المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الرامة الجليلية: الفراغ وخطرالفتنة الطائفية وتقاعس الشرطة عن ملاحقة الجناة * "الأجواء في الرامة الآن هادئة. وستبقى هادئة حتى تقع المشكلة التالية، ولا أحد يستطيع التكهن متى سيكون ذلك، طالما استمرت حالة الفراغ السائدة في القرية... فلا نواد ولا مؤسسات ولا اية فعاليات اجتماعية. قبل ثلاثة اشهر قتل شاب وقبل سنوات قتل شاب أيضا وفي كل مرة تعقد اجتماعات وتشكل لجان وتختفي بعد اطفاء الحريق"

كتب: سليم سلامة

<<الوضع سيء جدا. هنالك حالة احباط عامة في القرية والناس يتساءلون: وماذا بعد؟ هل ننتقل الى حرب شوارع؟>>.

هذا الوصف الحاد أطلقه احد المواطنين من قرية الرامة الجليلية خلال حديثنا معه حول الأوضاع المتوترة التي تشهدها القرية في الأيام الأخيرة، ويضيف قائلا: <<من الواضح ان هنالك مجموعة تستغل أية مشكلة صغيرة وتافهة وتقوم بدفعها الى الإتجاه الطائفي، رغم ان المشكلة في أساسها ليست طائفية. فان حصل خلاف بين شخصين من الطائفة نفسها يجد طريقه الى الحل الفوري، مهما كان هذا الخلاف كبيرا. وبالمقابل، ان حصل ووقع خلاف بين شخصين من طائفتين مختلفتين، فسرعان ما تنشأ حالة من الأستنفار والتجند، حتى لو كان خلافا تافها جدا... ان هؤلاء يتحينون الفرصة لإحراق البلد>>.

ينطبق هذا الكلام تماما على ما حصل في نهاية الأسبوع الأخير في قرية الرامة: نقاش وجدل بين شبان من الطائفتين المسيحية والدرزية في القرية، مساء يوم الجمعة، تطور الى عراك بالأيدي، اسفر عن اصابة احد المواطنين بطعنة سكين. ولم يمض سوى وقت قليل حتى تعرضت مجموعة من المنازل الى اعتداءات شملت التكسير والتحطيم واطلاق النيران عليها. وبعد ساعات قليلة تعرضت كنيسة في القرية الى اطلاق صاروخ، اصاب "بيت الراهبات" المحلي.

في اليوم التالي، السبت، اغلقت المدارس في القرية ابوابها، بقرار من المجلس المحلي، خوفا من وقوع صدامات بين الطلاب، وهو ما كان قد حصل في مرة سابقة. واستمر اغلاق المدارس يوم الأثنين 17 شباط ايضا .

* <<مجموعة هامشيين، وزعران>>... وفراغ كبير

رئيس المجلس المحلي في الرامة، د. جريس خوري، قال لنا: "نحن نخشى وجود أيد غريبة تحاول اللعب بالنار واشعال فتنة طائفية في القرية. وقد قررنا تعطيل المدارس لكي نحاول تهدئة الخواطر اولا، ثم لكي نقطع الطريق على من يريد نقل الخلافات الى داخل المدارس، ثانيا، كما حصل من قبل".

وحول خلفية هذه الأحداث الخطيرة قال خوري: "كل القضية ان بعض الهامشيين يثيرون المشاكل. وما حصل يوم الجمعة الأخير يجب ان يكون درسًا لنا جميعا".

اما عضو الكنيست السابق أسعد أسعد (من قرية بيت جن الجارة) الذي يشارك، منذ يوم الجمعة في المساعي المتواصلة لرأب الصدع واعادة الهدوء والنظام الى الرامة، فقد قال لنا: "الوضع في الرامة هو ان شلة زعران من الجهتين سيطرت على القرية، بينما بقي العقلاء جالسين في بيوتهم. وهؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال لا يدركون أبعادها وخطورتها. لقد تم تجاوز خطوط حمراء ولا يمكن الصمت والجلوس جانبا حيالها. ان اطلاق الصاروخ باتجاه الكنيسة هو عمل بربري لا يجوز المرور عليه دون تحرك جدي وحازم من جميع اهل الرامة، وخاصة العقلاء بينهم والذين ينبغي عليهم ادراك العواقب الوخيمة اذا لم يتم وضع حد فوري لهذا الأنفلات".

وقال أسعد ان لقاء عقد مع المطران بطرس معلم، تلاه لقاء واسع عقد في المدرسة الثانوية في القرية وشارك فيه عدد كبير من اهالي الرامة ومن قرى مجاورة اخرى، حيث جرى التداول في السبل االكفيلة باعادة الهدوء الى القرية ومنع وقوع اعتداءات جديدة.

واوضح اسعد ان المشاركين في اللقاء تباحثوا في امكانية تسيير دوريات خاصة من شبان القرية من الطوائف الثلاث في محاولة للردع، من جهة، ولتغيير الأجواء بين الأهالي بشكل عام، من الجهة الأخرى.

اما مازن فراج، وهو احد النشطاء في القرية، فقال في حديثه معنا: "الأجواء في القرية الآن هادئة. وستبقى هادئة حتى تقع المشكلة التالية، ولا أحد يستطيع التكهن متى سيكون ذلك، طالما استمرت حالة الفراغ السائدة في القرية... فلا نواد ولا مؤسسات ولا اية فعاليات اجتماعية. قبل ثلاثة اشهر قتل شاب وقبل سنوات قتل شاب أيضا وفي كل مرة تعقد اجتماعات وتشكل لجان وتختفي بعد اطفاء الحريق".

ويضيف مازن فراج: " ليست هنالك جهة مسؤولة تريد معاجة المشكلة من اساسها وايجاد حلول جذرية لها. لقد بادرت، مع مجموعة من الشباب الغيورين، من ابناء الطوائف الثلاث في القرية الى تشكيل اطار اجتماعي يؤكد ويعزز المشترك بين الأهالي ويسعى الى اقامة ناد مشترك،على الأقل، لسد ولو جزء من هذا الفراغ الأجتماعي في القرية ".

* تقاعس الشرطة متعمد

في كل حالة من هذه الحالات، او ما شابهها، في القرى والمدن العربية في اسرائيل، يسأل دائما السؤال الأولي التالي: أين الشرطة وأجهزتها، ولماذا لا تلقي القبض على الجناة المباشرين والحقيقيين؟

الجواب على هذا السؤال سيحاول اهالي الرامة الحصول عليه من خلال المظاهرة التي ينوون تنظيمها في القدس يوم الأربعاء القريب، احتجاجا على تقاعس الشرطة ولمطالبتها بتحمل مسؤولياتها في الكشف السريع عن الجناة ومثيري الفتن في القرية.

"الشرطة تعرف الكثير، وربما كل شيء، عما حدث وعما يمكن ان يحدث. لكنها غير معنية بفعل أي شيء جدي، اذ لو كانت معنية حقا بانهاء هذه المشاكل لوضعت حدا فوريا لها"، هذا ما يقوله لنا مواطن من الرامة شارك في العديد من اللقاءات والأجتماعات التي تلت ألأحداث. ويضيف: "لو وقع هذه المشاكل في اي بلدة يهودية لأنهتها الشرطة في الحال... اما هنا فهي تتذرع بشتى الذرائع لأن ما يحدث في الرامة، وما يمكن ان يحدث، لايثير لديها أي قلق ولا يعنيها اطلاقا. انه تقاعس متعمد، كما كان في النصرة وفي غيرها من القرى والمدن العربية".

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات