المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

مع تأسيس الحكومة الجديدة والحاجة إلى بلورة سياسة واضحة في المسألة الفلسطينية، وعلى خلفية التطورات في الجبهة الدولية فيما يخص الحرب على العراق، يتركّز "إستطلاع السلام" لشهر شباط في رسم خريطة الطرق عند الجمهور الاسرائيلي حول هذين الموضوعين المركزيين.


في الموضوع الفلسطيني، هناك، كما في السابق، أغلبية ساحقة تدعم إدارة مفاوضات مع الفلسطينيين، إلى جانب أغلبية مشابهة تعتقد أنه يجب تأجيل العودة إلى طاولة المفاوضات إلى حين إعتزال الرئيس ياسر عرفات لأي منصب سياسي. ومقابل أغلبية مستعدة لاخلاء كل المستوطنات في غزة و <المستوطنات النائية> في الضفة، هناك أغلبية غير كبيرة تعارض نقل الأحياء العربية في القدس إلى أيدي الفلسطينيين.

وفي الحلبة الدولية وجد الاستطلاع غالبية حاسمة تدعم الهجوم الأمريكي على العراق.

هذه هي النتائج الأساسية لاستطلاع السلام لشهر شباط 2003، والذي أجري في الأيام الثلاثاء- الخميس، 25- 27 شباط.

هناك غالبية حاسمة في السؤال حول المفاوضات مع الفلسطينيين، كما في السابق، تدعم إدارة مفاوضات معهم- 69%. ومع ذلك، هناك غالبية أكبر، 73%، تعتقد أنه لا يمكن تجديد المفاوضات في الوضع الحالي ويجب الانتظار إلى حين ترك الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لكل منصب سياسي. 19.5% يعتقدون أنه يمكن تجديد المفاوضات في الوضع الحالي. وأكثر: 58%، مقابل 34.5% إعتقدوا أنه يجب الانتظار لتجديد المفاوضات <إلى حين توقف "الارهاب" ضد الاسرائيليين>.

ويشير الاستطلاع إلى أن دعم تجديد المفاوضات مع الفلسطينيين ليس في عداد الموافقة الطقسية فقط، وإنما يترافق مع إستعداد لتنازلات إسرائيلية مهمة جدًا. وسأل الاستطلاع عن الوضع الذي سينتج في حالة تجدد المفاوضات وموافقة الفلسطينيين على التوقيع على إتفاق سلام يشمل من ناحيتهم التنازلات التالية: الإعلان عن نهاية النزاع، التنازل عن حق العودة، <<الاعتراف بالعلاقة التاريخيّة بين شعب إسرائيل وبين "هار هبايت">> (الحرم الشريف)، ومنح اليهود إمكانية الزيارة والصلاة هناك، والالتزام ببذل كل جهد لوقف <الارهاب>. في مثل هذه الظروف هناك غالبية من 58% عند الجمهور اليهودي ممن هم مستعدون لاقامة دولة فلسطينية مستقلة وقادرة على التواجد في حدود 1967، مع تصحيحات حدودية متفق عليها. وهناك غالبية أكبر، 69%، توافق في مثل هذه الشروط على إخلاء كل المستوطنات في غزة والمستوطنات النائية في الضفة، مع التحفظ بألا تُخلى <الكتل الاستيطانية الكبيرة>.

ومن بين الداعمين لتجديد المفاوضات، فإن الاستعداد لتقديم التنازلات هو بطبيعة الحال أكبر. ومن بين الداعمين لادارة المفاوضات، يدعم 68% إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويدعم 80.5% إخلاء المستوطنات بحسب المعادلة أعلاه.

وفي مسألة القدس، هناك غالبية غير كبيرة بين الجمهور اليهودي – 54.5% - غير موافقة على نقل الأحياء العربية في المدينة إلى أيدي الفلسطينيين، لتكون عاصمتهم (41% يوافقون على ذلك). لكن الصورة تختلف بين من يدعمون إدارة مفاوضات. 50% يدعمون نقل الأحياء، مقابل 45% يعارضون ذلك. وفي سؤال حول ما إذا كان يجب السماح بعودة عدد محدد من الفلسطينيين إلى إسرائيل، في إطار إتفاق، وفي إطار لمّ الشمل، هناك غالبية واضحة للمعارضين - 65.5% (30% يدعمون). وفي هذا الموضوع، هناك غالبية للمعارضين بين الداعمين لتجديد المفاوضات ايضًا، ولكنها أقل - 59% (36.5% يدعمون عودة عدد محدد من اللاجئين، في إطار لمّ الشمل). أي، الجهمور عامةً يمنح الشرعية للمبادرات السياسية المنوطة بتسويات وتنازلات من الجانب الاسرائيلي.

يجب رؤية الاستعداد لتقديم التنازلات على خلفية تقدير 79%، أن السلطة الفلسطينية اليوم، بقيادة ياسر عرفات، لن توقع على إتفاق كهذا (10% فقط يقدرون أنها ستوقه اليوم). وهناك غالبية، مع أنها أقل - 53% (مقابل 36%) - تعتقد أيضًا أن الحكومة الاسرائيلية بقيادة أريئيل شارون لن توقع على مثل هذا الاتفاق. أي، على الرغم من الاستعداد لتقديم التنازلات، فإن الجمهور يقدر أن احتمالات التوقيع على إتفاق سلام يشمل تنازلات متبادلة، اليوم، هي منخفضة. وينبع التشكيك في الأساس من الموقف المفترض للطرف الفلسطيني.

وفي مسألة مكانة الاعتبارات الانسانية في القرارات العسكرية، طُرح السؤال: "في الظروف الحالية، بأي قدر، حسب رأيك، يجب أن ياخذ أو لا يأخذ الجيش الاسرائيلي بعين الاعتبار، عامل المسّ بمواطنين فلسطينيين عند التخطيط لعمليات في المناطق؟" - 44.5% قدروا أنه يجب أخذ هذا الموضوع بالاعتبار، ولكن ليس كإعتبار حاسم. 29% إعتقدوا أنه يجب وضع هذا الأمر كإعتبار حاسم، 24% أجابوا أنه في الظروف القائمة لا يجب أبدًا الأخذ بعين الاعتبار عامل المسّ بالمواطنين، عند تخطيط الجيش الاسرائيلي لعمليات في المناطق.

وفي موضوع الحرب في العراق، تبين أن أكثر من ثلاثة أرباع (77.5%) المستَبْيَنين اليهود يدعمون اليوم بخروج الولايات المتحدة إلى هجوم على العراق. ويدلل تقسيم الاجابات على هذا السؤال، بحسب التصويت الحزبي في الانتخابات الأخيرة، على موافقة في كل المعسكرات: هناك غالبية بين كل الأحزاب وكل الأوساط في الجمهور اليهودي، من دون فروقات طائفية، دينية وغيرها.

وبشكل غير مباشر، يمكن فهم هذا التأييد الجارف من خلال الاجابات التي قدمها المستَبيَنون على السؤال، لماذا شاركت أقلية قليلة فقط من الاسرائيليين في المظاهرات ضد الهجوم، خلافًا للمظاهرات الحاشدة في أوروبا وفي أماكن أخرى في العالم. وقد فُسّر الاحتجاج الضيق في إسرائيل بتقدير غالبية الجمهور الاسرائيلي أن العراق يشكل تهديدًا جديًا من ناحية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل (27%)، ويشكل تهديدًا إستراتيجيًا على إسرائيل (25%). تفسيرات أخرى أعطاها المستَبيَنون لقلة المعارضة في إسرائيل للحرب هي الأيمان بالاسقاطات الأيجابية التي ستكون نتيجة الفوز الأمريكي في الحرب، على إحتمالات تجدد المفاوضات مع الفلسطينيين في ظروف مريحة لإسرائيل (21%)، وأن غالبية الجمهور الاسرائيلي يرى في الولايات المتحدة الحليف الأساسي لإسرائيل (18%).

مقابل ذلك، يفسر المستَبيَنون مظاهرات الاحتجاج الحاشدة في أوروبا وفي أماكن أخرى من العالم، بشكل أساسي، بالأيمان في تلك الأماكن، بضرورة حل الأزمات الدولية بطرق سلمية (30%)، بالمشاعر الـ "أنتي أمريكية" على خلفية كونها القوة العظمى الوحيدة في العالم (26%)، بتقدير المحتجين أن السبب الحقيقي من وراء قرار الحكومة الأمريكية الخروج إلى الحرب هو المصالح الأمريكية في النفط العراقي (20%)، وبالتقدير أن العراق لا يشكل تهديدًا جديًا من ناحية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل (11%).

ويدلل الاستطلاع أيضًا على هبوط في نسبة الذين يقدرون أن صدام حسين سيحاول المسّ بإسرائيل، خلال الهجوم على العراق. وفيما قدّر 55% في كانون الأول 2002 أن الاحتمالا لهجوم عراقي على إسرائيل كردّ على الهجوم الأمريكي، هي مرتفعة (36% قدّروا عندها أن الاحتمالات ضعيفة أو ضعيفة جدًا)، فإن هذه النسبة إنخفضت اليوم إلى 40% (52% يقدرون أن احتمالات وقوع هجوم عراقي على إسرائيل هي ضعيفة غلى ضعيفة جدًا). كما يتضح الانخفاض الطفيف في تقدير الاحتمالات بأن يستغل الفلسطينيون الحرب ضد العراق من أجل تصعيد "الارهاب" ضد إسرائيل- من 49% في كانون الأول 2002 إلى 43% اليوم.

معطى مثير للاهتمام بشكل خاص (كل المعطيات تتطرق إلى إجابات الجمهور اليهودي) هو بشأن العلاقة الضعيفة بين مدى دعم الحرب أو معارضتها وبين تقدير إحتمال الهجوم العراقي على إسرائيل. ومن بين من يقدّرون أن إحتمالات هجوم العراق على إسرائيل هي عالية جدًا أو أنها عالية بما فيه الكفاية، فإن 75% منهم يدعمون الهجوم الأمريكي على العراق؛ ومن بين الذين يقدّرون أن هذه الاحتمالات ضعيفة أو أنها ضعيفة جدًا، فإن 81% منهم يدعمون الهجوم الأمريكي. وقد وُجد نهج مشابه في موضوع تقدير تأثير الهجوم على العراق على <الارهاب> الفلسطيني. ومن بين أولئك الذين يقدّرون أن الفلسطينيين سيصعدون <الارهاب> على خلفية الحرب في العراق، فإن 78% منهم يدعمون الهجوم الأمريكي؛ ومن بين الذين يقدّرون أنه لن يكون للحرب تأثير على <الارهاب> الفلسطيني، فإن 75% يدعمون الهجوم؛ ومن بين الذين يقدّرون أن الحرب ستردع <الارهاب> الفلسطيني بالذات، فإن 86% يدعمون الهجوم الأمريكي على العراق.

وقد إنقسم المستَبيَنون في آرائهم حول مسألة ما إذا كان الجمهور هادئًا بشكل عام (47.5%) أو خائفًا (48%). ومقابل ذلك اتضحت غالبية – 52.5% - للذين يقدّرون أن الطريقة التي تتصرف بحسبها الحكومة تساعد على بعث الهدوء بين الجمهور. (34% يعتقدون أنها تبعث على الخوف، والباقي لا يعرفون). عندما سألنا هذا السؤال في شباط 1998، في فترة ولاية نتنياهو، عندما سادت أزمة مشابهة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق، وكان يبدو أن الحرب وشيكة، قدّر 42% عندها أن سياسة الحكومة تبعث على الهدوء وقدّر 52% أنها تبعث على الخوف.

وعلى الرغم من الدعم الجارف للهجوم الأمريكي، إلا أن الجمهور يبدي تعاطفًا مفاجئًا مع المعاناة التي ستحل بالشعب العراقي. كما أن نسب التعاطف أعلى بكثير مما سُجّلت في العام 1998. وهكذا، كانت هذه المرة أغلبية واضحة في الاجابة على السؤال "هل حسب رأيك يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار المعاناة التي ستحل بالشعب العراقي، حين إتخاذ قرار مهاجمة العراق أو عدم مهاجمته؟": 56.5% ردوا بالأيجاب وفقط 39% ردوا بالسلب. في شباط 1998 اعتقد 30% فقط أنه يجب الاخذ بالحسبان اعتبارات المسّ بالسكان المدنيين، في إتخاذ قرار الحرب، مقابل 65% اعتقدوا أنه ليس على الولايات المتحدة الأخذ بهذا الاعتبار.

تقسيم المواقف في هذا السؤال بحسب التصويت الحزبي يدلل على أنه في الوقت الذي تبدت فيه غالبية بين مصوتي "ميرتس"، "شينوي"، "العمل" و"الليكود"، للأخذ بعين الاعتبار بالعامل الانساني – على التوالي: 79%، 68%، 65%، 51% - فإن هناك غالبية بين مصوتي "المفدال" و"شاس" – على التوالي: 56% و51% - للذين لا يعتقدون أنه يجب الأخذ بالحسبان للمعاناة التي ستحل بالشعب العراقي في تعدلد الاعتبارات للهجوم أم عدمه.

معايير السلام لهذا الشهر كانت: 56.0 (في العينة اليهودية - 53.8). إستطلاع أوسلو كان 34.4 (في العينة اليهودية - 31.3).

مشروع "إستطلاع السلام" يتم في مركز "تاني شطاينمتس" لأبحاث السلام في جامعة تل أبيب، برئاسة بروفيسور إفرايم ياعد ود. تمار هيرمان. المقابلات الهاتفية تمت بواسطة معهد ي. كوهن في جامعة تل أبيب في 25- 27 من شباط، وشملت 576 مستَبيَنًا، يمثلون السكان اليهود والعرب البالغين في البلاد (بما في ذلك المستوطنون والكيبوتسات). الخطأ الاحصائي للعينة المعطاة هو حوالي 4.5% لكل إتجاه.

المصطلحات المستخدمة:

حق العودة, شينوي, الليكود, مركز

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات