المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

من الصعب وصف لائحة الاتهام التي قدمت ضد تسورئيل عاميئور، من سكان مستوطنة "عيدي عاد"، بانها "إنجاز مثير" للقسم اليهودي في جهاز الامن الاسرائيلي العام ("شين بيت"). مضى عام كامل منذ ان القي القبض بالصدفة على عدد من الشبان اليهود اثناء محاولتهم - حسب لائحة الاتهام الموجهة لهم – زرع عربة مفخخة في ساحة مدرسة البنات في حي الطور (القدس الشرقية المحتلة)، عندما ارتابت دورية تابعة للشرطة الاسرائيلية مرت بالصدفة عند الفجر، بعدد من الشبان وهم ينزلون العربة المفخخة في ساحة المدرسة.


قام افراد الدورية باعتقال المشبوهين. تسورئيل عاميئور، لم يكن بين المعتقلين، ولغاية يوم الخميس 10/4 – اي بعد عام كامل من الحادث – لم تستطع قوات الامن الاسرائيلية الاشارة بشكل محدد الى دوره في خلية الارهاب اليهودية، خلية "بات عايِن"، باستثناء وجود دليل ظرفي - بصمات اصابع – يربط بينه وبين العربة المفخخة التي عثر عليها. فهو يرفض التعاون مع المحققين وينفي وجود اي صلة له بالخلية. لذلك فان تقديم لائحة اتهام ضد "عاميئور" يعد بمثابة اقرار بالعجز و"الافلاس" من جانب محققي جهاز "شين بيت"، حيث يعتقدون ان "عاميئور" هو حلقة الوصل بين الخلية التي قبض على افرادها والخلية التي لاتزال ناشطة حتى الان.

منذ الكشف عن خلية "بات عاين" (افرادها الذين وجهت لهم لائحة الاتهام يقيمون مستوطنة تحمل الاسم ذاته وتقع في منطقة "غوش عتصيون"جنوب - غرب بيت لحم)، تم زرع ما لا يقل عن ثلاث عبوات ناسفة اخرى في مدارس فلسطينية وعلى طرق مواصلات في الضفة الغربية. ويتضح ان جميع هذه العبوات قد اعدت بطريقة مشابهة للعبوة التي حاولت خلية "بات عاين" وضعها في مدرسة الطور.

خضع "عاميئور" في الاسبوعين الماضيين لتحقيق مكثف، حاول خلاله المحققون الاسرائيليون اتباع اساليب تحقيق مختلفة لكن دون جدوى. وقد جرى التحقيق سرًا مع ناشطين آخرين في صفوف اليمين المتطرف، في محاولة لجمع معلومات تؤدي لإدانة عاميئور، الا انه تم اخلاء سبيل المشبوهين دون الوصول الى نتيجة. فشل جهاز "شين بيت" خلال العامين الماضيين في احباط هجمات قامت بها منظمات سرية يهودية ضد فلسطينيين، كما فشل الجهاز في القاء القبض على مرتكبي هذه الاعتداءات. واستناداً الى بعض التقديرات، فان ثمة ثلاث خلايا ارهابية يهودية على الاقل تعمل في انحاء الاراضي الفلسطينية بالضفة الغربية بحرية تامة ودون اية عراقيل.

تنقسم نشاطات هذه الخلايا الى ذراعين رئيستين: الذراع الاولى، وهي الاشد خطرًا، تتولى شن هجمات بالاسلحة النارية، وينسب الى افرادها قتل ثمانية فلسطينيين وجرح اخرين في آعتداءات وقعت خلال العامين الاخيرين .

اما الذراع الثانية، "الأقل نجاحا" فقد حاولت خلال الفترة ذاتها اعداد عبوات ناسفة وزرعها وسط تجمعات سكانية فلسطينية. في السنة الاخيرة وضعت خمس عبوات ناسفة "يهودية" في اماكن مختلفة بالضفة الغربية، جرى تفكيك ثلاث منها قبل ان تنفجر.

ويستدل من اسلوب وطريقة عمل هذه الخلايا، ان الحديث يدور عن مجموعات صغيرة تتكون من عضوين او ثلاثة اعضاء في كل مجموعة، افرادها اشخاص محترفون بصورة عامة، اكتسبوا المعرفة والخبرة في التعامل مع الوسائل القتالية اثناء خدمتهم العسكرية.

احد المسؤولين في جهاز الامن الاسرائيلي العام قال هذا الاسبوع لصحيفة "هآرتس" (11/4) ان "اعضاء خلايا اطلاق النار – اي خلايا الارهاب اليهودية – يعرفون كيف يختارون بدقة "نقاط ضعف" في شوارع الضفة الغربية لينصبوا كمائنهم عليها. كذلك فانهم يعرفون كيف يتملصون من قوات الامن. هؤلاء اشخاص محترفون..".

وكان (11) مواطنا فلسطينيا قد قتلوا واصيب عشرات اخرون بجروح في هجمات شنتها خلايا ارهابية يهودية خلال العامين الاخيرين.

مصدر امني (اسرائيلي) اكد ان جهاز مخابرات "شين بيت" مُني بفشل ذريع خلال السنوات الاخيرة في ملاحقة انشطة جماعات اليمين الاسرائيلي المتطرف، وخاصة نشاطاتها الارهابية (في الاراضي الفلسطينية المحتلة)، واضاف المصدر مشدداً: "يمكن الاشارة الى عوامل مختلفة تقف وراء فشل الشاباك، لكنه لايمكن تبرير غياب القدرة على الوصول للمشبوهين".

وقال مصدر أمني آخر في معرض تبريره لهذا الفشل: "خلافًا لخلايا الارهاب الفلسطينية، فان خلايا الارهاب اليهودية تتبع سرية صارمة جدًا في عملها".

واضاف: "ثمة صعوبة بالغة في اختراق هذه الخلايا.. من الصعب تجنيد مخبرين في مستوطنة "بات عاين التي تعتبر مستوطنة صغيرة جدًا وذات طابع عائلي. هذه الخلايا تعمل بطريقة "عضو يأتي بعضو اخر"، وبالتالي فان اي محاولة اختراق او توجيه سؤال في غير محله، تثير ارتياب تلك المجموعة".

وتقول محافل حركة "كاخ" (الارهابية المحظورة) ان ملاحقة جهاز "شين بيت" المحمومة للحركة "ما هي الا دليل يعكس فشل الجهاز في احباط الهجمات الارهابية" (ضد اسرائيل).

وكان "الشاباك" قد كرس خلال العامين الاخيرين جهودًا لجمع معلومات عن نشطاء الحركة التي حظرت نشاطاتها في اعقاب مذبحة الحرم الابراهيمي (عام 1994) و التي لا تزال تجتذب اعداداً كبيرة من المؤيدين. ولم تتم ادانة اي من ناشطي الحركة حتى الان بالتورط في اعمال ارهابية.

ويقول ناشط بارز في "كاخ" ان جهاز "الشاباك يبحث عن التنظيم السري اليهودي تحت الضوء وذلك في محاولة من محافل الجهاز لتوفير غطاء لنفسها والايحاء بأنها في يقظة دائمة".

غير ان مسؤلا في الهيئة الامنية صرح اخيراً ان اعضاء حركة "كاخ" ليسوا النواة الصلبة لخلايا الارهاب اليهودية، ولكنهم "على الطريق..". واضاف ان "ايا من الارهابيين اليهود لن ينضم الى نشاطات الحركة لأنه يعي بأنه سيلفت على الفور انتباه الشاباك".

وعلى الرغم من الفشل الذريع في كشف خلايا الارهاب اليهودية، الا ان اوساط القسم اليهودي في "الشاباك" ماضيه في محاولاتها لاقتفاء اثر هذه الخلايا.

ويسعى قادة الجهاز الى اجراء حوار مع عدد من الحاخامات والناشطين المركزيين في المستوطنات، في محاولة للحصول على معلومات عن عناصر مثيرة للشغب والشبهة.

وجاء في تعقيب من جهاز الشاباك حول قضية تسورئيل عاميئور ان "طلب الاعتقال ولائحة الاتهام يعكسان حقيقة الامر. ليس باستطاعتنا التطرق الى حيثيات التحقيق طالما كان الامر قيد اجراء قضائي".

وحول مسألة احباط الارهاب اليهودي، ذكر الجهاز في تعقيبه (بحسب "هآرتس" 11/4): "الشاباك يرى في اعمال الارهاب التي يرتكبها اشخاص يهود تهديداً خطيرًا جدًا، وهو – اي الجهاز- لا يدخر جهدًا في سبيل منع واحباط هذه الاعمال، كما انه ينظر للامر كموضوع ذي اهمية قصوى في تصديه للارهاب، ويوظف الموارد اللازمة لذلك".

ونفى الجهاز الاسرائيلي ما ذكر عن جهود مبالغ بها من جانبه في ملاحقة نشطاء حركة "كاخ" وقال: "هذه ادعاءات غير صحيحة، الحركة تعتبر من وجهة نظر القانون حركة ارهابية، والايديولوجية التي يتبناها ناشطو الحركة تشجع اعمالا من هذا النوع."

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, كاخ

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات