هذا ما تؤكده وقائع آخر أسبوع بدءاً من التحريض على الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية إلى الاستيطان في سلوان واقتحامات المسجد الأقصى المبارك
تزايدت في الآونة الأخيرة اقتحامات المستوطنين واليهود المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وباتت هذه الاقتحامات يومية، خاصة في ساعات الصباح، وفي الوقت نفسه يُمنع المسلمون من الدخول إلى الحرم والصلاة في المسجد الأقصى.
وأدى هذا النظام الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتقاد، وبحق، أن إسرائيل تحاول تقسيم أوقات الصلاة زمنيا بين المسلمين واليهود، بعد أن قسمت الحرم الإبراهيمي مكانيا بين المسلمين واليهود.
توحي الحملة لتشجيع الإسرائيليين على الهجرة إلى العاصمة الألمانية، برلين، والتي تعصف بإسرائيل في الفترة الأخيرة، بأن الإسرائيليين انضموا إلى الشعوب التي تعيش، أو يعيش قسم منها، في فقر وضائقة اقتصادية وخوف من نزاعات مسلحة، ويهجر قسم من هذه الشعوب أوطانه سعيا وراء حياة أفضل وأكثر أماناً.
هذه الحال، على الأقل، هي حال أكثر من خمسين ألفا من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، وغالبيتهم العظمى من السودان وإريتريا، الذين وصلوا إلى إسرائيل في الأعوام الأخيرة الماضية، رغم الفرق في التعامل مع المهاجرين الإسرائيليين في برلين وغيرها من مدن أوروبا وأميركا، حيث يحصلون على العمل الذي يناسبهم ويعيشون في رفاهية وسكينة بمستوى أعلى من إسرائيل، فيما إسرائيل تطارد الأفارقة وتسجنهم وتقطع عنهم سبل العيش وتنتهك حقهم الإنساني في اللجوء.
يبدو أن الهجرة من إسرائيل عادت لتحتل مركز أساسيا في دوائر النقاش والجدل داخل إسرائيل. وذكرت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أن الحديث حول هجرة اليهود من إسرائيل إلى الولايات المتحدة وأوروبا تزايد في الفترة الأخيرة، بما في ذلك على خلفية الحرب على قطاع غزة.
وعلى ضوء هذا النقاش، نشرت القناة الثانية استطلاعا للرأي، في بداية شهر أيلول الحالي، وبعد مرور عشرة أيام تقريبا على انتهاء العدوان على غزة، تبين منه أن 30% من الإسرائيليين لن يترددوا في التفكير بالهجرة من البلاد في حال سنحت لهم الظروف. بينما قال 56% فقط إنهم لن يهاجروا حتى لو سنحت لهم الفرصة.
قبل أيام معدودة من استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بوساطة مصر في القاهرة، بعد غد الأربعاء، دوّت خمس صفارات إنذار في المستوطنات اليهودية القريبة من قطاع غزة، وأثارت مخاوف لدى سكان جنوب إسرائيل حول احتمال استئناف الحرب.
ورغم أنه تبين، كما أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا حول ذلك، أن هذه كانت صفارات كاذبة وأنها انطلقت من دون إطلاق صواريخ من قطاع غزة، إلا أن هذا لم يمنع رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه يعلون، من توجيه تهديدات جديدة إلى الفصائل الفلسطينية.
رغم مرور قرابة عشرين يوما منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وفي مقدمتها حركة حماس، إلا أن الأجواء في جنوب إسرائيل، خاصة في البلدات القريبة من الشريط الحدودي مع القطاع المسماة "غلاف غزة"، وكذلك في بلدة سديروت ومدينة أشكلون (عسقلان)، تسودها تخوفات من تجدد الحرب وانعدام الثقة بالحكومة الإسرائيلية.
تعتبر إسرائيل حتى الآن أنها في مأمن من تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويركز الخطاب الإسرائيلي الرسمي على أنه لا فرق بين تنظيمات "داعش" و"جبهة النصرة" وتنظيم القاعدة، التي تجمع غالبية دول العالم على أنها تنظيمات إرهابية متطرفة، وبين حركة حماس وحزب الله اللذين ينظر إليهما على أنهما حركتا مقاومة، رغم تحفظ عدة دول عربية من هذه الصفة.
رغم ذلك فإن ظاهرة "داعش" تثير تخوفات في إسرائيل لكن باتجاه آخر. فبعد سنوات من محاولاتها إقناع العالم بأن إيران تشكل "التهديد الأكبر على السلام العالمي" والتحريض على ضربها بسبب برنامجها النووي الذي تقول إسرائيل إنه برنامج عسكري، وبعد إبرام الاتفاق الأولي بين دول 5 + 1 وإيران، وبدء المحادثات حول اتفاق نهائي بين الجانبين، تتردد أنباء الآن عن أن الولايات المتحدة وإيران قد تقفان في جانب واحد في الحرب ضد "داعش".
الصفحة 37 من 61