المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في أواخر تشرين الثاني الماضي، نشر ثلاثة باحثين من "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب هم مئير إلران ومحمد أبو نصرة وعيران ياشيف ورئيس بلدية باقة الغربية المحامي مرسي أبو مخ، مقالا في الموقع الإلكتروني للمعهد تحت العنوان: "قبيل انتهاء العامين الأولين للخطة الخمسية للتطوير الاقتصادي لسكان الأقليات في إسرائيل، تقويم الأداء، النتائج والتحديات"، استهلوه بالقول: "بعد مرور قرابة العامين على تبني الحكومة الإسرائيلية الخطة الخمسية للأعوام 2016- 2020 (وفق القرار 922 العائد إلى 30 كانون الأول 2015) من أجل التطوير الاقتصادي للسكان العرب في إسرائيل بمبلغ يقدّر بنحو 15 مليار شيكل (يشمل ميزانيات تعليم تفاضلية)، في الإمكان تقديم نتائج مؤقتة تتعلق بتنفيذ القرار نظرياً وعملياً ودلالاته". وكتبوا أنه بالإضافة إلى التقارير السابقة التي نشرت في الموقع نفسه (ضمن سلسلة "مباط عال"، العددان 845 و900)، نشير إلى أن تطبيق الخطة التي تشمل 15 موضوعاً مختلفاً للتطوير، يجري بصورة منتظمة ويكشف تعاوناً يستحق الثناء بين الحكومة وأطراف على الأرض في المجتمع العربي، ويحمل بشائر رفاه وتطوير، على الرغم من وجود عوائق تعرقل وتيرة التطبيق والتغيير المنتظر أن يحدثه".

 

وتابع المقال:

خلال العام 2016، وهو العام الأول لتطبيق الخطة، حوّلت وزارة المالية الإسرائيلية ميزانيات مقدارها نحو 3 مليارات شيكل. وحتى العام 2017 من المتوقع أن تحول ميزانيات لتطبيق الخطة مقدارها نحو ملياري شيكل.

وبرأيهم فإن أهم البنود التي شهدت تطوراً منذ البدء بالخطة والنتائج التي أدت إليها هي التالية:

1- تعزيز السلطات المحلية: ثمة تفاهم بين واضعي الخطة ومنفذيها على أن الحلقة الأكثر أهمية من أجل تحقيق النجاح على المدى البعيد هي تعزيز القدرات التشغيلية للسلطات المحلية العربية. وبناء على ذلك جرى خلال العام 2016 تحويل 900 مليون شيكل إلى السلطات المحلية. وسيحول مبلغ إضافي مقداره نحو 300 مليون شيكل حتى نهاية العام 2017. بالإضافة إلى ذلك، جرى تصنيف 16 سلطة محلية عربية بأنها "متفوقة" وحصلت على مبالغ إضافية (نحو 25 مليون شيكل)، من أجل تسريع قدرتها على التطوير والتخطيط. "وتجدر الإشارة إلى أن أغلبية السلطات المحلية قدمت إلى وزارة الداخلية خطط تطوير هي قيد الدرس، وذلك بتدخل فعال من سلطة التطوير الاقتصادي وشعبة الميزانيات في وزارة المالية. ومع ذلك، يشتكي رؤساء السلطات المحلية من البطء في تنفيذ صرف الميزانيات الخاصة بهم، ومن أنه أعطيت لهم استقلالية ومرونة مقلصة في التنفيذ والتخطيط".

2- السكن: الجزء الأساس من الميزانية في هذا المجال (نحو 700 مليون شيكل) مخصص لتخطيط البناء الخاص، وإقامة مؤسسات عامة وتطوير مناطق مفتوحة. وبلورت وزارة البناء والإسكان خطة عمل تفصيلية لخمسة أعوام، جرى دمجها في البنود التي وقعت مع 13 سلطة محلية، وفي اتفاقات استثمار تتمحور في 43 سلطة أخرى. وبحسب التوقعات، وفي أعقاب هذه الاستثمارات، فإنه من المتوقع تسويق أكثر من 4000 وحدة سكنية جديدة في العام 2017، كما من المتوقع أن يجري بناء عشرات المؤسسات العامة الجديدة حتى منتصف العام 2018. وعلى الرغم من الاستثمارت الكثيرة يدعي رؤساء البلدات العربية أن تسريع البناء العام ما يزال مرتبطاً إلى حد كبير بالمؤسسات الحكومية التي لا تسمح بتطوير يتناسب مع الحاجات الاجتماعية والثقافية المحلية.

