لم تتسبّب الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار وباء كورونا بأزمة اقتصادية فقط، وإنما ألقت بظلالها أيضاً على النظام السياسي الإسرائيلي، وكشفت عن نقاط ضعفه، إلى جانب الكشف عن التصدّعات العميقة للمجتمع الإسرائيلي التي عادت للسطح مرةً أخرى خلال انتشار الوباء، وهذا كلّه ألقى بظلاله بالطبع على طبيعة اهتمامات وأولويات المجتمع الإسرائيلي، حيث أعاد ذلك ترتيب هذه الأولويات والاهتمامات بحسب الحاجة لها. وعلى الرغم من أن "العامل الأمني" استمرّ في كونه العامل الأهم بالنسبة للجمهور الإسرائيلي خلال عقود طويلة، ومؤخراً، في الفترة التي أعقبت الهبّة الفلسطينية والحرب على قطاع غزة، إلا أن انتشار الجائحة والأزمات التي ترتّبت على ذلك (الأزمة الاقتصادية بشكلٍ رئيس) استمرّت في كونها الموضوع الأهم بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، مُقابل تراجع "الوضع الأمني" في الاستطلاعات المختلفة التي أعدّتها المراكز والمعاهد المتخصّصة، مع أهمية الأخذ بعين الاعتبار أن هناك عوامل أخرى ساهمت في تراجع أهمية الوضع الأمني بالنسبة للجمهور الإسرائيلي كاتفاقيات التطبيع والوضع الفلسطيني عموماً على سبيل المثال لا الحصر.
يخرج الكنيست الإسرائيلي هذا الأسبوع لعطلة صيفية تستمر شهرين، في حين تُظهر الحكومة الجديدة نوعا من الاستقرار، وهو ما لم يكن منذ ثلاث سنوات، رغم أنها ترتكز على أغلبية هشة، وتعمل مثل الذي يحاول اجتياز النهر الهائج على ألواح خشبية، في كل مرّة احتاجت فيها إلى تمرير قوانين وقرارات. لكن الحكومة التي ستكون بعيدة لمدة شهرين عن أخطار حجب الثقة، بفعل العطلة الصيفية، ستعمل على إقرار الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل، بالقراءة الأولى، حتى نهاية شهر آب الجاري، كي يتسنى لها إنجاز القراءة النهائية في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني المقبل، وإلا فإن الحكومة ستُحلّ تلقائيا، بموجب القانون المؤقت الذي تشكلت على أساسه الحكومة الحالية.
نشر "معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" (في تموز 2021) دراسة سياسية جديدة للعميد في الاحتياط أودي ديكل، حول مسيرة المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية انطلاقا من مفاوضات أنابوليس التي كان ديكل نفسه مديرا لدائرة المفاوضات فيها في عهد حكومة إيهود أولمرت (2007-2008) بحث خلالها مسيرة المفاوضات والخيارات الممكنة لحل الصراع بعد فشل مباحثات أنابوليس، وتولي اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة، وهي ما يمكن اعتبارها الفرصة الأخيرة للتوصل إلى حل قابل للتطبيق بين الطرفين.
واجهت إسرائيل، كما يمكن الاستدلال من متابعة ما يكتبه المحللون فيها، تحديين عسكريين في الشهور الثلاثة الماضية وهما: الأول، التصعيد العسكري مع قطاع غزة في شهر أيار الماضي، والثاني، إطلاق عدة صواريخ من جنوب لبنان في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية قرب الحدود الشمالية في نهاية الأسبوع الماضي.
يثير التهديد الصاروخي بالنسبة لإسرائيل قلقا كبيرا دفعها لتطوير منظومات الاعتراض الصاروخية بالتعاون مع الولايات المتحدة مثل منظومة "حيتس" ثم منظومة "القبة الحديدية". مع ذلك يواصل مسؤول عسكري بارز متقاعد التحذير مند أكثر من ثلاث سنوات من أن إسرائيل لن تكون قادرة على خوض حرب متعددة الجبهات سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد الجبهة الداخلية.
يعد انعدام الأمن الغذائي، خاصة بين الأطفال، مشكلة اجتماعية خطيرة لها تأثير سلبي على الصحة البدنية والصحة النفسية لمن يعانون منه، وقد تسبب ضرراً حقيقياً لنمو الأطفال والمراهقين وتساهم في إدامة حلقة الفقر والحد من الحراك الاجتماعي- هذا ما جاء في مقدمة بحث صدر مؤخراً عن معهد الأبحاث التابع للكنيست وتناول الموضوع من زاوية عمل الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن في الأوقات الاعتيادية وخلال أزمة جائحة كورونا المتواصلة بوتائر مختلفة.
يبدأ الكنيست الإسرائيلي، مع انتهاء هذا الأسبوع، عطلة تستمر لمدة شهرين، ولكن خلالها ستطلب الحكومة من الكنيست إقرار مشروع الموازنة العامة، للعامين الجاري والمقبل، بالقراءة الأولى، تمهيدا لإقرارها نهائيا في مطلع تشرين الثاني. هذا في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل حول شكل مواجهة موجة تفشي الكورونا الجديدة، التي نسبة عالية من الإصابات فيها هي بين الفتية والأطفال. ويتمحور الجدل حول تطعيم الوجبة الثالثة، وكيفية لجم سفر السياحة إلى خارج البلاد، وكيفية سير التعليم في السنة التعليمية المدرسية، التي ستفتتح في مطلع أيلول المقبل.
الصفحة 130 من 348