يقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ("أوتشا")، أن ما لا يقل عن 74 أسرة فلسطينية، قد هُجّرت في المنطقة (ج) بالضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول بسبب تصاعد عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول. وقالت في تقرير أخير لها إن العائلات المهجرة تضم 545 فرداً أكثر من نصفهم أطفال، من 13 تجمعاً رعوياً أو بدوياً. هذه المنطقة، (ج)، تعادل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية المحتلة!
"من وجهة نظر مَن يرغب في تعميق المشروع الاستيطاني وتوسيعه في الضفة الغربية وليس معنياً بحل دولتين لشعبين لإنهاء الصراع، اعتُبرت حركة حماس حلاً ممتازاً. فقد اعتقد اليمين في إسرائيل أنه، مع حماس، بالإمكان إدارة الصراع على نار هادئة، إذ لن تطلب هذه الحركة الدخول في مفاوضات لأنها غير معنية بالمفاوضات، فكم بالحري وهي تُعلن جهاراً أن هدفها هو القضاء على دولة إسرائيل، فكيف ستجري مفاوضات معها؟... إن هذه الرؤية، التي تقوم على الاعتقاد بإمكانية احتواء الصراع، انهارت واختفت من العالم صبيحة يوم السبت السابع من تشرين الأول"!
لا ريب في أننا سنكتب مزيداً من المقالات عن عملية "طوفان الأقصى" التي كانت عبارة عن هجوم مباغت شنته حركة "حماس" على منطقة المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة والمعروفة باسم "غلاف غزة" يوم 7 تشرين الأول 2023 واستجرّت على الفور إعلان إسرائيل الحرب على القطاع تحت مُسمّى "السيوف الحديدية" وهي ما زالت مستمرة حتى الآن، ولا سيما من زاوية تناولها إسرائيلياً وما تنطوي عليه من تداعيات شتّى.
في اليوم الثاني لمعركة طوفان الأقصى، تناقلت بعض وسائل الإعلام خبراً مفاده أن جهة ما حذّرت إسرائيل من أن المقاومة في قطاع غزة تخطّط لهجوم وشيك قبل أيام. صحيح أن هذا الخبر لم يكشف عن طبيعة هذه التحذيرات، أو أية تفاصيل حول هذه المعلومات التي نُقلت لإسرائيل، إلّا أنها أثارت بعض الشكوك- على الأقل لدى بعض الإعلاميين والمراسلين العسكريين في إسرائيل- لا سيّما أن صوابية هذه المعلومة تعني أن سيناريو "القصور الاستخباراتي" الذي سبق حرب أكتوبر- "حرب يوم الغفران" 1973 تكرّر مرة أخرى في العام 2023، رغم أن هذه اللعنة لم تُغادر النخب الأمنية والعسكرية منذ ذلك الحين. في أعقاب ذلك، خرج بنيامين نتنياهو في كلمة مصوّرة نفى فيها أن تكون إسرائيل تمتلك أية معلومات حول الهجوم، أو أن أي جهة أبلغتهم بنية المقاومة تنفيذ عملية من قطاع غزة. لكن، تبيّن بعد عدّة أيام أن ما أدلى به نتنياهو غير صحيح، وأن هناك بعض المؤشرات والتحذيرات كانت قد نُقلت بالفعل إلى المستويين الأمني والعسكري في إسرائيل عبر جهة لم يتم تحديدها لكن لم يتم التعاطي معها بجدّية إسرائيلياً؛ حيث لم تلجأ الأخيرة إلى رفع مستوى الجهوزية ولا حتى إعلان حالة التأهب على الحدود تحسبّا لهجوم مُحتمل. في هذه المساهمة، نُلقي الضوء على أبرز المُعطيات التي نشرها بعض المحللين العسكريين للصحف العبرية في أعقاب تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الذي أكّد فيه أنه بالفعل كانت هناك إشارات وصلت لإسرائيل حول هجوم وشيك، أو مثيرة للشكّ حول وجود شيء ما غريب، لكنها لم ترتقِ لمستوى المعلومة الاستخباراتية.
الصفحة 108 من 892