3- المواصلات والطرق: يوجد إدراك أن البنية التحتية للمواصلات في المجتمع العربي تتطلب تحسيناً كبيراً، بصورة أساسية من أجل تشجيع العمل خارج البلدات. خلال العامين الأولين للخطة جرى استثمار نحو ملياري شيكل، وخُصص جزء كبير من هذا المبلغ من أجل تحسين البنية التحتية للمواصلات داخل البلدات العربية، وبينها وبين خطوط النقل القطري.

4- العمالة: إن الهدف الأول للخطة هو زيادة اندماج المواطنين العرب في سوق العمل إجمالاً بما فيها تلك التي تتيح لهم تسريع الحراك الاجتماعي بصورة خاصة. والمقصود هنا مصلحة مشتركة واضحة بين الدولة والجمهور العربي. ولقد استُثمرت في هذا المجال ميزانيات كبيرة، مثل إقامة 21 مركزاً جديداً للتوجيه، جرى بواسطته تأهيل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم 60% من النساء. وبهدف تشجيع عمل النساء، الذي يعتبر مسألة مهمة لتطوير المجتمع العربي، سيخصص حوالي 114 مليون شيكل من أجل اقامة مراكز رعاية جديدة.

5- التعليم والتعليم العالي: الجزء الأساس من الاستثمارات في مجال التعليم يبرز في بناء أبنية تعليم جديدة موجودة خارج الخطة الخمسية وداخلها. ولقد ركز القرار 922 على المجالات التي تظهر فيها فجوة واسعة بين نتائج التلاميذ اليهود والعرب.

6- تعزيز الثقة بالنفس: في ضوء الظاهرة المقلقة للعنف البارز في المجتمع العربي، بلورت وزارتا الداخلية والأمن الداخلي وشرطة إسرائيل خطة لتحسين الثقة بالنفس في البلدات العربية، أساسها زيادة تواجد الشرطة في البلدات (حتى الآن جرى تجنيد نحو 100 شرطي مسلم). وقد خُصص لهذه الحاجة، مبلغ 200 مليون شيكل للعامين الأولين واقرت ميزانية لإقامة 10 مراكز للشرطة في البلدات العربية.

وأشار المقال إلى أن من أهم العوائق التي تعرقل تطبيق الخطة الخمسية ما يلي: التعقيد البيروقراطي الحكومي؛ التمييز داخل المجتمع العربي، ففي الفترة الأخيرة ونتيجة لأسباب سياسية وإئتلافية بلورت إسرائيل خططاً مستقلة وموازية للمواطنين البدو في الشمال وفي الجنوب وللدروز؛ مصاعب إدارية في السلطات المحلية.

خلاصة وتوصيات

تحت العنوان أعلاه جاء في المقال المذكور:

إن الدليل الأوضح على الاتجاه الإيجابي الذي يتقدم نحوه تطبيق الخطة الخمسية هو الهدوء الواضح بشأن هذا الموضوع المركزي من جانب زعماء المجتمع العربي في إسرائيل بمختلف فصائلهم. ويكشف هذا الهدوء عن إدراك أن ما يجري هو خطة تساهم كثيراً في الدفع قدماً بالمجتمع العربي. وعلى الرغم من العوائق يبدو أن الخطة الخمسية تسير في الاتجاه الصحيح.

وأضاف: من أجل ضمان تحقيق الأهداف بما فيه مصلحة المجتمع العربي ودولة إسرائيل، من المهم أن نضمن في وقت قريب تحقيق التالي:

(*) تدخل عميق وأكثر ثباتاً من جانب وزراء الحكومة والمدراء العامين في متابعة تطبيق الخطة، خصوصاً لعمل المؤسسات على ازالة العوائق.

(*) تعزيز قدرات وصلاحيات الطاقم الحكومي المرافق للخطة. وذلك من خلال ربط التعاون بين الخطط البعيدة المدى التي تقوم بها مجموعات مختلفة في القطاع العربي.
(*) تخصيص جهد مركز وواسع لتعزيز قدرات السلطات المحلية العربية التي تواجه صعوبة في الحصول على المخصصات والميزانيات المخصصة لها.

(*) من المستحسن خلق تجاوب واسع مع الخطة ونجاحاتها لدى الجمهور الواسع، العربي واليهودي، الذي من المهم أن يكون على معرفة بحجم الاستثمار والرؤية التي تكمن وراءه.

وختم المقال: "في النهاية يجب ألا ننسى أن تحقيق الهدف المهم لاندماج العرب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي في إسرائيل لن يحصل من دون وقف مساعي التمييز في حق الجمهور العربي. إن الاستثمارت المالية الكبيرة جداً لا تكفي. وإذا لم ترافقها سياسة حكومية شاملة فإن هذه الاستثمارات ستختفي".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات