسات جيش الاحتلال وجرائمه، والمراكز المناهضة لسياسة التمييز العنصري، وتتلقى دعما خارجيا، بالأساس من دول أوروبية، ولكن أيضا من دول غنية، مثل صناديق في الولايات المتحدة وكندا، وغيرها.
وينص مشروع القانون، على أن كل موظف/ة ناشطة/ة في هذه المراكز، يدخل إلى الكنيست والمؤسسات الحكومية، ليلتقي بمنتخبي جمهور أو موظفي دولة، أو ينشط في ميادين يتواجد فيها موظفو دولة، مع تركيز خاص على ذكر الجنود وعناصر الشرطة، يكون ملزما بأن يضع على صدره بطاقة تحمل أسمه والمركز الذي يعمل فيه، والجهة الأجنبية الممولة لهذا المركز، أو للمشروع الذي يعمل في اطاره في تلك الفترة العينية.
وفي حال شارك هذا موظف/ة ناشطة/ة في بحث لجان برلمانية، فإنه ملزم بأن يعرّف عن نفسه، كما هو قائم، ولكن مع الإشارة إلى اسم المركز والجهة الممولة لنشاط المركز، وللغرض الذي يتواجد لأجله في الكنيست، أو في أي مؤسسة رسمية، على أن يتم تسجيل هذا في محضر الجلسة.
كما يلزم القانون كافة هذه المراكز، بأن تشير في كل منشور ومطبوعة تصدرها (تقارير)، الجهة الأجنبية الممولة لذلك المنشور أو المطبوعة.
ونشير هنا، الى أن كل من يدخل الى الكنيست، زائرا أو ناشطا ملزم بوضع بطاقة يقدمها له الكنيست، تحمل اسمه والجهة التي يُدعى لها.

مخاطر القانون:

- هذا القانون يستهدف أساسا كل المراكز الحقوقية، التي تعنى بمناهضة الاحتلال وجرائمه، وسياسة التمييز العنصري، والاعتداء على حقوق الانسان والجمهور، فكل هذه المراكز تتلقى تمويلا من دول، وصناديق في دول في العالم. وفي ذات الوقت فإنه يعفي المراكز الأخرى التي تتلقى تمويلا "داخليا"، ما يعني اعفاء كافة الأطر اليمينية واليمينية المتطرفة، التي وإن تلقت تمويلا من مراكز يهودية، أو أثرياء يهود وغيرهم في العالم، فإن هذا التمويل يمر بالمنظمات الصهيونية، ما يجعل التمويل "داخليا".
- هذا القانون يأتي في ظل حملة تحريض تبدأ من رأس الهرم الحاكم، وماكنة اعلامية لا تتوقف ضد هذه المراكز، ما يجعل الناشطين أمام أخطار جسدية وعلى حياتهم ككل، خاصة حينما يتحركون في مناطق ينشط فيها عناصر احتلال و"أمن"- تذكير بالاعتداء على مدير عام منظمة "حاخامات من أجل حقوق الانسان". كما سيقوض الأمر حركة الناشطين أيضا في أروقة الكنيست، ويجعل التعامل معهم بشكل تمييزي، عن سائر الجمعيات والمراكز الأخرى.
- يسعى اليمين الأشد تطرفا منذ ثماني سنوات، بشكل خاص، لسن قوانين عديدة، من شأنها أن تقوّض حركة هذه الجمعيات والمراكز. وحتى الآن لم يمر أيا منها في الكنيست، بسبب اعتراضات وتحذيرات منظمات حقوقية عالمية وأوروبية، ودول أوروبية أخرى. ونذكر من هذه القوانين والاجراءات:

1- منع منح تأشيرات اقامة دائمة أو طويلة لناشطين أجانب في منظمات تنشط لمقاطعة إسرائيل، أو لبضائع ومؤسسات الاحتلال- هذا قانون بمبادرة أحد النواب، وصادقت عليه الحكومة، إلا أنه لم يطرح بعد للتصويت عليه بالقراءة المبدئية في الكنيست، ومن المتوقع أن يطرح قريبا، وتضمن له الحكومة أغلبية من الائتلاف والمعارضة.
2- قانون فرض ضريبة بنسبة 45% على كل التبرعات الخارجية (أموال الدعم) لهذه المراكز الحقوقية، وقد طرح كمشاريع نواب خاصة، في الدورتين البرلمانيتين السابقتين. وكانت من بين المبادرين من باتت اليوم وزيرة القضاء أييليت شكيد. ولكن القانون طرح للنقاش وجرى سحبه من التصويت عليه، في الدورة قبل السابقة (الكنيست 18).
3- قراران برلمانيان بدعم حكومة نتنياهو قبل السابقة (2009- 2013)، لاقامة لجنة تحقيق برلمانية في عمل المراكز الحقوقية، بهدف التوصل الى قرار يقضي بحسب إجازة عملها في إسرائيل، وبعد الضجة العالمية والمحلية، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بذاته سحب القراران قبل التصويت النهائي عليهما.
4- من ضمن الاجراءات ضد الناشطين في هذه المراكز، تضييق سلطات الاحتلال على الناشطين الحقوقيين المتجهين الى المناطق المحتلة منذ العام 1967، وسحب تأشيرات منهم، أو منع دخولهم اطلاقا وطردهم من المطار أو المعابر الحدودية الأخرى.

داعمو القانون

يقف من خلف هذا القانون وهذه المبادرات كافة أحزاب اليمين المتطرف بضمنها حزب "الليكود". وفي الحالة القائمة ستحظى هذه القوانين والاجراءات بدعم كتلتي المتدينين المتزمتين "الحريديم"، اللتين على الأغلب، تتخذا مواقف من هذه المبادرات، بموجب موقعها البرلماني- في الائتلاف أو المعارضة. كذلك فإن الائتلاف الحاكم سيحظى مباشرة من دعم كتلة "يسرائيل بيتينو" المعارضة بزعامة أفيغدور ليبرمان، وقد تحظى أيضا بدعم قسم من نواب "يوجد مستقبل"، بزعامة يائير لبيد.
كذلك من تحرك هذه القوانين والمبادرات، هي حركات ومنظمات صهيونية يمينية متطرفة، ولكن بشكل خاص المركز المتخصص بهذا الشأن "إن جو مونيتور"، وهو مركز بعيد عن الواجهة الإعلامية، وأساس نشاطه يتلخص في ملاحقة الجمعيات والمراكز الحقوقية الناشطة في اسرائيل، وذات توجهات حقوقية وسلامية، وتلاحق جرائم الاحتلال والاستيطان.
وأساس الملاحقة يتلخص في متابعة مصادر التمويل لهذه الجمعيات، وأيضا تقدم لهيئات حقوقية دولية، منها لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة تقارير حول حقوق الانسان في دول الشرق الاوسط، في محاولة لطرحها كتقارير موازية للتقارير التي يتم اعدادها ضد السياسة والممارسات الاسرائيلية والاحتلال.
ويقول المركز في تعريف نفسه في صفحته على الانترنت، إنه يقدم معلومات وأبحاث "معمقة عن تقارير المنظمات غير الحكومية، التي تدعي أنها تدفع بحقوق الانسان، وأجندتها انسانية"، حسب التعبير الوارد، بقصد تقديم تقارير تنقض تقارير الجمعيات الحقوقية.
ويشير "إن جو مونيتور" بوضوح أنه يهدف من نشاطه طرح تقارير بديلة لتقارير حقوق الانسان التي تنتقد الممارسات الاسرائيلية، وجعلها محورا في حوارات الرأي العام العالمي والاقليمي.
وتشير عدة مراكز حقوقية، الى أنه حدث في عدة حالات قطع تمويل خارجي بفعل ضغوط اللوبي الصهيوني، الذي يحركه مركز "إن جو مونيتور".

احتمالات القانون

كون هذا القانون يقدم باسم الحكومة، فإن فرص دفعه واقراره كليا واردة جدا، خاصة وأن القانون المقترح، يدعي أنه جاء تعديلا لقانون قائم، متعلق بمراكز الضغط "اللوبي"، ذات الطابع الاقتصادي.
إلا أنه في جانب كبير من هذا القانون، حسابات سياسية خارجية، فمثلا يُطرح القانون الآن، بموازاة قرار الاتحاد الاوروبي، الممول الأكبر لهذه الجمعيات الحقوقية، وضع علامة على بضائع المستوطنات. ومن شأن القانون المقترح أن يواجه معارضة لدى منظمات حقوقية عالمية وأوروبية، وبناء عليه، فهناك احتمالان:

1- أن يقر القانون كليا كما هو خلال الدورة البرلمانية الحالية الـ 20.
2- تحويل القانون لمقايضة سياسية مع الدول الأوروبية، لابتزاز قرارات معينة، أو العدول عن قرارات مناهضة للاحتلال. لذا وفي هذا الاطار فقد تلوّح الحكومة بالقانون لفترة طويلة وتغيّبه عن الواجهة الإعلامية، أو أن تقره القانون بالقراءة الأولى في الكنيست، ثم "تدفنه" في لجنة القانون والدستور البرلمانية.

الراصد القانوني

أحدث القوانين