على رغم مرور نحو الشهر على عملية الاعتقال المتلفز لقيادة الحركة الاسلامية (الشمالية) بزعامة الشيخ رائد صلاح، لم تقدّم لوائح اتهام ضد احد ممن بقي رهن الاعتقال او أُطلق سراحه. ولا يزال خمسة من هؤلاء داخل السجن وهم الشيخ رائد صلاح ورئيس بلدية ام الفحم د. سليمان اغبارية، ومحمود ابو سمرة وناصر خالد إغبارية وتوفيق عبد اللطيف، وثلاثتهم ينشطون في مجال الاغاثة الانسانية .
كتب: وديع عواودة
على رغم مرور نحو الشهر على عملية الاعتقال المتلفز لقيادة الحركة الاسلامية (الشمالية) بزعامة الشيخ رائد صلاح، لم تقدّم لوائح اتهام ضد احد ممن بقي رهن الاعتقال او أُطلق سراحه. ولا يزال خمسة من هؤلاء داخل السجن وهم الشيخ رائد صلاح ورئيس بلدية ام الفحم د. سليمان اغبارية، ومحمود ابو سمرة وناصر خالد إغبارية وتوفيق عبد اللطيف، وثلاثتهم ينشطون في مجال الاغاثة الانسانية .
منذ اليوم الاول اعلنت الدوائر الامنية الاسرائيلية ان ناشطي الحركة متورطون بغسل اموال لحركة حماس وبالاتصال مع مؤسسات وجمعيات "معادية". لكن مسؤولا كبيرا في الحركة الاسلامية نفى ذالك بشدة مؤكدا ان "الدوافع الحقيقية غير المعلن عنها سياسية أكثر منها جنائية". ويقول المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، في حديث "للمشهد الاسرائيلي"، ان "ما حصل ويحصل للحركة الاسلامية اليوم هو حلقة في مسلسل ملاحقات سياسية ضد الجماهير العربية على مختلف تياراتها الوطنية، بهدف ترويضها وتقليم اظفارها بل وفرض هوية متأسرلة عليها. وقد سبقت هذه الحلقة حملات سابقة علينا وعلى غيرنا".
واضاف المصدر المذكور: "يبدو ان ما يزيد من غيظ السلطات الاسرائيلية في الحالة الراهنة حقيقة سعة انتشار وعمق نشاط الحركة الاسلامية في مختلف ميادين حياة العرب الفلسطينين داخل اسرائيل من خلال مؤسسات فاعلة ومنظمة كالمراكز الطبية والعيادات ونوادي الحاسوب والمكتبات العامة ورياض الاطفال وغيرها وغيرها. علما ان مشروع بناء مستشفى كبير في مدينة طمرة ومدرسة اسلامية اهلية اولى في ام الفحم يوشك على الانتهاء. والمفارقة ان السلطات الاسلطات الاسرائيلية تحرم المواطنين العرب فيها من الرحمة والخدمات وبنفس الوقت تسعى عابثةً للحيلولة دون ملء هذا الفراغ من قبل المواطنين وجمعياتهم الاهلية ومؤسساتهم السياسية".
وفي حديث " للمشهد الاسرائيلي قال الشيخ هاشم عبد الرحمن الناطق بلسان الحركة الاسلامية في هذا السياق: "اضافة الى مشاريعنا الكثيرة اعتقد ان ما اثار الاجهزة الحاكمة في اسرائيل هما مشروعان، اولهما "مسيرة البيارق" التي نرعاها منذ سنتين ومن خلالها يتم نقل مئات عن المواطنين العرب للصلاة في المسجد الاقصى على ثماني حافلات يوميا. وفي العام الماضي وحده تم نقل 257000 مواطن، فهذا بالطبع يساهم في الحفاظ على صلة المسلمين والعرب الاقصى والقدس وينعشها اقتصاديا. اما المشروع الثاني فيتعلق بكفالة الايتام في الضفة والقطاع".
يذكر ان السلطات الاسرائيلية كانت أغلقت في اب الماضي مكاتب "لجنة الاغاثة الانسانية" ما دفع الحركة الاسلامية للعودة الى تأسيس "شركة الاغاثة الانسانية للعون"، وهذه بدورها واصلت مشوار الاغاثة بعد ان التزمت بشطب اولاد الاستشهادين من قائمة المساعدات وفقا لطلبات الاجهزة الامنية الاسرائيلية.
الحركة الاسلامية من جهتها فضلّت شطب هؤلاء فهم نحو مئتي طفل حرصا على حماية 16 الف يتيم يحصل كل واحد منهم على معونة بقيمة 130 شيكل شهريا.
وعن ذلك يقول الشيخ هاشم عبد الرحمن: "كل ما نقوم به من تبرعات ومساعدات للايتام مسجل في جمعيات رسمية ومدونة لدى "مسجل الجمعيات" الاسرائيلي، ولذلك فهم لم يكتشفوا امريكا من جديد. غير انهم يزعمون اليوم اننا نحوّل الاموال الى جهات غير قانونية ومعادية، ونقوي من خلالها البنى المدنية للنشاط الارهابي ونحن نقول لهم اذا ضقتم ذرعا بالعمل الانساني فانتم أحرار. أما الذين يحلمون بتجفيف منابع الحركة الاسلامية فنذكرهم بالاية الكريمة: "هم الذين يقولون لا تنفقون على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماء والارض ولكن المنافقين لا يعلمون".
ومن داخل سجنه كان الشيخ رائد صلاح قد ادلى بتصريحات صحفية قال فيها بهذا الخصوص: "ايدينا سليمة نظيفة وطاهرة. اما اذا باتت الخدمة الانسانية جريمة فنعم الجريمة".
وكان صلاح قد وجّه نداءً ضمن تصريحاته المذكورة الى الجماهير العربية دعا فيه الى مواصلة التضامن مع حركته قائلا: "هذه الحملة السلطوية لن تنتهي عند حد الحركة الاسلامية وستطال كافة الاحزاب والمؤسسات تباعا".
وفي واقع الحال فقد ترمز هذه التصريحات الى ضعف أعمال الاحتجاج والتضامن المتوخاة من سائر الاحزاب والفعاليات العربية في اسرائيل. وعقّب مصدر كبير اخر في الحركة الاسلامية على ذلك "للمشهد الاسرائيلي" بالقول: "هناك خيبة امل معينة من حجم التضامن معنا. ويبدو ان بقية الاحزاب تفضل متابعة هذه القضية هذه عبر خُرم مصالحها، مؤثرة الخاص على العام، ومع ذلك نحن بصدد اجراء الاتصالات مع الاخوة في بقية الحركات من اجل رفع سقف التنسيق والتضامن".
في المقابل تواصل الحركة الاسلامية الاحتجاج على استمرار اعتقال قادتها، اذ سيتم تنظيم مظاهرة كبيرة قبالة المحكمة المركزية في تل ابيب يوم 08.06.03، وهو اليوم الذي تنتهي فيه مدة تمديد الاعقال للشيخ رائد وزملاته.
وفي اليوم المذكور من المتوقع ان يقف المعتقلون امام ثلاثة خيارات اولها اطلاق سراحهم وثانيها تمديد الاعتقال بأمر من المستشار القضائي للحكومة ريثما ينتهي التحقيق معهم وثالثها تقديم لوائح اتهام ضدهم.
في حديث "للمشهد" قال المحامي رياض أنيس من "عداله" والذي يشارك محامين اخرين بالدفاع عن المعتقلين: "تتحدث النيابة العامة بلهجة واثقة بانها ستقدم لوائح اتهام مدعمة بالحقائق ضد اعضاء وقادة في الحركة الاسلامية لكنني اشك بان تكون بحوزتهم دلائل حقيقية حاسمة. وبالرغم من ان "الشاباك" يتعقب الحركة الاسلامية منذ ان فشل في ضربها قبل سنتين، لكن المعتقلين اكّدوا لنا عدم ارتباطهم باي جهة خارجية او داخلية يضعهم تحت طائل القانون. اعتقد ان الفرصة واردة للافراج عنهم من حيث المبدأ لكن السلطات الاسرائيلية لا بد انها تستصعب النزول عن الشجرة المرتفعة التي تسلقتها ولذلك ارجح ان تقدم لوائح اتهام ضد المعتقلين وان تستميت" النيابة العامة "لاثباتها".
واضاف انيس: "الهدف بات واضحا وهو هدف سياسي يتمثل بقصم ظهر الحركة الاسلامية ومنع المحاولات لبناء مؤسسات اهلية ذاتية لدى العرب في اسرائيل وما ينطبق على الحركة الاسلامية ينطبق على حركات وجهات عربية اخرى مستقبلاً".
وعلى رغم ان كافة الفعاليات السياسية العربية ترى بأن اعتقال قيادة الحركة الاسلامية جاء ضمن ملاحقة سياسية من شأنها ان تطال سائر الاحزاب العربية تكاد أعمال الاحتجاج والتضامن من قبلها تنحصر بالتصريحات والبيانات الصحفية حتى اليوم.
وتعليقا على هذا الموضوع تحدثنا الى الشيخ ابراهيم عبد الله رئيس الحركة الاسلامية الجنوبية فقال: " نحن على اتصال دائم مع اخواننا منذ ان بدأت الاعتقالات وقد وضعنا في خندق الدفاع عن المعتقلين كل الامكانيات المادية والمعنوية لاعتقادنا انها لا تستهدف الحركة الاسلامية بقدر ما هي تستهدف العمل الاسلامي. ولذلك شاركنا في كل الاحتجاجات والمظاهرات".
ولكن هذه النشاطات تبقى دون سقف ولن تكتفي بالتأكيد.
وعن النضال المطلوب، يقول الشيخ ابراهيم: "لا شك في اننا لم نبلغ سقف الاحتجاج المطلوب ولذلك نكتفي بمواقف وتصريحات لجنة المتابعة وسنشارك اخواننا في الحركة الاسلامية مساعيهم لكي نشكل هذا الاسبوع هيئة شعبية تمثل كل التيارات".
شوقي خطيب رئيس لجنة المتابعة اكتفى بالقول تعقيبا على سؤالنا: "اولا، المتابعة ليست المسؤولة الاولى عن تنظيم الفعاليات السياسية فهذه مهمة الاحزاب. ثانيا قامت المتابعة بعقد اجتماعات لبحث الموضوع ثم تبنت المظاهرة الاحتجاجية في ام الفحم. كما انها دائمة الاتصالات مع الحركة وسائر الاطراف لمتابعة القضية".
وضمن الاحتجاجات المستقبلية، ستبادر الحركة الاسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح الى تنظيم مهرجان "الجماهير العربية في خطر" في ام الفحم وتأمل ان يشارك فيه 100 الف انسان".
وتواصل الحركة الاسلامية رعايتها لحملة "المائة الف توقيع لنصرة المعتقلين" التي شرعت بها الاسبوع الماضي. وجاء في ديباجة عريضة التواقيع: نحن الموقعين ادناه نعرب عن استنكارنا وغضبنا الشديدين للاعتقالات السياسية بحق الشيخ رائد صلاح واخوانه المعتقلين من ابناء الحركة الاسلامية. كما نعرب عن امتعاضنا الشديد من حملة التحقيقات السياسية المستمرة مع اعضاء وقيادات الحركة والتي طالت المئاات منهم. ونطالب وزير الامن الداخلي ومختلف الاجهزة الامنية المسؤولة عن هذه الحملة الظالمة اطلاق سراح المعتقلين".
وافادنا الشيخ هاشم عبد الرحمن ان نحو 70 الف شخص وقعوا علىالعريضة حتى الان، وبعد اقل من اسبوع على بدء الحملة.
اما الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الحركة الاسلامية فلا زال ممنوعاً من التحدث للصحف بتعليمات الشرطة التي حققت معه لمدة 12 ساعة متواصلة الاسبوع الماضي .
وكانت صحيفة "هارتس" قد نشرت في ملحقها الاخير تقريرا بعنوان "الاخوان المسلمون: اسرائيليون في ام الفحم" تطرق الى سيرة الشيخ رائد صلاح منذ طفولتة ودراستة في كلية الشريعة في الخليل الى ان أصبح قائداً للحركة الاسلامية. كما القى التقرير الضوء على علاقات الشيخ رائد مع افراد اسراته مبرراً بشكل خاص حقيقة عمل والده المرحوم واثنين من اشقائه في صفوف الشرطة .