المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

منذ اقامة المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة بدأ الجيش الاسرائيلي بوضع القيود على حركة الفلسطينيين فيها، وقد تم تشديد هذه القيود بشكل ملحوظ منذ اندلاع انتفاضة الاقصى. واصبح سكان المواصي محاصرين داخل المنطقة، بعد ان فقدت غالبيتهم امكانية الخروج منها او الدخول اليها.

"...وصلت في سيارة الاسعاف الى حاجز التفاح، فقد كنت في طريقي للولادة في مستشفى مبارك. الجنود الاسرائيليون لم يسمحوا لسيارة الاسعاف بالمرور، واخذت حالتي بالتدهور اكثر فأكثر. انتظرنا ساعات طويلة في الحاجز وفقط بعد الكثير من التنسيقات سمحوا لنا، اخيراً، بالمرور. بعد الولادة، عندما اردت العودة الى بيتي مرة اخرى لم يسمحوا لي بعبور الحاجز، وذلك لاني صغيرة السن... وانا واقفة في الحاجز انتظر في الريح والبرد. وهذا يؤثر على صحتي وعلى صحة طفلتي.. ولكن حتى لو سمحوا لي بالدخول الى المواصي، فانني ساضطر للخروج مرة اخرى بعد عدة ايام لتطعيم الطفلة. في كل منطقة المواصي لا يوجد طبيب نساء، طبيب مولد او حتى اي قابلة." (من شهادة صباح كامل النجار، 25 سنة، متزوجة وام لسبعة اطفال من المواصي، خان يونس.)

صدر في هذه الايام تقرير "بتسيلم" الجديد عن حقوق الانسان الفلسطيني في الاراضي المحتلة، تناول الحياة اليومية المأساوية التي يعيشها سكان منطقة المواصي جنوبي قطاع غزة، والمتواجدة بعيداً عن أعين الجماهير.

ومنطقة المواصي عبارة عن قطاع لشاطئ عرضه كيلومتراً واحداً وطوله اربعة عشر كيلومتراً، والى الشرق منه تتواجد مستوطنات <غوش قطيف>. وهذه المنطقة غنية بالمياه ويعتاش سكانها الذين يبلغ عددهم 5000 نسمة على الزراعة والصيد.

ومنذ اقامة المستوطنات الاسرائيلية في المنطقة بدأ الجيش الاسرائيلي بوضع القيود على حركة الفلسطينيين فيها، وقد تم تشديد هذه القيود بشكل ملحوظ منذ اندلاع انتفاضة الاقصى. واصبح سكان المواصي محاصرين داخل المنطقة، بعد ان فقدت غالبيتهم امكانية الخروج منها او الدخول اليها.

ومن فترة الى اخرى يقوم جيش الاحتلال الاسرائيلي بتغيير المعايير للتنقل بين المنطقة وبين المدن القريبة، خان يونس ورفح، بدون اعلام السكان مسبقاً. وفي فترات معينة منع الجيش الناس من التنقل بتاتاً بين المواصي والمدن المجاورة، فوجد العشرات من سكان المنطقة انفسهم خارج بيوتهم بلا غذاء، او ملابس للتغيير او سقف يأويهم، مما اضطرهم للاتكال على عطف الاخرين.

القيود الشديدة على حركة السكان تلحق الاضرار بقائمة طويلة اخرى لحقوق الانسان، فقد قام الجيش الاسرائيلي بفرض القيود بالجملة على نقل البضائع من منطقة المواصي الى خان يونس ورفح، اذ سمح بنقل حوالي 10% من كمية المنتوج التي تم تسويقها في الفترة ما قبل الانتفاضة. هذه القيود اثرت كثيراً على القدرات المعيشية للمزارعين، والكثير من المنتوج فسد وتم رميه.

وتضرر جهاز التعليم كثيراً نتيجة لعدم استطاعة المعلمين الوصول الى المدرسة على مدار ايام طويلة. وقام الجيش الاسرائيلي ايضاً بمنع ادخال اجهزة الكترونيه وحواسيب الى المدارس، اما الكتب وادوات الكتابة فقد سمح بادخالها "بالقطارة".

وتعاني المنطقة من نقص بالادوية، وفي حالات معينة اضطرت نساء للولادة في الحاجز، وتأخر وصول مرضى الى المستشفيات لاجراء عمليات جراحية نتيجة تأخيرهم في الحاجز. وتعد القيود الجارفة على حرية التنقل وانعكاساتها الكبيرة على حياة السكان بمثابة عقاب جماعي محظور وفقاً للقانون الدولي الذي تعهدت اسرائيل بتنفيذه.

وفي رده على رسالة <بتسيلم>، لم يذكر الناطق باسم الجيش الاسرائيلي احداثا او مخاطر متعلقة بشكل مباشر بسكان المنطقة الفلسطينيين، بل اكتفى بالقول ان الاجراءات التي تتخذ في منطقة المواصي هي نتيجة توقع احداث ضد اهداف اسرائيلية.

مع ذلك، يبدو ان القيود التي يفرضها الجيش الاسرائيلي على حركة سكان المواصي تنبع من قربهم الجغرافي من مستوطنات <غوش قطيف>، بالاضافة الى واقع السيطرة الامنية للجيش الاسرائيلي على المنطقة، وليس كما هو في سائر قطاع غزة.

في خلاصة التقرير تطالب <بتسيلم> الجيش الاسرائيلي بتغيير ترتيبات التنقل والحركة في المواصي، بحيث يتمكن السكان من ادارة حياتهم، والتحرك بحرية وبدون خشية، وضمان حريات الحصول على العلاج الطبي، العمل وتسويق منتوجاتهم ومنح التعليم لاولادهم.

المواصي، قطاع غزة. تصوير: جوزي دراي، شمل، مركز اللاجئين والشتات الفلسطيني.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات