المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تقرير: فراس خطيب

جريمة مقتل الشاب محمد خطيب، ابن قرية كفر كنا، وجرح صديقه من كفر مندا بجراح بالغة على أيدي شرطة حرس الحدود الاسرائيلي، يوم الأحد الماضي (18/4)، أثارت ردود فعل ساخطة في صفوف الجماهير والقيادة العربية في الداخل، هذا الحادث الذي خلق تحريضاً آخر ضد المواطنين العرب وخاصة قرية كفر كنا التي عانت الويلات من ذلك التصعيد.

هذه القضية كمثلها من القضايا تشهد غموضاً يكتنف شقيها، غير أن مقولة الشرطة صارت المهيمنة على مجريات الأحداث. "لم يكن شهود عيان يفضحون الشرطة فهي تخلق ما تشاء خلقه"- قال سعيد خطيب، عم الشاب المغدور، في حديث خاص لـ "المشهد الإسرائيلي"، وأضاف "لقد أصبحنا معتادين على مثل هذه الإدعاءات".

ما هي القضية؟ ولماذا تصمم الشرطة على وجود خلية "إرهابية" أعضاؤها من كفركنا وعلى أن "الإشتباك" كان مع شبان مسلحين؟ وإذا قررت المحكمة عدم نشر مثل هذه التفاصيل حول القضية فلماذا لم يمنع هذا بعض قادة الشرطة من التفوه والتأكيد على وجود خلية "مخربين" مؤلفة من عرب الداخل؟ القصة المتداولة في الاعلام الاسرائيلي هي قصة "حرس الحدود" فأين ضاعت قصة الأهل والأقارب؟ وعن أي تنظيم يجري الحديث هنا؟ كل هذه الاسئلة ومثلها الكثير تطرح في صدد القضية ولكن النقطة التي يجب معالجتها بعيداً عن الاسئلة التنظيرية المطروحة، على حد قول أهالي كفر كنا، هي التصعيد المجحف ضد المواطنين العرب، والحديث لا يجري عن هذا الحدث بشكل خاص، "فلا يعقل"، على حد قولهم، "أن يقتل منذ أحداث اكتوبر 2000 في قرية كفر كنا تحديداً أربعة شبان بدم بارد، ناهيك عمن يقبع في السجون الإسرائيلية بتهم ملفقة".

رواية الشرطة!!

"المكان هو الشارع الرئيسي بين كفر كنا ومدينة طبريا، في ساعة متأخرة من الليل"، حسبما جاء في أقوال "أحد المقاتلين" (كما أسموه) في جريدة "معاريف":

" كنا ثلاثة مقاتلين مع كلبنا "باك". كان مرورنا من الشارع بمثابة إغراء حي "للمخربين" ضمن حملة واسعة تقودها الشرطة. تمنينا أن يلقوا علينا زجاجات حارقة، كما حصل في الأشهر القليلة الماضية، وبالفعل تم إطلاق النار وليس زجاجات حارقة، إطلاق النار فاجأنا حقيقة، فسرنا عشرين متراً ومن هناك قمنا بإطلاق النار مرة أخرى نحو المصدر، ما أدى الى هروبهما الى حقل مجاور، أطلقنا قنبلة ضوء أنارت السماء، وبعثنا بالكلب "باك" الذي أشار الى مكانهما، ومن بعدها أطلقنا النار عليهما ما أدى الى جرح واحد منهما، اما الثاني فقد إستمر بإطلاق النار فقتلناه، استغرقت العملية 8 دقائق فقط"!.

هل توجد لـ "حزب الله " علاقة؟

هذا ما سألته الصحف الإسرائيلية من خلال عناوينها يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، وبشكل خاص صحيفة "معاريف" التي جعلت من "حزب الله " بطلاً في العناوين، لكن عندما تحدث صحفيوها عن الحدث غاب "حزب الله" عن الصورة، وبقي العنوان (وهذا أول ما يقرأ) (معريف 4/20).

في حديث خاص لـ "المشهد الإسرائيلي " قال يهودا مامان، الناطق الرسمي بإسم شرطة لواء الشمال "إن الأمور حتى الآن لم توضّح بعد، نحن ممنوعون من نشر تفاصيل حسبما قررت المحكمة، ولكن ما أستطيع قوله هو إنه كان هناك إعتداء على سيارة حرس الحدود التي مرّت من الشارع من قبل الشابين المسلحين وعندها اطلق حرس الحدود النار".

وفي رد على سؤال عن علاقة حزب الله، قال: "لا تجرّني الى أماكن ممنوعة في النقاش، سبق أن قلت لك نحن ممنوعون من التصريح لوسائل الإعلام، ولكن أستطيع القول إنه حتى الآن لا علاقة لحزب الله في القضية وأنا لا أعرف من كتب هذا".

رواية العائلة..

يقول سعيد خطيب، عم محمد خطيب، لـ "المشهد الإسرائيلي": "العائلة لم ولن تصدق ما قالته الشرطة، تعودنا على أكاذيبهم وتبريراتهم، وعدم وجود شاهد عيان يصعّب القضية أكثر وأكثر ويجعل مقولتهم هي المقولة المسيطرة، لا توجد معلومات دقيقة، أنا لا أستطيع ان اقول لك التفاصيل فهذا صعب، فلم يتواجد أحد سوى الشبان والشرطة ولكن من تجارب سابقة ثبت الكثير من أكاذيب الشرطة، ما أستطيع قوله هو لمحة عن حياة هذا الشاب الذي لم يكن مقربّا لأي تنظيم سياسي، لا يشاغب، الجميع يحبه، وهو يحب الجميع، ولا أحد يصدق بأن يقوم محمد بما تودّ الشرطة برهانه. نحن نرفض هذا جملة وتفصيلاً".

ويضيف سعيد: "أعطيك مثالاً، خرج ( "جاسوس الذرّة" الاسرائيلي، مردخاي) فعنونو من السجن بعد 18 عاماً، قالوا عنه جاسوس، خائن، ووضعوه في السجن، فلماذا لم يفعلوا مع محمد كما فعلوا مع فعنونو؟ الجواب، لانه عربي، وهذا ما تم تكراره في الفترة الاخيرة، قصص تفاصيلها كاذبة، سياقتها كاذبة، صدقني، الاجواء جداً صعبة فهذا ليس الحدث الأول الذي تشهده القرية، سنضيف إسمه الى قائمة الشهداء ولن نمرّ على ذلك مرّ الكرام".

النائب واصل طه: "هم ليسوا رب العالمين"!

يقول واصل طه، عضو الكنيست الحالي، ورئيس مجلس كفر كنا السابق، عن وجهة نظر الشرطة التي انقلبت الى الصورة المتداولة: " وجهة نظر الشرطة زائفة، ثمة تناقض في وجهتي نظرها خلال عام واحد فقط، وفي كفركنا تحديداً ، الاولى، قبل عام تقريباً بعدما قتل جندي إسرائيلي في كفر كنا، وأخذ سلاحه واتهم عدد من الشبان القابعين اليوم في السجون الإسرائيلية، والثانية قبل يومين أعلنت الشرطة ان البندقية وجدت مع الشاب الذي قتلوه مؤخراً، فكيف يعقل؟ إدعاء الشرطة منذ عام لم يكن صحيحاً والتحقيقات جارية ولا يوجد ما يشير الى صحة أقوالهم".

(*): "المشهد الإسرائيلي": هذا الشاب هو الرابع الذي تقتله الشرطة في كفر كنا منذ أحداث اكتوبر 2000 حتى اليوم، ما هو تفسيركم؟

- "نعم هذه احداث متكررة نتيجة التحريض الأرعن من قبل حكومة الدولة المتمثلة بشارون وجدعون عزرا الذي دعا الى إقتلاع كفر كنا من جذورها، مما جعل اليد رخوة على الزناد.

لقد سقط 16 شاباً عربيا من شعبنا في الداخل بعد أحداث اكتوبر 2000، جميعهم قتلوا على أيدي الشرطة وبدم بارد نتيجة التحريض. نحن نريد فضح السياسة الإسرائيلية، سنناضل من خلال اللعبة الديموقراطية من أجل تغيير هذا الواقع، نحن نعي محاولات ابتزازنا من قبل السلطة لهدف التفرقة بيننا وبين أخوتنا في الضفة والقطاع وتقطيع أوصال شعبنا.هم ليسوا رب العالمين، لا يوجد مبرر لقمعنا، كما لا حق لهم في قتل نفس ".

رئيس المجلس ربحي أمارة: "سنناضل ضمن القانون"

الإعلام الإسرائيلي الذي تواجد بشكل مكثف في قرية كفر كنا، إستغل الحضور وإستفزهم بأسئلة المواطنة الإسرائيلية، والحديث جار عن كل الصحف. رئيس مجلس كفركنا، ربحي امارة، قال لصحيفة "هآرتس" (الإثنين 19/4)، إنه يعمل على تغيير واجهة القرية.

(*) "المشهد الإسرائيلي": أية واجهة تقصد؟

- "استشهد عندنا ثلاثة شبان، من بعدها تم إلقاء زجاجات حارقة 4 مرات في الشهر الماضي. لا ميزانيات ولا أحد يقترب منا، مقاطعة كاملة، ما قلته هو إنه يجب علينا النضال بالطرق الديمقراطية المسموح بها، نحن نحيا في إسرائيل، وفي يوم الأرض القيت كلمة استنكرت من خلالها إغتيال الشيخ احمد ياسين، والدكتورالمناضل عبد العزيز الرنتيسي، هذا ما قلته، وبعثنا بالتعازي الى فلسطين ولجنة التواصل. ولكن ان نخرج الى الشارع ونلقي زجاجات حارقة على الطريق فهذا غير مقبول".

(*) "المشهد الاسرائيلي": إذن انت توافق، ضمنيًا، على وجهة نظر الشرطة، هذا إدعاء الشرطة فمن قال ان هذا صحيح.؟

- "لا، نحن طلبنا لجنة تحقيق، واذا أقرت اللجنة عدم وجود مثل هذه الحقائق فلنا موقف. وإذا اعتدى الشبان فسيكون لنا موقف ايضا...انا ضد التعميم، يجب فحص الامور. يسكن كفر كنا 17 الف نسمة وكان حديثي للإعلام الإسرائيلي عن ضرورة عدم التعميم، فلا يمكن أن تقاطع بلدة نتيجة تعامل فرد. نحن نكافح ونؤيد الشعب الفلسطيني ونحن مع شعبنا في مآسيه، لا توجد حاجة للخروج عن القانون فهذا يساعد في التحريض"!.

النائب عبد الملك دهامشة، الذي يسكن في كفركنا، لا يصدق أيضاً ما جاء على لسان الشرطة "كفر كنا قدمت ضحايا، وانا لا أعرف قرية أو مدينة قدمت عدداً من الضحايا مثلها. في أحداث اكتوبر 2000 قتل شاب على أيدي قناصة بعدما كان واقفا بين الحشد ولم يفعل ما هو مخالف للقانون، اما الشاب الثاني الذي قتلته الشرطة فهو شاب غير عاقل وغير مستقر، صادفته قوة من حرس الحدود وفرّ هارباً على الشارع فقتلوه أيضاً، الحادث الثالث هو مقتل شاب بعد تفتيش سيارته بحجة تواجد مخدرات فيها وقتل عن بعد صفر.. وهذا الحادث الأخير. الظاهر انهم توقعوا وجودهم او ما شابه، ولا يمكن تسمية ما تقوله الشرطة وكأنه حقيقة. نحن لا نعرف شيئاً عن القضية. طالبنا بلجنة تحقيق"..

ويجمل دهامشة الموضوع بالقول:" يأتي هذا أيضًا نتيجة حملة التحريض الواسعة ضد المواطنين العرب عن طريق الوزراء. انا ناديت عدة مرات الى تفكيك المستوطنات فقال لي الوزير، جدعون عزرا، لماذا لا تفكك كفر كنا، فقلت له كفر كنا قائمة على أرضها، نحن لم نبن كفر كنا على أراضي غيرنا".

المصطلحات المستخدمة:

حرس الحدود, الكنيست, عزرا, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات