وصل والدي، الذي ينحدر من خلفية شرقية ضعيفة ونشأ في بيئة فقيرة، إلى رتبة ملازم أول في وحدة الأرصدة في الجيش الإسرائيلي. ودرس أبي في منتصف الأربعينات من عمره في قسم التاريخ في جامعة تل أبيب، وحصل على درجة البكالوريوس بالتعاون مع قاعدة تدريب الضباط. كنت في نهاية المدرسة الثانوية آنذاك، وقد تأثرت إلى حد كبير برؤيته جالسا في المنزل منكبا على الدراسة ليل نهار، وبسماعه يتحدث عن أساتذته وعن المواضيع التي يتعلمها بحماس كبير. وكانت هذه التجربة أحد الأسباب الرئيسية لاختياري التوجه لجامعة تل أبيب وللعلوم الإنسانية بالذات بعد إنهاء خدمتي العسكرية. ولقد ساعدني ذلك لأشرح لنفسي ولمن حولي عن السبب الذي جعلني أختار العلوم الإنسانية بدل الدراسات العملية.
يشهد المنهاج الرسمي لجهاز التربية والتعليم الإسرائيلي، وبشكل خاص منذ مطلع سنوات الألفين، تقلبات في التوجهات، خاصة وأنه من أصل 6 وزراء تناوبوا على هذه الحقيبة منذ العام 2001 وحتى الآن، 5 منهم كانوا من التيار الديني الصهيوني واليمين الاستيطاني. وكل واحد منهم عمل على تعميق دراسة موضوع "اليهودية" والديانة اليهودية، على حساب التثقيف على الديمقراطية والحريات.
هل تخلّى حزب ميرتس، الذي يُعدّ الممثل المركزي والأوضح لما اصطلح على تسميته "اليسار الصهيوني" في إسرائيل، عن مبادئه الأساسية وأطروحاته المركزية، لا سيما في المجال السياسي عموما وما يتصل منه بالصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني خصوصاً، بتحالفه الحالي مع إيهود باراك، الذي أشغل في السابق مناصب رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وحزبه الجديد (الذي أطلق عليه اسم "إسرائيل ديمقراطية" وأعلن عن تأسيسه في حزيران الأخير)، في إطار تحالف انتخابي أطلق عليه اسم "المعسكر الديمقراطي" (يضم أيضاً عضو الكنيست ستاف شافير، التي انفصلت عن حزب "العمل") لخوض الانتخابات للكنيست الـ 22، المقرر إجراؤها في السابع عشر من أيلول الجاري؟
يعتقد أكثر من الثلثين (67%) من اليهود الذين صوتوا في الانتخابات الإسرائيلية الماضية، في نيسان المنصرم، لأحزاب معسكر اليمين في إسرائيل بأن الأذرع السلطوية المكلفة بتطبيق القانون "تلاحق نتنياهو بدوافع سياسية ـ حزبية، بغية إسقاطه وإبعاده عن سدة الحكم" ويعبر أكثر من هؤلاء عن عدم الثقة بمؤسسات الدولة المختلفة! هذه من أبرز النتائج التي تمخض عنها استطلاع خاص للرأي العام أجراه "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" في نهاية شهر آب الأخير لتقصي وكشف "مواقف مصوتي اليمين في قضايا مختلفة".
اضطر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، إلى سحب مشروع يرمي إلى تعديل قانون الانتخابات في مسار تشريع عاجل يخرق سلسلة من الأنظمة، بغرض السماح لممثلي الأحزاب بإدخال آلات تصوير وتسجيل لصناديق الاقتراع لتوثيق العملية الانتخابية. وذلك بعد أن فقد نتنياهو الأغلبية المطلوبة للقانون.
تواصل استطلاعات الرأي نشر نتائج متقاربة للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، التي ستجري يوم 17 أيلول الجاري. وكلها تُظهر أن بنيامين نتنياهو لن يحصل على الأغلبية المطلقة مع شركائه الفوريين، من دون كتلة "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" بزعامة أفيغدور ليبرمان، الذي كان موقفه سببا في عدم تشكيل الحكومة، والتوجه لانتخابات برلمانية، بعد 50 يوما من انتخابات نيسان. إلا أن استطلاعات الرأي فشلت على مدى السنوات الأخيرة في عرض صورة أقرب للنتيجة النهائية، ولذا فإن كل الاحتمالات ما تزال واردة.
الصفحة 202 من 348