المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المكتبة
  • 1162

* مسيح على ظهر دبابة
التفكير الشعبي في اسرائيل بين عملية سيناء وحرب يوم الغفران (1955-1975)

تأليف: يونه هداري

إصدار جامعة بار ايلان والكيبوتس الموحد

447 صفحة، تل ابيب 2002

كما يوحي العنوان الفرعي للكتاب، فهو سجلّ شامل وحافل للوقائع الصاخبة والمثيرة لدى ابطال وقصص التفكير الشعبي في اسرائيل خلال عقدين امتدا بين السنوات 1955 و 1975، وهما عقدان شهدا ثلاث حروب مصيرية اسهمت الى حد كبير في قلب الواقع الاسرائيلي المتغير رأسا على عقب، ورسمت بفظاظة طريق الوقائع التالية في تاريخ اسرائيل الحديث.

تلك هي ثلاثة مفترقات طرق مركزية – العدوان الثلاثي المعروف في اسرائيل بـ حرب سيناء 1956، وعدوان الخامس من حزيران 1967 وحرب تشرين 1973. في هذه الفترة تجند الكتّاب والشعراء والمفكرون الى "مهمات ثلاثية" كما تقول المؤلفة: "مقاتلون في الصفوف الامامية، ومراسلون في ساحة القتال وكتاب مقالة في نطاق مهمتهم كمندوبين عن الجمهور أو كأنبياء، وكحملة لواء الحركة الكيبوتسية".

صاغت كتاباتهم وعكست مجتمعا كان يمر بحالة إحباط ويأس وقلق، في الفترة التي سبقت الحروب، لكنهم، "وسوية مع المقاتل الذي تغذى على كلماتهم بدور الجندي المخلّص، او الجندي المسيحاني المحسوب على جيش الرب، يقومون بإنقاذ المجتمع من إحباطه في وقت الحرب وينقلونه الى أعالي الإكستازا ومراقي السحاب".

على هذا المزاج القومي المتكدر تؤسس المؤلفة نظريتها وتحاول ان تطرح اسئلة ذات طابع فلسفي عما اذا كان الإحباط علامة على النضج والوعي وما إذا كانت الإكستازا تعبيرا عن فقدان العقل الاجتماعي، وهل الاحباط مرض اجتماعي يدل على ضعف ارادة الحياة، والاكستازا تعبير عن المناعة و "ارادة الوجود القومي"؟

تتشعب اجابات هداري الى اسئلة وإجابات "فلسفية" كثيرة تقع كلها في مجالين رئيسيين ومنفصلين يتناولهما كتابها الهام والموسوعي هذا: اليهودية والحرب، وفي ذلك تكتب:

"أن تكون يهوديا معناه ان تكون جزءا من مجموعةٍ ماضيها هو أساسٌ حاسمٌ في كينونتها. الهوية والثقافة والوعي والدين والتقاليد اليهودية كلها ذات عمق تاريخي بدايته في الماضي البعيد. لذلك فإن اليهودي عضو في جماعة تاريخية. اما ان تكون اسرائيليا فمعناه الانتماء الى جماعة شكلها الحاضر في مكان محدد – اسرائيل. الاسرائيلية متشكلة في الاساس بواسطة المكان. عمقها الزمني ضعيف. الزمن الاسرائيلي، بمصطلحات تاريخية، غض الاهاب. الزمن اليهودي والزمن الاسرائيلي يبدوان غير منسقين. الوزن الحاسم في الوجود اليهودي موجود في تقاليد الماضي التي تحمل كل مضمون الوجود اليهودي. مقابل ذلك، فان الزمن الاسرائيلي هو زمن الحاضر، الذي ينظر الى المستقبل. التجربة الاسرائيلية تتشكل في الاحساس بالحركة والتغيير والتبلور المتواصلة. اما التجربة اليهودية فتتشكل عبر الاحساس بالتبعية والتواصل والاعتراف بقوة الماضي الملزمة؟".

لا تتوجه هداري نحو هذه "القوة الملزمة" بقراءة نقدية جديدة للبانتيون اليهودي المعروف بل تؤسس عليها وتنهل من مصطلحاتها في التوصل الى صياغة لغتها البحثية الجديدة، التي تناقش وتسأل كثيرا في المفاهيم "المسيحانية" في بناء الحاضر المتشعب والمدين لهذه المفاهيم بالكثير في صياغته بالشكل المأساوي الذي هو عليه الآن.

تجد هداري، لدى سياق انتقالها للحديث عن المجال الثاني لبحثها – الحروب، ان هناك حركة دائرية في الامزجة القومية في اسرائيل: في اوقات الحرب يسيطر مزاج إكستازي ينعكس في تعظيم صورة المقاتل الى حدود اسطورية – مسيحانية. وبين الحروب، تتوصل الشعبوية "الاسرائيلية" الى حالات احباط تنعكس على شكل شكوك تجاه المشروع الاجتماعي – الصهيوني، ومن خلال رفض متزايد لصورة الجندي كبطل. تشير المؤلفة الى وجود قالب انتقال ثابت بين الاحساسين المتناقضين، وتطرح اسئلة حول الاحباط الذي يكتنف المجتمع بين الحروب وما اذا كان تعبيرا عن فقدان الرغبة بالوجود القومي ام انه تعبير عن نضج وتطلع لتحقق فرداني وصحوة من فكرة المجتمع المجنَّد؟

بعد "استبيان المصطلحات" في الفصل الاول يطل الكتاب بصورة نقدية على المجتمع الاسرائيلي الموزع بين التطلع الى الطبيعية والاحساس بالرسالة، ويضع اليهودي - الاسرائيلي امام خريطة التحديات التي يتوجب عليه مجابهتها هنا والان. وتفرد المؤلفة فصلا للحديث عن الاحباط كحالة قومية عامة تحت عنوان "عن حالة روحنا الشعبية في هذا الزمان"، الذي يبدأ بالخمسينيات وينتهي في منتصف سبعينيات القرن الماضي، متضمنا كما اسلفنا حروبا ثلاث، ورابعة استنزافية (1968-1970)، وتحاول في فصل لاحق ان تجد الصلة بين الكارثة النازية وسلوك اسرائيل في الحروب، ومسوغاتها المستمدة من الوقائع اليهودية المأساوية في ظل الحكم النازي في تفسير سلوكها على الصعيدين الخاص والعام على السواء.

المصطلحات المستخدمة:

المسيحانية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات