المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

باغتيال عبد العزيز الرنتيسي أصاب اريئيل شارون عصفورين بحجر واحد. أولاً، اظهرللجميع انه لن يهرب من غزة قبل ان يصفي كل الحسابات مع "حماس"، وليس مهماَ بأي ثمن. ثانياً، أزال الخوف لدى معارضيه ( الذين يرفعون الشعار): "تصويت مع (الانفصال) ـ تصويت لبيريس". بعد برهة وجيزة من تحذير عوزي لنداو، من أنه لو كان شمعون بيريس في الحكومة لكان الرنتيسي على قيد الحياة، سارع زعيم المعارضة إلى تهدئة اعضاء "الليكود" وأعلن عن دعمه للاغتيال الدوري.


ليس ذلك "مناورة" موجهة لشق طريق لحزب "العمل" إلى حكومة شارون. هذا على العموم تذكير من أيام غير بعيدة، التي نفذ فيها رئيس "العمل" وزير الدفاع بنيامين بن إليعيزر سياسة التصفيات ووزير الخارجية بيريس أثار الدهشة في دفاعه عنها في أرجاء العالم.
ليس هذا سوى اشارة تحذير، بأن حزب المعارضة الكبير يشحذ الوظيفة البالية، التي اداها بنجاح إلى ما قبل سنتين.
شارون لا يسعى حتى لعرض ما هو ظاهر للعيان انه ينوي الانحراف عن عادة النظر الى قيادة "العمل" كمجموعة بالية. قبل أن يبحث الحزب امكان الانضمام إلى الحكومة أعلن شارون من فوق منصة الكنيست، انه اذا انسحب "الاتحاد القومي" و"المفدال" من الحكومة سيشكل "في اليوم التالي" حكومة جديدة.

شارون يأخذ بالحسبان الحالة النفسية في اوساط أعضاء "الليكود" وبالتأكيد في الادارة الأميركية، سبعة أضعاف اكثر مما في أعضاء كتلة العمل في الكنيست الذين سيطالبون بالتصويت لمصلحة المنتوج الجاهز.
بنيامين نتنياهو قبل التزاماً في قضية الجدار، تسيبي ليفني رضيت في ما يتعلق بحق العودة، وليمور لفنات انقذت وعدها بتعزيز كتل المستوطنات. واما في "العمل" فقد بقي ميني مزوز العقبة الوحيدة التي تفصل، في هذه الأثناء، بين بيريس وحاييم رامون وداليا ايتسيك وافرايم سنيه، وبين طاولة الحكومة. اغتيالات بالجملة، اسيجة همجية ومواقع استيطانية متوغلة لم تقلق راحتهم في الائتلاف ولم تخرجهم من سباتهم في المعارضة.

ادخال حزب "العمل" الى حكومته سيكمل برنامج شارون لفصل "العمل" عن ناخبيه. ان دعم "مهندس اوسلو" لعملية وحيدة الجانب، تستهدف، بحسب اقوال شارون نفسه لـ"نيويورك تايمز"، افساد المفاوضات مع الفلسطينيين على خطط بصيغة تفاهمات جنيف، ستحول "العمل" الى فرع سائب من "الليكود".


شارون يفخخ "العمل" بالقرار الأخير للجنته السياسية، للخروج بشكل وحيد الجانب من غزة. لو سهل الحزب سقوط حكومة شارون في اعقاب استقالة احزاب اليمين، "سيكشف (الليكود) عريه" ويحول الانتخابات للكنيست الى استفتاء شعبي على خطة الانفصال الشعبوية، حتى ميرتس ستجد صعوبة في أن تفسر لناخبيها، لماذا عارضت اخراج الجيش الاسرائيلي من غزة وللسابقة المهمة لاخلاء مستوطنات على ايدي "الليكود".


ومع ذلك، اذا حوّل ناشطو "العمل" الولع الشديد الى حلقة في العمود الفقري، بمقدورهم تحويل الانفصال الوحيد الجانب من خطة لتأييد الاحتلال لمعظم اراضي الضفة الى عملية تحددت في برنامج "العمل": خطوة أولى باتجاه حل دولتين على اساس خطوط 1967.
استقالة احزاب اليمين المتطرف ورفض (حتى الآن) شينوي لضم شاس الى الحكومة ستزيد قدرة المساومة لحزب "العمل" الى حد قدرة اشتراط دعمه للحكومة بجدول زمني سريع سواء لإخلاء المستوطنات او لبدء مفاوضات حثيثة مع السلطة الفلسطينية، كما التزم شارون بقبوله خارطة الطريق. ان رفض هذه الشروط يثبت، ان خطة الانفصال ما هي سوى خطة للقضاء على السلام مع الفلسطينيين ولإبادة معسكر السلام الاسرائيلي. ستكون هذه ساعة رؤساء "العمل" لقذف الخرق البالية عنهم ولكشف عيوب شارون.

( "هآرتس"- 19/4/2004)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات