المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

البروفيل الذي تم اعداده مؤخرًا عن شخصية وسلولكيات الرئيس السوري بشار الأسد يجزم بأنه انسان غير متوقع، قابل للتأثير، وغير مستقر وذو اعتبارات "اشكالية". مصدر سياسي اسرائيلي كبير يلخص قصة الاسد، بأعين اسرائيلية، بجملة واحدة: "الرجل غريب الأطوار".


ليس من الواضح ما إذا كان رئيس سوريا الشاب، الذي كان الى ما قبل سنة - سنتين الأمل الأبيض الكبير في الشرق الأوسط، هو انسان غريب الأطوار حقاً. ولكن الواضح: ان الأسد يمثل مشكلة منطقية صعبة. وبدلا من ان تصغر، فانها تكبر باستمرار في الأشهر الأخيرة. المعلومات تتدفق: غالبية المعطيات عن انشطة الاسد يتم جمعها من قبل مصادر اسرائيلية ويتم نقلها الى الأمريكان والى اماكن اخرى في الغرب. التقديرات الحالية لدى بعض اجهزة الاستخبارات الغربية تشير الى ان بشار الأسد يمكن ان يقوم بأي شيء، بما في ذلك التدمير الذاتي.

مثلا: والده، حافظ الأسد، حافظ على استقلالية سوريا وانعزاليتها. وقد كان الوالد حذرًا، بشكل خاص، من أي تأثيرات ايرانية. كانت سوريا مغلقة ومنغلقة امام رجال الدين الشيعة الايرانيين ولم يسمح لهم الرئيس المسن بأي موطىء قدم. كان الأسد الأب علمانياً جليًا، دكتاتورًا قاسياً وطاغية فرض سلطته بوسائل االتخويف والاغتيالات، لكنه لم ينجر، قط، الى التطرف الديني.

الإبن، كما يتبين، يتصرف بشكل مغاير. فقد فتح بشار الأسد سوريا، مؤخرًا، امام التأثيرات الايرانية: خلال السنة الأخيرة فتحت في انحاء سوريا 32 "مدرسة"، كتاتيب شيعية بايحاء ايراني، تعمق التأثير الايراني - الديني على سوريا وتحولها، تدريجيًا، الى مكبٍّ جانبي للتطرف الايراني تجاه اسرائيل. كما عزز الأسد مثلث الارهاب المتطرف ذي الرؤوس الثلاثة: في طهران، ودمشق وبيروت. كما نقل الى حزب الله قذائف واسلحة كثيرة. الأسد يتعاون مع العراق. الأسد، بكلمات اخرى، يلعب بالنار.

في البداية كان يبدو انه يتجاوب مع الرسائل والتحذيرات. الأمريكيون لم يدخروا جهداً. السفير في دمشق، السفير في بيروت، رجال اتصال، رجال "سي. آي. أيه"، مبعوثو نوايا حسنة من دول اخرى. الأسد كان يصغي، واحياناً كان يرد. اكتفى بلجم حزب الله قليلا. الآن يتضح ان الحاكم السوري لم يستوعب الرسالة كاملة. فبمثل هذه الوتيرة سيجد نفسه الأول في الدور لدى رامسفيلد وتشيني، بعد صدام حسين.

في السنة الأولى من توليه الحكم كان يبدو ان الأسد قد وقع في شرك حسن نصر الله، أسر بسحره وينظر اليه باعتباره "غورو" راشدًا، مجربًا ومسؤولاً، انموذجاً للتقليد. الآن اصبح واضحاً ان الأمر اكثر تعقيدًا: ثمة انطباع بأن الأسد يتصرف بدوافع ايديولوجية حقيقية. لديه أجندة. انه يؤمن حقاً بدور سوريا التاريخي في كل ما يتصل بالصراع مع اسرائيل. انه يدرك تخلف بلاده التقليدي امام اسرائيل، لكنه مسكون بشعور الرسالة نصف الدينية ويعتمد على مجموع صواريخ "سكاد" ومخازن المواد الكيماوية والبيولوجية المتوفرة لديه، وكأنها قوة رادعة امام عظمة الجيش الاسرائيلي. بهذه الوتيرة، يقولون في القدس وواشنطن، سيكون على جهة ما ان تبين للأسد حجم خطئه.

( معريف ـ 2/4، ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات