لوحظ على هامش ردّات الفعل على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخراً والتي قال فيها إن "إسرائيل ستكون إسبارطة، سوبر- إسبارطة" ومنفصلة عن العالم، أن ثمة من أعاد التذكير بأنها هي "سوبر- إسبارطة" فعلاً من نواح عدة، حتى قبل آخر المستجدات المرتبطة بتطوّرات حرب الإبادة والتدمير الشامل التي تشنها على قطاع غزة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
مع استمرار ما يوصف في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه توغّل الجيش الإسرائيلي البرّي في قلب مدينة غزة، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق ترمي إلى احتلال المدينة، وهو التوغّل الذي تشارك فيه فرقتان نظاميتان، ومن المتوقع أن تنضم إليهما فرقة أُخرى لاحقاً بينما تنتشر فرقتان إضافيتان في وضعية دفاعية، يُلاحظ أن تركيز معظم وسائل الإعلام هذه، ولا سيما محلليها العسكريين، هو على ما يلي:
تزداد في الآونة الأخيرة التقديرات في إسرائيل التي تتوقع أن تنحو العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة في اتجاه اتساع الشرخ وأزمة آخذة في التفاقم على خلفية آخر المستجدات ولا سيما الحرب على غزة والتي اتسمت بأنها حرب متعددة الجبهات آلت، من ضمن أمور أخرى، إلى اندلاع أول مواجهة عسكرية مع إيران.
ترجّح آخر التقارير والتحليلات الإسرائيلية، وخصوصاً من جانب المحللين والمراسلين العسكريين، أن يشهد شهر أيلول الحالي تطوريْن دراماتيكييْن فيما يتعلّق بسيرورة الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023:
التطوّر الأول، مضاعفة إسرائيل حدّة القتال في مدينة غزة، تمهيداً لقيام الجيش الإسرائيلي باحتلال المدينة، بناءً على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت).
بالتوازي مع توجّه الأنظار أكثر فأكثر نحو قرار "الكابينيت" الإسرائيلي احتلال غزة، تؤكد تحليلات إسرائيلية كثيرة، خصوصاً من جانب أوساط اليمين الإسرائيلي الشريك في ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو، أن هذا القرار مرتهن في أفق السياسة التي تتمسك بها الحكومة برؤية محدّدة مؤداها تفكيك فكرة حركة حماس، والبنية التحتية الفكرية والدينية والتعليمية التي تغذي صراعها ضد الاحتلال وإسرائيل.
(1) قبل عقد من الأعوام، وتحديداً في خريف 2015، نشر ألوف بن، رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، مقالة في مجلة "ذي ماركر" الشهرية، نشرنا ترجمتها الكاملة في ملحق "المشهد الإسرائيلي"، شدّد فيها على أن تفكّك "النواة الصلبة" في المجتمع الإسرائيلي وارتفاع الوزن الديمغرافي لمن أسماهم "أقليات" أكثر تأثيراً على مستقبل إسرائيل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير ماليته في ذلك الوقت موشيه كحلون، وعائدات الغاز الطبيعي. وأشار إلى أن تزايد أعداد اليهود الحريديم (المتشددون دينياً) والمنتمين إلى الصهيونية الدينية في مقابل تراجع أعداد "العلمانيين" (*) يُعدّ أبرز التغييرات الديمغرافية في المجتمع الإسرائيلي وسوف يتعمق خلال الأعوام المقبلة ("المشهد الإسرائيلي"، 22/9/2015).
الصفحة 1 من 51