المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"بعد كل عملية كبيرة"، يقول مصدر أمني كبير، "كانت هنالك قائمة أطعمة ثابتة في جلسات المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية: عصير، بوريكس وطرد عرفات".


سيلفان شالوم كان من بين الأوائل الذين اكتشفوا السحر السياسي في الدعوة الى طرد رئيس السلطة الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين يعود ويكررها في كل جلسة من جلسات المجلس او المطبخ المصغر.

حين استسلم ارئيل شارون امام الضغط الأمريكي ووافق على اعادة اموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، استقبل شالوم القرار بفتور ظاهر. اما اللقاءات مع وزير المالية الفلسطيني، فقد درج على ارسال المدير العام لوزارته اليها.

كان شالوم في تلك الأيام وزيرًا للمالية، وكان يصارع على موقعه في قيادة الليكود تحت ثقل الأقتصاد الآخذ بالانهيار. لكن وضعه تغير كثيرا منذ ذلك الوقت، وخرج باعتباره الفائز الأكبر في لعبة الكراسي التي قام بها شارون في تعيين الوزراء. فلدى حضوره الى مكتبه الجديد في وزارة الخارجية، ظهر فجأة سيلفان شالوم جديد: يسعى الى دفع عملية السلام والى تحسين العلاقات المهتزة مع اوروبا ومع الدول العربية. واختار ان يكون لقاؤه الأول كوزير للخارجية مع شمعون بيرس، حيث أثنى - بحضور مصورين - على تجربته السياسية الغنية.

هذه نهاية الدنيا حقا: وزير الخارجية اليميني، المؤيد الأكبر لطرد عرفات، يأتي ليطلب البركة من كبير كهنة أوسلو. وشملت جولة لقاءات شالوم ايضا كلا من ايتمار رابينوفيتش وميغيل موراتينوس ومجموعة من وزراء الخارجية الأوروبيين.

السياسيون مغرمون، عادة، بمنصب وزير الخارجية. فيه الكثير من الأنكشاف والظهور، والقليل من الصلاحيات ولا شيء (صفر) من المسؤولية: لم يحدث بعدُ أن قررت لجنة تحقيق عزل وزير للخارجية من منصبه. استلم شالوم مهام منصبه من الأساس. تعهد لموظفي وزارته بأنهم لن يبقوا أضحوكة لدى اجهزة الأمن وديوان رئيس الحكومة. وعرض عليهم قوته الحزبية في الليكود وفي الحكومة مقابل مهنيتهم وتجربتهم العملية. في لقاءات التعارف استل الوزير مفكرة وسجل فيها ملاحظات. يمكن التكهن بأنه بحث مع بيرس، ايضا، سبل التأثير على شارون وتحييد مبعوثيه السريين.

انعطاف شالوم نحو اليسار ليس مفاجئًا. حكومة شارون الثانية يمينية في تركيبتها السياسية - الحزبية، وليها أغلبية برلمانية فورية لأي اقتراح متطرف تعرضه. لكن رؤساءها، آخذين بالأعتبار الواقع الحزبي الداخلي والسياسي العام، سيختارون التحلي بضبط النفس، والتطلع نحو المركز والامتناع عن اطلاق البيانات والتصريحات الحربية - النارية، كما في حكومة الوحدة.

في مطبخ شارون المصغر الجديد أربعة اعضاء: بنيامين نتنياهو، شاؤول موفاز، سيلفان شالوم وايهود اولمرت. جميعهم يتنافسون على زعامة الليكود والدولة، وفوقهم رئيس حكومة في اواخر مشواره وقد اعلن انه لن ينشغل بعد بادارة عمل الحكومة الجاري، وانما فقط بالمراقبة والمتابعة والتوجيه. كأن يكون، مثلا، رئيساً لمجلس ادارة الدولة. نتائج الانتخابات بينت ان طريق النجاح موجود في الوسط. الذين اقترحوا طرد عرفات (نتنياهو) او التفاوض معه (متسناع) حصدوا الهزيمة، بينما الذي ايد الابقاء على الوضع الراهن مع بعض الأمل الغامض في التغيير (شارون) حقق فوزًا كبيرًا. هذه الرسالة استوعبتها المجموعة الحاكمة، كما اضيف اليها ايضاً ادراك ان الأزمة الأمنية والأقتصادية تحتم على اسرائيل ملاءمة نفسها للولايات المتحدة وعدم الاتيان بما يمكن ان يغضبها.

في السنوات الأربع القادمة سيبذل الخصوم الأربعة جهودًا كبيرة لمحو صورهم السابقة. سيتوجب على موفاز البرهنة على انه خلع بزته العسكرية ولم يعد مجرد موظف لشؤون الأمن لدى شارون. شالوم بحاجة الى جدول أعمال في السياسة الخارجية. نتنياهو مجبر على النجاح في ساحة التحدي في وزارة المالية. اولمرت سيكون مضطرًا الى رفع اسهمه في الليكود، بعد سقوطه المدوي في الانتخابات التمهيدية الداخلية. المشاحنات المتبادلة ستبدأ قريبا بين موفاز ونتنياهو حول ميزانية الأمن، التي ستقر في ظل التنافسات السياسية بينهما.

وشارون؟ سيستمتع من موقع الحكم، المحكم، والقاضي، سيفرق وسيحكم بين وزرائه الكبار، وسيفعل كل ما بدا له.

(هآرتس 6 آذار، ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات