المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم يوسي فرترتثير مشاهدة الافلام الانتخابية التي بدأت أمس السؤال التالي: ماذا كان الليكود سيفعل بدون ياسر عرفات؟ هذه هي معركة الانتخابات الرابعة منذ العام 1996 التي يحمل فيها عرفات على ظهره كامبين "الليكود" المتلفز. بملامحه الخاصة، ولغته الخاصة، بالامس مع عمرام متسناع، وفي 2001 و 1999 مع ايهود باراك، وفي 1996 مع شمعون بيريس، مع عدد لا حصر له من الاشكال على شاكلة الزجاج المتحطم من مدرسة ارتور فنكلشتاين، يسيطر عرفات مجددا على الشاشة الصغيرة. الى جانبه في الافلام الانتخابية رئيس الحكومة ارئيل شارون: مرة اخرى يعد بجلب السلام والامن، وها هو يتعرف للتو على "تشققات" في القيادة الفلسطينية.

عدا عن وزير الدفاع شاؤول موفاز لا يوجد ادنى اشارة في الافلام الى "الليكود". هذا شيء يجب اخفاؤه عن العيان. ليس هذا وحده، حتى ان شارون، في الدعاية الثالثة والاخيرة ليوم الدعاية الاول، يتوجه الى المشاهدين ويذكّرهم بأن من يريده يجب ان يصوت لليكود. "من يريد ان ينتخبني ملزم بالتصويت لليكود. ومن يصوت لليكود، ينتخبني". كأنه قال: اعرف انكم تستصعبون هضم هذه القائمة، لكن ليس امامكم مناص: خذوا حبة ضد الغثيان وضعوا البطاقة في الصندوق.

واضح ان شارون صوّر الفيلم قبل النشر في "هارتس" عن قصة القرض المشبوه الذي تلقاه ابنه جلعاد من مليونير جنوب افريقي. المفاجأة الوحيدة من الامس كانت ظهور عمليات التفجير بالذات في افلام الليكود، بما يشبه استباق المرض بالعلاج. في الخلفية توجد الصور: شارون يتحدث مع الناس. انه يعرب عن تضامنه مع الوضع، لكن لا يتحمل المسؤولية. وهو يعيد الى اذهان المشاهدين فترات اصعب (حرب يوم الغفران) ويعد بأنه يملك "خطة" ويختتم بنبرة التفاؤل: كلنا سننتصر.

العمليات الانتحارية ايضا كانت في الخلفية. عمرام متسناع، المرشح المجهول نسبيا، ومن يحتاج كل دقيقة للظهور، يطل من على منصة خطباء، وهي منصة حظيت لأمر ما بالتسمية "البيت الابيض". متسناع يرتسم في الافلام كصديق جيد، وحميم، يحمل حفيده بين ذراعيه. يعد باقامة جدار فاصل، ويهاجم شارون الذي لم يفعل ذلك، ويلجأ مرتين لمساعدة من الراحل اسحاق رابين.

متسناع لا يخجل بمنتخبه: يلتقط صورة خلف مائدة الحوار في بيت الحزب (العمل) مع قياديي القائمة – لكن التركيز ينصب على ماضيه العسكري: وسام البطولة، وبقية الاوسمة. مثل ايهود باراك من قبله، على جناح طائرة "سابينا" المختطفة، يعيد متسناع "اليساري" انه ايضا قتل عربا قبل ثلاثين عاما.

الافلام التي ستفقد ابتداء من يومها الثاني معظم مشاهديها، لن تؤثر على معركة الانتخابات الحالية. مرتان فقط في العقدين الاخيرين كان لمضمون الافلام الدعائية تأثيرات حقيقية: عندما اختبأت ليسه بيرتس من صواريخ الكاتيوشا في كريات شمونه في سنة 1984 والزجاج المتكسر مع بيريس وعرفات الذي كان نجم انتخابات 1996. في معركة الانتخابات الحالية لن تكون الافلام هي المؤثرة، بل عناوين الصحف حول قصص الفساد في الليكود.

الفساد بالذات لم يحتل في اليوم الدعائي الاول مكانا مركزيا في الافلام. رئيس "شينوي" طومي لبيد بطريقته الحميمة عرض اصفادا وصندوقا ضائعا ومفتاحا لغرفة في فندق ونقانق في ايحاءات مجازية عن الوضع. لم يكن ذاك هو لبيد الغاضب والمنفلت من العام 1999: لبيد الجديد كان رسميا، وزيرا بالانتظار، ومبسوطا من القوة التي تمنحه اياها الاستطلاعات. يمكن ان نصدقه عندما يعود ليعد بانه لم يجلس في حكومة مع "الحرديم".

خصمه يوسي سريد وحزبه "ميرتس" يتشوقون للفترة القصيرة التي جلسوا فيها في حكومة ايهود باراك ولانجازاتهم خصوصا في وزارة التربية والتعليم. سريد يجند معه اعضاء ليكود من كريات ملآخي وسديروت، يأتون على سيرته بالخير. الرائحة المتصاعدة من خطاب سريد المعتدل تنقطع مع ايقاعات جينغل الترانس والجملة التالية: "لنحصل عليها بالعدل الاجتماعي يا اختي". في الفيلم الاجمالي لميرتس لحظة مميزة: يوآف كرايم، ممثل المقعدين، الذي ابعد بصورة غير ديموقراطية من المكان الثاني عشر الى الرابع عشر، للسماح بادراج يوسي بيلين وياعل دايان على القائمة، يظهر قائلا ان "ميرتس هي اكثر حزب ديموقراطي". ليكن!

وكالعادة، "حداش – الجبهة" التي تمضي هذه المرة مع "تاعل – التغيير" تصور الواقع بحدة بدون كلمات كثيرة: ام يهودية تقف في مقبرة يهودية. ام مسلمة تقف وسط مقبرة اسلامية. في الخلفية الحان البيانو. وهذه هي الحكاية كلها.

(هآرتس, 8 يناير)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات