المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
زيادة أرباح البنوك الإسرائيلية بنسبة 18.5% خلال عام. (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 240
  • برهوم جرايسي

صدر في الأيام الأخيرة، التقرير السنوي الدوري لبنك إسرائيل المركزي، عن البنوك التجارية الإسرائيلية، عن العام الماضي 2024، والذي أكد مجددا على أن البنوك سجلت العام الماضي ذروة جديدة في أرباحها، بما يلامس 30 مليار شيكل كربح صاف (8.33 مليار دولار)، زيادة بنسبة 18.5% عن أرباح 2023. وما أجج الجدل، هو أن حصيلة أرباح البنوك الأولية، في الربع الأول من العام الجاري، تشير إلى أن البنوك قد تحقق زيادة أخرى، ولو محدودة، في أرباحها في العام الجاري 2025. وفي الأسبوع الماضي، أعلن بنك إسرائيل المركزي عن إبقاء الفائدة البنكية عند مستواها، مع تلميح إلى أن خفض الفائدة سيكون في وقت أكثر متأخرا من التوقعات السابقة.

وقالت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، التابعة لصحيفة "هآرتس"، إن أرباح البنوك الإسرائيلية ارتفعت في السنوات الأربع الماضية، من العام 2021 إلى العام 2024، بنسبة سنوية بمعدل 15.5%، في حين أن أرباحها السنوية ارتفعت في السنوات الأربع التي سبقت بنسبة 8% سنويا.

لكن في حسابات أخرى، ومقارنات أجريناها لهذا التقرير، تبين أن ما حققته البنوك من أرباح في العام الماضي 2024، كان أعلى بنسبة فاقت 67% عما حققته من أرباح في العام 2020. ومصدر الأرباح الأكبر هو الفائدة البنكية العالية، خاصة وأن البنوك تزيدها على القروض، وتنتقص منها على الإيداعات، وسط غياب أنظمة وقوانين تلجم البنوك، وهذا ما يقود إلى انتقادات للبنوك، لكن بشكل خاص انتقادات للبنك المركزي.

ونهج هذه البنوك في مسألة الفوائد يقف وراء تفضيل الجمهور إبقاء مبالغ ضخمة في حساباتهم الجارية، وعدم إيداعها في برامج توفير، بسبب الفائدة البنكية الهشة، ثم تأتي ضريبة بنسبة 25% على الأرباح، ما يجعل الأرباح الصافية أقرب إلى الصفر نسبيا.

فحتى نهاية العام 2024، كان في الحسابات الجارية ما مجموعة 200 مليار شيكل (قرابة 55.6 مليار دولار).

كذلك توقفت الصحافة الاقتصادية عند ما استعرضه التقرير عن شكل تصرّف البنوك مع مواردها وأرباحها، ومن بين النقاط المركزية، كان الصرف المتزايد على كبار موظفي البنوك، الذين ازداد عددهم بقدر كبير، وكذا رواتبهم العالية جدا. إذ يظهر من تقرير البنك المركزي، الذي استعرضته الصحافة الاقتصادية، أنه في العام الماضي 2024، ازداد عدد الموظفين الكبار في البنوك التجارية، الذين يبلغ حجم الصرف على راتب كل واحد منهم 1.2 مليون شيكل سنويا، بنسبة 5.5%، من قرابة 740 موظفا في العام 2023 إلى أكثر من 780 موظفا في العام الماضي.

كذلك تبين أن 45 ألف موظف في هذه البنوك، بلغ حجم الصرف على راتب كل واحد منهم نصف مليون شيكل، والقصد هنا، الراتب غير الصافي، ومدفوعات البنك عنه للضمانات الاجتماعية، وامتيازات أخرى.

وتعكس بيانات العام 2024 اتجاها طويل الأمد لخفض القوى العاملة، إلى جانب زيادة في متوسط ​​الأجور، وهو الاتجاه الذي يمكن ملاحظته بشكل خاص عند النظر إلى العقد الماضي. وظل متوسط ​​عدد الوظائف في اتجاه تنازلي مستمر منذ العام 2011، عندما كان حوالي 50 ألف وظيفة. وهذا يعني أنه خلال 13 عاما انخفض عدد الوظائف بنسبة 27%. من ناحية أخرى، ارتفع إجمالي نفقات الرواتب (بما في ذلك النفقات المرتبطة بها) خلال هذه الفترة بنسبة 40% لتصل إلى حوالي 40 ألف شيكل شهرياً (485 ألف شيكل سنوياً).

وقال المحلل الاقتصادي سامي بيرتس، في مقال له في صحيفة "ذي ماركر"، إن "مضاعفة العائد على رأس المال خلال فترة شهد فيها الاقتصاد أزمتين هائلتين، جائحة فيروس كورونا والحرب على غزة، أمر يتطلب التفسير. فبعد كل شيء، كان من المتوقع أن تؤدي مثل هذه الأزمات الكبرى، التي تشل النشاط الاقتصادي لفترات طويلة، وتضع ربع العاملين في الاقتصاد في إجازة غير مدفوعة الأجر، وتؤدي إلى إخلاء منطقتين من البلاد من سكانهما، وترسل مئات الآلاف من الناس إلى فترات احتياطية طويلة يتم خلالها إخراجهم من سوق العمل، إلى إحداث فوضى في الميزانيات العمومية للبنوك وتسبب لها خسائر فادحة، إلى درجة تقويض استقرارها".

وتابع بيرتس: "يتحمل بنك إسرائيل مسؤولية عامل آخر ساهم في تحسين ربحية البنوك، وهو رفع مستوى الفائدة. فلقد عرفت البنوك كيفية الاستفادة من الفوائض الكبيرة من الأموال الموجودة في حساباتنا الجارية لتوليد الدخل منها بدون فرض فوائد على تلك الأرصدة على المودعين. ومن الممكن أن تكون الأزمات الكبرى أحد الأسباب التي تدفع الجمهور إلى الاحتفاظ بالأموال السائلة في حساباته الجارية والتخلي عن الفائدة التي كان من الممكن أن يحصل عليها إذا ما استثمر هذه الأموال في قنوات توليد العائد. وتستفيد البنوك أيضًا من هذا السلوك".

وكما ذكر فإنه بعد يوم ويومين، من نشر البنك المركزي تقريره عن البنوك، حول نشاطها في العام الماضي، صدرت تقارير البنوك الإسرائيلية الخمسة الأكبر، وتبين منها أن اجمالي أرباحها في الربع الأول من العام الجاري بلغ 7.7 مليار شيكل (2.14 مليار دولار)، وهي شبيهة بحصيلة أرباح هذه البنوك، في ذات الفترة من العام الماضي، ما يعني أنها ستحافظ على ذروة أرباحها في العام الماضي، إذا لم تزدها بقليل، حسب ما هو ظاهر حتى الآن.

وكانت حوالي 63% من هذه الأرباح لدى أكبر بنكين، "هبوعليم" الذي سجل أرباحا بقيمة 2.4 مليار شيكل، وهي زيادة بنسبة 25% عن أرباح ذات الفترة من العام الماضي. في حين حقق البنك الثاني، ليئومي، نفس حجم هذه الأرباح، 2.4 مليار شيكل، لكن هذه شكلت تراجعا بنسبة 24% عن أرباح البنوك في الفترة ذاتها من العام الماضي.

تراجع احتمالات خفض الفائدة هذا العام

أعلن بنك إسرائيل المركزي، في الأسبوع الماضي، الإبقاء على الفائدة البنكية الأساسية، وهي بالمجمل 6%، منها 1.5% ثابتة. وهو قرار كان متوقعا، خاصة بعد الإعلان عن مؤشر غلاء (التضخم المالي) لشهر نيسان الماضي، الذي ارتفع بنسبة 1.1%، ورفع حصيلة التضخم في الأشهر الـ 12 الأخيرة إلى مستوى 3.6%.

وبحسب ما نشر، فإن خبراء بنك إسرائيل باتوا يقللون من احتمال خفض الفائدة البنكية هذا العام، وإن حصل هذا فقد يكون في الربع الأخير من العام الجاري، إلا إذا حصلت مفاجأة اقتصادية.

وتتجه الأنظار إلى مؤشر الغلاء في شهر أيار الجاري، الذي سيتم الإعلان عنه في منتصف الشهر المقبل. والتقديرات مختلفة حوله، إلا أن هناك من يتوقع أن يفاجئ مؤشر أيار بتراجعه، نتيجة تراجع تأثير ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، وأيضا تراجع أسعار الوقود.

وبذلك، فإن قرار بنك إسرائيل شبيه بقرار البنك الفيدرالي الأميركي، الذي قرر أيضاً إبقاء نسبة الفائدة من دون تغيير عند مستوى متوسط ​​قدره 4.5%. من ناحية أخرى، خفض البنك المركزي الأوروبي مستوى الفائدة في نيسان إلى مستوى متوسط ​​بلغ 2.4%.

وقالت اللجنة المختصة بالفائدة البنكية في بنك إسرائيل المركزي، في تقريرها، لتفسير قرارها، إنه "باستثناء الرحلات الجوية الخارجية، التي تشهد أسعارها تغيرات موسمية كبيرة، بلغ معدل التضخم السنوي في نيسان 3.5% (القصد الأشهر الـ 12 الأخيرة). وبحسب تقييم اللجنة، هناك عدة مخاطر محتملة لتسارع التضخم، أو عدم اقترابه من الهدف: التطورات الجيوسياسية وتأثيراتها على النشاط الاقتصادي، وقيود العرض، وتدهور ظروف التجارة العالمية، وتقلب سعر صرف الشيكل".

وأشارت اللجنة إلى أن التعافي الاقتصادي لا يزال معتدلا، وسط حالة من عدم اليقين، وأن التضخم، الذي ارتفع بشكل حاد في نيسان الماضي، سيعود إلى هدفه وفقا لتوقعات المتنبئين في وقت لاحق عن التقديرات الأولية، ما يعني تقليل احتمالات خفض الفائدة البنكية بدفعتين هذا العام، وفق التقديرات السابقة، وفي أحسن الأحوال قد يتم خفض الفائدة مرة واحدة في نهايات العام الجاري.

وفي المقابل، عرضت اللجنة الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد بأن التضخم لن يتسارع، إذ يشير البنك إلى وجود دلائل على الاعتدال في سوق العمل، وزيادة طفيفة في البطالة، بحيث قد تخف مشكلة العرض في سوق العمل. ومن ناحية أخرى، عرضت اللجنة مخاطر التسارع المحتمل للتضخم أو فشله في الوصول إلى الهدف: التطورات الجيوسياسية وتأثيراتها على النشاط الاقتصادي؛ قيود العرض؛ تدهور ظروف التجارة العالمية؛ والتقلبات في الشيكل.

وقالت صحيفة "ذي ماركر" إن كافة التقديرات الأولية كانت تشير إلى أن اللجنة النقدية ستبقي على مستوى الفائدة بدون تغيير وتؤجل الجولة المتوقعة من تخفيضات مستوى الفائدة إلى النصف الثاني من العام. وتعززت التقديرات بعد نشر مؤشر أسعار المستهلك لشهر نيسان، والذي فاجأ كل التوقعات وارتفع بنسبة 1.1% في ظرف شهر واحد، مما رفع التضخم (زيادة المؤشر في آخر 12 شهرًا) إلى 3.6%، مقارنة بـ 3.3% في آذار، أي أعلى من الحد الأعلى ل

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات