المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
شركة "إلبيت": صفقات بالمليارات في فترات متقاربة.  (غلوبس)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 9
  • برهوم جرايسي

قالت تقارير إسرائيلية جديدة إن صفقات بيع وتصدير الصناعات العسكرية إلى العالم سجّلت هذا العام ذروة، قد تفوق 15 مليار دولار، مع نهاية العام الجاري، وهي مساوية تقريبا لحصيلة العام الماضي 2024، وبحسب هذه التقارير، فإن هذا الارتفاع يعود إلى ما أسمته "النجاحات الإسرائيلية في الحروب"، وبشكل خاص على قطاع غزة وإيران؛ وبالتالي قدّرت جهات في وزارة المالية الإسرائيلية أن هذا الارتفاع بشكل خاص، مع عودة الصادرات الإسرائيلية إلى مسار الارتفاع، سيساهم في زيادة مداخيل الضرائب؛ إلا أن التراجع الحاد في سعر صرف الدولار أمام الشيكل، وهو الأدنى منذ ما يزيد عن 4 أعوام، قد يكون لاجما لزيادة المداخيل من الصادرات، نظرا لأن قيمتها بالشيكل.

صادرات الصناعات العسكرية

قالت تقارير اقتصادية إسرائيلية إن التقديرات الأولية تشير إلى أن إجمالي الصادرات العسكرية الإسرائيلية ستبلغ هذا العام 2025، ما يلامس 15 مليار دولار، وهو يوازي تقريبا ما كان في العام الماضي 2024، إلا أن الحصيلة النهائية ستصدر في النصف الأول من العام المقبل 2026.

وقال تقرير لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، التابعة لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، "إن الأسلحة الإسرائيلية حافظت على جاذبيتها في سوق الأسلحة العالمية، حتى خلال العام الماضي 2024، الذي اتسم باحتجاجات غير مسبوقة من دول عديدة بسبب تحركات الجيش الإسرائيلي في غزة (الحرب على غزة). وأصبحت المقاطعة، والاستبعاد من معارض الأسلحة العالمية، والمظاهرات الحاشدة أمام مكاتب تمثيل بعض الشركات الإسرائيلية في الخارج، جزءاً من ممارساتها المعتادة".

وتابع التقرير "مع توقف القتال في غزة، بات من الواضح أن العالم عاد إلى شراء الأسلحة الإسرائيلية، حتى من الدول التي دانت إسرائيل بشدة في كل مناسبة. فقد فرضت ألمانيا نفسها، التي اشترت أسلحة إسرائيلية بقيمة 10 مليارات دولار تقريباً خلال العامين الماضيين، حظراً على توريد الأسلحة إليها الصيف الماضي للضغط عليها لإنهاء الحرب في غزة. وقد عزز الأداء المتميز لأنظمة القتال الإسرائيلية في لبنان، وحرب الأيام الاثني عشر في إيران، من جاذبية الشركات الإسرائيلية لدى العديد من الدول التي تعمل على تعزيز وتحديث جيوشها"، بحسب تعبير الصحيفة.

وكانت ألمانيا قد صادقت نهائياً، في النصف الثاني من شهر كانون الأول الجاري، على صفقة تسلح بقيمة 3.1 مليار دولار، بموجبها ستزود شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية القوات الجوية الألمانية بصواريخ "حيتس 3". وتُعد هذه الصفقة الثانية لصواريخ "حيتس" مع ألمانيا خلال عامين، حيث كانت الأولى الأكبر في تاريخ الصناعات الدفاعية الإسرائيلية بقيمة 3.5 مليار دولار تقريباً.

وقالت "كالكاليست" إن شركة "إلبيت" الإسرائيلية، قد أبرمت صفقة أكبر قبل نحو شهر مع "دولة أجنبية"، وكُشفت تفاصيلها الأسبوع الماضي لصحيفة "كالكاليست" في ظل قيود أمنية مشددة. وبلغت قيمتها حوالي 2.3 مليار دولار، وتركزت على نظام تكنولوجي. وذكر موقع الاستخبارات الفرنسي "إنتليجنس أونلاين" أن الدولة المعنية هي الإمارات العربية المتحدة.

قبل ذلك، وقّعت شركة "إلبيت" صفقة أسلحة مهمة أخرى ستُزوّد ​​بموجبها الجيش الصربي بطائرات مسيّرة متطورة، وصواريخ دقيقة، وأنظمة قيادة وتحكّم بقيمة تتجاوز 1.6 مليار دولار.

ارتفاع قيمة الشيكل

كما ذكر، فإن الارتفاع في الصادرات الإسرائيلية لا يعني زيادة المداخيل بالشيكل، بل على ضوء نسبة ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار بحوالي 16%، خلال 8 أشهر، وبنسبة أقل بقليل أمام الجنيه الإسترليني، وبنسبة فاقت 7% أمام اليورو، فإن المداخيل بالشيكل قد تكون أقل، وهذا من شأنه أن يجعل المصدّرين يطالبون بتدخل مؤسسات الحكم، وخاصة بنك إسرائيل المركزي، كما حدث في عدة محطات في السنوات الـ 20 الأخيرة، حينما بدأت قيمة الدولار تتراجع بشكل حاد، أمام الشيكل خاصة.

وكان سعر صرف الدولار، تحديدا، قد سجّل في شهر نيسان من العام الجاري 2025، حوالي 3.8 شيكل للدولار، بينما بلغ في نهاية الأسبوع الماضي، يوم الجمعة 26 كانون الأول الجاري، أقل من 3.2 شيكل للدولار، ما يعني هبوطا بنسبة تجاوزت 16% عن الذروة التي سجّلها قبل ثمانية أشهر.

إلا أن الدولار عالميا يسجّل تراجعات كبيرة، فمنذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، انخفضت قيمة الدولار في الأسواق العالمية بنسبة 10%، ويقول المحلل الاقتصادي الإسرائيلي، أدريان بايلوت، في مقال فيه في صحيفة "كالكاليست"، إن ترامب بادر إلى سياسة اقتصادية، ترى في خفض قيمة الدولار وسيلة لخفض العجز في الميزان التجاري الأميركي، الذي سجّل هذا العام ذروة بلغت 920 مليار دولار.

لكن كما نرى، فإن ارتفاع قيمة الشيكل بلغت نسبة أعلى من انخفاض قيمة الدولار عالميا، وهذا برز في سعر صرف اليورو، الذي يحافظ على قيمته، تقريبا، في الأسواق العالمية، لكن أمام الشيكل تراجع بنسبة حوالي 7% في الأشهر الثمانية الأخيرة، بينما سعر صرف الجنيه الإسترليني تراجع بنسبة 14%، وتشكل العملات الثلاث هذه ركيزة أساسية لسلة العملات الأجنبية في بنك إسرائيل المركزي، فهي العملات للدول التي تستوعب أكثر من 70% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى العالم.  

ويقول المحلل بايلوت إن هناك عوامل عديدة تساهم في رفع قيمة الشيكل، وأولها، بحسب ما يقول، الانخفاض الحاد في منسوب المخاطر في الاقتصاد الإسرائيلي، في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأيضا تزايد مستمر في حجم الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الإسرائيلي، مع تركيز خاص على بورصة ناسداك، التي يتم فيها التداول بأسهم شركات قطاع التقنية العالية (الهايتك) الإسرائيلي. 

وكتب بايلوت أن مؤشر ناسداك هو المؤشر الأهم لقطاع الهايتك الإسرائيلي، والذي لا يتوقف عن إثارة الدهشة وتحطيم الأرقام القياسية: فقد ارتفع بأكثر من 18% خلال الأشهر الستة الماضية، ونحو 4% خلال الأسبوع الماضي.

وتابع: يُعد مؤشر ناسداك بمثابة نبض قطاع الهايتك الإسرائيلي؛ فأي تحرك فيه، صعود أو هبوط، ينعكس فورا تقريبا على السوق الإسرائيلية. إذ أن معظم الشركات الإسرائيلية العاملة في السوق الأميركية تجمع التمويل هناك، ويتم تقييمها وبيع أسهمها هناك. وعندما يرتفع مؤشر ناسداك، ترتفع قيمة الشركات، وتتحسن ظروف التمويل، وتتلقى المؤسسات الإسرائيلية دعما يُعزز الطلب على الشيكل.

ويضيف بايلوت: "في هذا السياق، من المهم أيضا التأكيد على أن فارق نسبة الفائدة بين إسرائيل والولايات المتحدة يصب في مصلحة الشيكل: فبينما تبلغ نسبة الفائدة في بنك إسرائيل المركزي 4.25% (تضاف لها نسبة 1.5% ثابتة)، فقد قام البنك الفيدرالي الأميركي بتخفيض الفائدة عدة مرات، وتبلغ حاليا حوالي 3.5% إلى 3.75%. بمعنى آخر، تميل تحركات رؤوس الأموال إلى الوصول إلى مناطق ذات نسب فائدة أعلى، وبالتالي يتجه تدفق الاستثمارات الآن نحو تل أبيب بدلا من نيويورك. وهذا بدوره يسهم في تعزيز قيمة الشيكل".

وكما ذكر هنا، فإنه في الحالات السابقة، في السنوات العشرين الأخيرة، خاصة بعد صيف العام 2004، قارب سعر الدولار 4.8 شواكل، وبدأ بالتراجع، وآخر هذه المحطات في بحر العام 2021، حينما هبط سعر الدولار إلى ما هو عليه اليوم، وقد طالب المصدّرون بنك إسرائيل بالتدخل في سوق العملات، من خلال وضع قيود، لكن بالذات شراء دولارات من السوق، لرفع قيمته، إلا أنه منذ أن دخل محافظ بنك إسرائيل الحالي، أمير يارون، إلى منصبه قبل أكثر من 4 سنوات، أوقف هذا النهج كليا.

ويشكو المصدّرون من أن غالبية كلفة الإنتاج لديهم هي بالشيكل، وخاصة البنى التحتية وأجور العاملين، وبالتالي فإن صرف الواردات بالدولار إلى الشيكل ستكون أقل، وهذا ما سيسبب تراجع مداخيل، وبلغ الأمر في حالات معينة فقدان الجدوى من التصدير، وحتى الاضطرار إلى إغلاق خطوط إنتاج، وإلى فصل عاملين من العمل. لكن حتى الآن لم تصدر مثل هذه الأصوات، لكنها مرشحة لتعلو من جديد، إذا استمر واقع الشيكل الحالي. وقد يطالب المصدّرون، والمنتجون أيضا، بخفض الفائدة البنكية، كمساهمة لخفض كلفة الإنتاج.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات